النهب للجميع.. “الزراعة” تنكد على الفلاح وتخترع “سبوبة” ترخيص ماكينة الري

- ‎فيتقارير

حذر اقتصاديون ومختصون بالشؤون الزراعية من الآثار السلبية التي سيعاينها المزارعون بمصر، نتيجة توسع عصابة الانقلاب في الجباية التي تفرضها على المزارعين والقطاع الزراعي، مؤكدين أن الجيش بدأ في احتكار المنتجات الزراعية، بعد أن احتكر أسواق العقارات، والمواد البترولية، ومواد البناء، واللحوم والأسماك.
ووافقت لجنة الزراعة والري في برلمان الدم، على مشروع قانون تقدمت به حكومة الانقلاب بشأن إصدار قانون الموارد المائية والري، وأعدت تقريرا بشأنه وأحالته إلى أمانة العامة للبرلمان ، لمناقشته في جلسته العامة هذا الأسبوع تمهيدا لإصداره، ويتضمن المشروع موادا لزيادة الجباية والضرائب على الفلاحين.
وتعادي عصابة الانقلاب الزراعة منذ عقود سياسات عقيمة وفاشلة يمكن أن تصل أحيانا إلى حد التآمر والذي حول مصر من دولة مصدرة للغذاء إلى دولة تستورد أكثر من 60% من غذائها.

فلوس بالكوم
بعد ثورة 25 يناير2011م، تطلع الشعب عبر انتخاب برلمان ممثل للشعب ثم رئيس مدني لأول مرة في تاريخ البلاد، إلى سياسات جديدة تنهض بقطاع الزراعة وتسهم في تحسين مستوى معيشة الفلاح، وتدفع البلاد نحو الاكتفاء الذاتي من الغذاء وعلى رأسه القمح الذي شهد طفرة في عام الرئيس الشهيد محمد مرسي، لكن هذه الأحلام تم وأدها بعنف بانقلاب 3 يوليو 2013م، يماثل العنف الذي استخدمه الجيش والشرطة بحق المعتصمين السلميين في ميدان رابعة العدوية والنهضة.
وحدد مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة من المادة 38 من قانون الموارد المائية والري الجديد ما قيمته 5 آلاف جنيه رسم ترخيص لاستخدام آلة رفع مياه.
ونصت المادة على أنه "لا يجوز بغير ترخيص من الوزارة إقامة أو تشغيل أي آلة رفع ثابتة أو متحركة تدار بإحدى الطرق الآلية أو غيرها لرفع المياه أو صرفها على مجري نهر النيل أو المجاري المائية أو شبكات الري والصرف العامة أو الخزانات، سواء لأغراض الري أو الصرف أو الشرب أو الصناعة أو غيرها وكذا رفع المياه من بحيرة ناصر، ويصدر الترخيص لمدة لا تزيد على خمس سنوات قابلة للتجديد وبعد أداء رسم ترخيص بما لا يجاوز خمسة آلاف جنيه ويستحق نصف الرسم عند تجديد الترخيص، وتنظم اللائحة التنفيذية الإجراءات والبيانات والشروط اللازمة لذلك.

السياسات التخريبية
ويرى مراقبون وسياسيون أن هذه السياسات التخريبية تفضي إلى تدمير المحاصيل الزراعية الإستراتيجية مثل القمح والأرز والقطن والذرة الصفراء وتعمد تراجع إنتاج مصر منها.
ثانيا: حصار الفلاح بقوانين وقرارات تعسفية وعدم دعمه أوتسويق محاصيله وهو ما يفضي في النهاية إلى هجره الفلاحة لقلة العائد ما يسهم في تدمير الزراعة.
ثالثا: تعزيز موقف مافيا الاستيراد خصوصا في القمح والأرز والذرة الرفيعة لحساب شركات مملوكة لأجهزة سيادية بالدولة أو جنرالات كبار تربطهم علاقات قوية بشبكة المصالح التي تهمين على مفاصل البلاد منذ عقود.
رابعا إبقاء مصر في حالة عوز مستمر في محصول القمح وإجهاص أي مساعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وهو ما يسهم في تبعية مصر لدول أجنبية كبرى باتت هي المتحكم في الفعلي في رغيف الخبز وهو ما يؤثر في استقلال القرار الوطني فمن كان خبزه من فأسه فقراره من رأسه.

