بعد “ثورة الجلاليب”.. دوائر السيسي تخشى “ثورة المدن” في مارس بسبب الشهر العقاري

- ‎فيأخبار

جدل كبير يدور في دوائر نظام السيسي عقب تصديق قائد الانقلاب العسكري على تعديلات قانون الشهر العقاري، التي تفرض على المصريين جبايات جديدة ، تأتي عقب سيل من الغضب الشعبي من إجراءات قانون التصالح على مخالفات البناء. وعبر المتحدث باسم مجلس وزراء الانقلاب نادر سعد، عن تلك المخاوف، بتأكيده أن كافة الأراضي والعقارات في القرى معفية من إجراءات التوثيق بالشهر العقاري والضرائب، وذلك بعدما رصدت الأجهزة الأمنية غضبا كبيرا في الأوساط الشعبية والمناطق الريفية من القرارا العشوائي الجديد للسيسي.
وفي سياق المخاوف التي تعبر عنها الدوائر الاستخبارية من تبعات قرار عدم الاعتراف بعقود المواطنين على مساكنهم، إلا بتوثيق يكلف الآلاف من الجنيهات في وقت بالغ الصعوبة الاقتصادية، طالب عدد من أعضاء اللجنة التشريعية بمجلس نواب العسكر بتأجيل تطبيق التعديلات اﻷخيرة التي أدخلت على قانون الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946، والمقرر بدء العمل بها في مارس المقبل.
ويسري التعديل الذي صدق عليه عبدالفتاح السيسي، سبتمبر الماضي، بأثر رجعي على جميع العقارات غير المسجلة في مصر، بناء على المادة 35 مكرر، التي أضيفت على القانون، وبموجبها لن يتمكن المتصالحين من إدخال المرافق أو إكمال البناء إلا بعد تسجيل العقار أو الوحدة فى مصلحة الشهر العقارى.
فيما ذهب عضو اللجنة عاطف مغاورى، إلى أن التعديلات توقيتها غير مناسب كونها أشبه بـ«وضع سيف على رقاب المواطنين الذين لم يلتقطوا أنفاسهم من قانون التصالح فى مخالفات البناء»، مقترحًا أن يتم البدء فى تطبيق التعديلات نهاية 2021 ليكون أمام الناس فرصة لاستكمال أوراقها وعمل تسهيلات.
وانتقد مغاوري توقف إدخال المرافق للمباني على تطبيق تعديلات الشهر العقارى، في حين يسمح قانون التصالح للمالك بإدخال المرافق.
بينما اقترح عضو اللجنة التشريعية بمجلس نواب الانقلاب على بدر، عقد جلسة عامة ببرلمان العسكر بحضور وزير عدل الانقلاب، بمجرد شفائه من فيروس كورونا، وذلك للرد على جميع الاستفسارات الخاصة بالمواطنين حول تعديلات القانون.
وفي محاولة أخرى لإرجاء تطبيق تعديل القانون، أعلنت عضوة لجنة الصناعة ببرلمان العسكر، إيفلين متى، تقدمها باقتراح لتعديل «المادة 35 مكرر» من القانون، بالإضافة إلى طلب إرجاء تنفيذ «المادة 35».

