محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.. السيسي يواصل انتهاك المعايير القانونية والدستورية

- ‎فيحريات

طالب زكي عباس عضو مجلس نواب العسكر عن دائرة الجيزة والدقي بإحالة أي موظف أو مسؤول مخالف في الوحدات المحلية للمحاكمة العسكرية ما اعتبره حقوقيون وقانونيون حرمانا للمدنيين من حقوقهم القانونية والقضائية، معتبرين أن مطالبة نائب العسكر تأتي استكمالا لما أقره عبدالفتاح السيسي من تعديلات شملت منح الجيش حق اعتقال المدنيين وسط مخاوف من تقنين عسكرة الدولة وتوسيع صلاحيات السيسي.

وقد استخدمت المحاكم العسكرية أول مرة ضد المدنيين في مصر عام 1954 في قضية محاولة اغتيال جمال عبدالناصر ومنذ ذلك الحين تعرض العشرات من المدنيين للمحاكمات العسكرية في فترات متفرقة تحت حكم كل من جمال عبدالناصر وأنور السادات والمخلوع مبارك.

وفي عهد قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي صدر في 27 أكتوبر عام 2014 مرسوم بقانون يوسع اختصاص القضاء العسكري، وتضمن مرسوم القانون جرائم التعدي على طيف واسع من المنشآت بما فيها محطات وشبكات وأبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق والكباري وغيرها من المنشآت والمرافق والممتلكات العامة وما يدخل في حكمها.

ووسع القانون الجديد الذي أصدره السيسي اختصاص المحاكم العسكرية إلى حد بعيد ومنحها أوسع سلطان قانوني في تاريخ مصر، وكان قبلها يقصر الدستور وقانون القضاء العسكري المحاكمات العسكرية على القضايا التي تمس مباشرة القوات المسلحة أو ممتلكاتها رغم ان حالة الطوارئ التي استمرت 31 عاما في البلاد والتي انتهت في 2012 كانت تسمح لرئيس الجمهورية بإحالة مدنيين للقضاء العسكري.

وفي 2020 أقر السيسي تعديلات في قانون الطوارئ شملت منح الجيش حق اعتقال المدنيين وأتاحت التعديلات الجديدة في القانون تولي قوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ أوامر رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه فإذا تولت القوات المسلحة هذا التنفيذ يكون لضباطها ولضباط الصف بها اختصاصات مأموري الضبط القضائي بينما تختص النيابة العسكرية بالتحقيق في الوقائع والجرائم التي يتم ضبطها بمعرفة القوات المسلحة خلال فترة الطوارئ.

ومن جانبه قال خلف بيومي مدير "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" إن عبدالفتاح السيسي يسعى بقوة لعسكرة الدولة وتسخير كل إمكاناتها لصالح الجيش وتمكين القوات المسلحة من بسط سيطرتها على كافة التفاصيل في الدولة سواء كانت في السلطة التنفيذية أو القضائية أو التشريعية وهو ما يتضح من كمية التشريعات الاستثنائية التي صدرت منذ 2013.

وأضاف بيومي، في حواره مع برنامج القضية على قناة مكملين، أن الجيش أراد بسط نفوذه على المنشآت العامة والتعديل القانوني الذي أصدره السيسي 136 لسنة 2014 كان بداية التوسع في صلاحيات القوات المسلحة بأن أعطى للمؤسسة العسكرية الحق في محاكمة كافة الجرائم التي ترتكب ضد بعض المنشآت العامة والتي كانت من بين اختصاصات القضاء العادي قبل هذا التاريخ.

وأوضح بيومي أن تصريحات زكي عباس لا محل لها من الإعراب وتأتي ضمن مسلسل التطبيل للعسكر، لافتا إلى نص الدستور على أن القوات المسلحة مختصة كجهة قضائية تختص دون غيرها في الفصل في النزاعات المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة، ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تقع على المنشآت العسكرية أو ما في حكمها.

وأشار بيومي إلى أن القضاء العسكري عليه 3 ملاحظات؛ الأولى أنه قضاء غير مستقل لأن أحكامه ليست نهائية ولا تصبح نهائية إلا بعد توقيع الحاكم العسكري وهو غالبا لم يعتل منصة القضاء في يوم من الأيام، كما أن القضاء العسكري غير مختص لأنه يختص بمحاكمة العسكريين، بالإضافة إلى أنه غير مؤهل إلا للفصل في الأمور العسكرية فقط.

ولفت إلى أنه منذ الانقلاب العسكري وحتى عام 2017 بلغ عدد المدنيين الذين حوكموا أمام القضاء العسكري أكثر من 11ألف مدني، مضيفا أن هذه المحاكمات العسكرية للمدنيين تعتبر انتهاكا للمعايير القانونية والدستورية ولا تتسق مع المعايير القانونية الدولية الخاصة بالمحاكمات العادلة.

ونوه إلى أن المحاكمات التي تتم للمدنيين أمام القضاء العسكري لا تتوافر فيها ضمانات المحاكمة العادلة وقد نص الدستور المصري على ضرورة محاكمة كل مواطن أمام قاضيه الطبيعي.