حصار الزراعة!
وأفضى الانقلاب العسكري إلى مزيد من الأزمات والكوارث التي أسهمت في مزيد من تخريب الزراعة ومحاصرة الفلاح بالديون من جهة وانعدام الدعم من جهة ثانية ومنعه من زراعة محاصيل اقتصادية شديدة الأهمية بذريعة ندرة مياه الري وسد النهضة مثل الأرز وقصب السكر وغيرها.
وأدى ارتفاع أسعار مستلزمات وأدوات الزراعة في رفع تكاليف الإنتاج؛ بعد موجات الغلاء التي ترتبت على قرارات التعويم في نوفمبر 2016م.
وتعاني مصر من رقعة زراعية محدودة وزيادة سكانية مضطردة؛ ما أفضى إلى زيادة الفجوة إلى "60%" من احتياجاتها من الغذاء، فمن إجمالي مساحة مصر البالغة 238 مليون فدان، لا تزيد رقعة الزراعة الحالية علي 8,6 مليون فدان بنسبة 3,6% فقط، ويتم البناء علي مساحة مماثلة في وضع غريب لشعب يعيش علي أقل من 7% من مساحة بلده ويعاني أيضا من محدودية المياه مثلما هو الحال في محدودية الأراضي الزراعية.
وأمام هذه السياسيات التي تدور بين الفشل والتآمر، لا تتوقف صرخات العلماء وخبراء الزراعة والري المخلصون مطالبين بإعادة هيكلة القطاع الزراعي لإنتاج مزيد من الغذاء؛ لمواجهة انخفاض نسبة الأمن الغذائى، وضرورة استغلال التربة والماء للاقتراب من مستويات الاكتفاء الذاتي من الغذاء.
وهناك فجوة غذائية فى مصر تقدر بحوالى 60% من حجم الانتاج، وللقضاء عليها يتطلب هذا الأمر زراعة 10 ملايين فدان إضافية تحتاج لـ60 مليار متر مكعب مياه.
وتنخفض نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح إلى 30% بسبب زيادة ربح المزارع من زراعة البرسيم عن القمح، وتنخفض فى الفول إلى 30%، وفى العدس تنعدم زراعته حتى بعد ارتفاع أسعاره، كما نستورد 100% من احتياجاتنا من زيوت الطعام و70% من الذرة الصفراء وكلتاهما زراعات صيفية.

المساحات المحصولية
بينما المساحات المحصولية تقتصر على زراعة الأرز فى حدود 1.5 مليون فدان، انخفضت بقرار حكومي إلى حوالي 725 ألف فدان، والقطن فى مساحة ربع مليون فدان وهو عالى استهلاك المياه ويفوق الأرز فى استهلاكه لها، ثم نزرع الباقى بالذرة البيضاء التى لا سوق ولا حاجة لها سوى البيع فى البلاجات والكورنيش كذرة مشوى واستبدالها بالذرة الصفراء وعباد الشمس وفول الصويا حتمى ويحقق الاكتفاء الذاتى منهما بزراعة 2.5 مليون فدان ذرة صفراء و1.5 مليون فدان صويا وعباد شمس.
خاصة أن كسبة الصويا تباع لمصانع مصنعات اللحوم والتى تستوردها بالكامل من الخارج وبسعر لا يقل عن ثمانية آلاف جنيه للطن، بالإضافة إلى أهمية كسبة الصويا والعباد ومعهما كسبة القطن فى تصنيع الأعلاف الحيوانية والداجنة والسمكية، بينما وزارة الزراعة تعلن عن بوار 3 ملايين فدان من الأرض الزراعية فى العروة الصيفية الماضية و4 ملايين فدان فى العام السابق له بما يمثل علامة استفهام كبيرة.
أما عن العدس فالأمر لا يحتاج سوى لزراعة 100 ألف فدان منه شتاء لتحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل منه وكانت مصر واحدة من أكبر الدول المصدرة له منذ ثلاثين عاما فقط، وهى مساحة يسهل تدبيرها، وتدبير نصف مليون فدان للاكتفاء الذاتى من الفول البلدى وسط منافسة شرسة شتاء مع البرسيم بشكل أساسى ثم البنجر والقمح لأن الفلاح- وهذا من حقه- يزرع لحيواناته قبل أن يزرع لنفسه لما تدره عليه من دخل يومي من بيع اللبن وتصنيع الجبن والزبدة، وبالتالى فالأمل في الأراضي الجديدة الأقل استهلاكا للمياه في التوسع الشتوي في هذه الزراعات.