"سبتمبر" جديد
ويبدأ تطبيق تعديل إجراءات التوثيق بالشهر العقاري يوم 6 مارس المقبل، على أن يكون تطبيق الإلغاء ليس على السنوات المقبلة، بل وصل إلى عدم الاعتراف بما تم به خلال السنوات الماضية من صحة توقيع وغيرها، رغم صدورها من المحاكم القضائية على الوحدات السكنية وغيرها، وإلزام المواطن بضرورة توثيق ملايين الوحدات في الشهر العقاري وهو ما يكلف المواطنين أعباء مالية كبيرة لارتفاع أسعار التوثيق.
يشار إلى أن عملية صحة التوقيع بالمحاكم المصرية تتميز بتكلفتها القليلة ما بين ألف جنية و1500 جنيه بأتعاب المحامي ، فضلا على إجراءاتها البسيطة، أما التوثيق في الشهر العقاري فتصل تكلفته إلى ما بين 15 إلى 20 ألف جنيه حسب مساحة الوحدة السكنية، وتزيد عن 100 ألف جنيه في حالة توثيق مبنى به العديد من الوحدات السكنية.
وفي خطوة استفزازية قال رئيس قطاع مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، جمال ياقوت، إنه لن يتم الاعتراف بأي عقد غير مسجل بالشهر العقاري نهائيا، وإن الحكم القضائي بهذا الشأن يصبح واجب القيد إذا لم يتم الطعن عليه في المدة المحددة، مشيرا إلى أن دور الشهر العقاري يقتصر على بحث الملكية فقط وتنفيذ تعديلات القانون الجديد. 
لم يقف الأمر عند إلزام الحكومة صاحب العقار بتوثيق عقاره، لكن من الأمور التي ستهدد ملايين المصريين، عدم توصيل الخدمات مثل الكهرباء والغاز والمياه والهواتف إليهم في حالة عدم التوثيق في الشهر العقاري، وهو ما أصاب المواطنين بحالة من الإرباك، خاصة ملاك الوحدات السكنية الجديدة.
وبحسب قانونين، فإن إلغاء "صحة التوقيع" المبرمة خلال السنوات الماضية بين ملاك الوحدات السكنية والمشترى، يعد أمرا غير قانوني، فدعوى صحة التوقيع التي أجريت على مدار السنوات الماضية تعد سندا قانونيا لمالكي العقارات بكافة المحافظات، وعدم الاعتداد به يعد طعنا لساحة القضاء بعدم الاعتراف بأحكامه، وعدم احترام شعار الجمهورية المذيل بأوراق صحة التوقيع.
جباية مستمرة 
التعديل الجديد استهدف تحصيل مليارات الجنيهات لخزانة الحكومة من جيوب المواطنين، وهو ما لم يتحمله متوسطو الدخل والفقراء، وهو ما رد عليه السيسي ونظامه بتعديل برلماني على قانون الشهر العقاري، باستحداث تعديل في نص المادة 35 مكرر، والتي بموجبها لا يستطيع أي مواطن توصيل خدمات لوحدة عقارية قبل تسجيلها بالشهر العقاري، وهي المادة التي أثير بشأنها جدل كبير، لوجود عيوب بها أثناء مناقشتها بمجلس نواب العسكر السابق 2020، رغم ذلك أقرها المجلس في أغسطس الماضي، على أن يبدأ سريانها بعد ستة أشهر.
ويتكبد المواطنون، إثر التعديل الجديد، بداية من رسوم التسجيل التي تصل إلى 2000 جنيه، بخلاف ضريبة دمغة تقدر بـ 2.5% من قيمة العقد، ورسم هندسي في حدود ألف جنيه، ورسم دعوى في حدود من 500 إلى 1000 جنيه حسب قيمة العقد، ورسوم تحت الحساب تدفع 75% منها والباقي عند تسجيل الحكم. كما يحتاج المواطن شهادة من الجهة المحلية "حي المنطقة" تفيد بأن العقار خال من المخالفات، وبالتالي فإن الإجراءات مرهقة ماليا وقانونيا لصاحبها، وإجراءاتها تستغرق وقتا أطول بكثير من دعوى صحة التوقيع، ربما تستغرق عاما كاملا، وهو ما يفاقم أزمات المواطن التي ثار ضدها في سبتمبر الماضي، اذ يتواجه المواطن بضرورة اتمام اجراءات التصالح على قانون البناء، لكي يتمكن من تسجيل العقار الذي يملكه.
بل إن تسجيل العقارات يفتح بابا آخر على المواطن، بإدراج العقار للضريبة العقارية التي ستحمل المواطن أعباء إضافية. 
وتأتي الجبايات الجديدة في وقت أنهكت الملايين من المصريين البطالة والغلاء والفقر. وبلغت نسبة الفقر في مصر 29.7% في العام المالي الماضي 2020/ 2019،
وعلاوة على الإتاوات المتتالية على المواطن البسيط، تتفاقم أزمات الغلاء وعجز المستشفيات أمام جائحة كورونا ما قد يدفع المواطنين للثورة مجددا كما خرج الآلاف في سبتمبر الماضي ضد هدم منازلهم، متحدين جرافات حكومة الانقلاب. 

كل تلك الكوارث الاقتصادية التي يواجهها المواطن، فانه من غير المستبعد أن ييثور أهالي المدن، سواء في المناطق الراقية أو العشوائية أو الشعبية، وليس بعيدا عنها أهالي الريف، ضد جبايات السيسي التي لا تتوقف بهدف تمويل خزائنه الفارغة بسبب توقف الدعم المالي المقدم من حلفائه الخارجيين كالإمارات والسعودية، بجانب الإنفاق الملياري على مشاريع السيسي المليارية كالعاصمة الإدارية والعلمين والجلالة.