حكومة الجباية.. ضريبة جديدة على المواطنين لصالح رجال الجيش والشرطة

- ‎فيسوشيال

بالقانون بات المواطن البسيط مطالبا بسداد  ضرائب جديدة كلما طرق بابا من أبواب حكومة الانقلاب أو تحصل على خدمة من أجهزة الدولة المختلفة وشركاتها لصالح صندوق يسمى "ضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والأمنية وأسرهم". القانون أقره برلمان الانقلاب في إطار  تقديم فروض الولاء لحكومة الانقلاب التي اختارتهم للموافقة على كل ما يريده السيسي والعسكر. 

وهكذا يبدو أن الشعب هو الحلقة الأضعف في هذه الدائرة، فكلما وجدت حكومة الانقلاب نفسها أمام استحقاق ثقيل أو ضائقة مالية اتجهت مباشرة نحو الشعب ومدت يدها بالضرائب والرسوم في جيوب مواطنيه، لتعالج من خلال رواتبهم الضعيفة والهزيلة حصيلة الفساد وسوء الإدارة.

وبينما تنص المادة الأولى من القانون الخاص بصندوق الشهداء العسكريين على إمكانية ضم فئات أخرى للمستفيدين منه بقرار من رئيس وزراء الانقلاب بناء على اقتراح من وزير الانقلاب المختص؛ فقد أكدت وزيرة الصحة في حكومة الانقلاب، هالة زايد أنه ليس من سلطتها التدخل لضم الأطباء المتوفين نتيجة لجائحة كورونا إلى هذا الصندوق رغم تكرار مطالبة نقابة الأطباء بذلك. ولا يبدو الأمر عجيبا؛ فهي تعرف جيدا أن السيسي قالها صراحة: "ربنا اللي هيجازيهم احنا مش هنقدر نكافئهم".

ضد العدالة

 الخبير الاقتصادي عبدالحافظ الصاوي أمين اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة" قال إن فرض حكومة الانقلاب ضريبة جديدة لصالح صندوق تكريم ضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والأمنية وأسرهم من جيوب الشعب، يتناقض مع مبدأ العدالة الاجتماعية.

وأضاف الصاوي، في مع برنامج قصة اليوم على قناة مكملين، أن فرض برلمان السيسي ضرائب على 9 خدمات موجودة حسب القانون المنشور في الجريدة الرسمية سواء ما يتعلق بالطلاب في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي أو بعده أو المتقدمين للكليات الحربية والشرطة أو المتقدمين للمناقصات والمزايدات أو المتقدمين لأعمال المقاولات وغيرها من الخدمات بفرض 5 جنيهات أو 10 جنيهات أو بالنسبة لاشتراكات الأندية أو تذاكر حفلات الترفيه الأكثر من 50 جنيه يعد نوعا من الجباية.   

وأوضح أن برلمان الانقلاب يعيش حالة معكوسة؛ فالبرلمانات أنشئت لمحاسبة حكومة الانقلاب على الضرائب ولحماية دافعي الضرائب من سلطة حكومة الانقلاب، لكن في مصر يستخدم السيسي البرلمان كأداة لفرض المزيد من الأعباء على المواطنين سواء كانوا موظفين أو تجار أو رجال أعمال أو مستوردين أو حتى الطلاب معدومي الدخل وترعاهم أسرهم، في حين يعفي قانون آخر حاملي السندات الدولية للديون على مصر من دفع الضرائب وهو ما يشير إلى خلل ضريبي وغياب للعدالة الاجتماعية.

وأشار "الصاوي" إلى أن فرض ضريبة لصالح صندوق دعم شهداء الجيش والشرطة كان يقتضي التحدث بشفافية وإعلان قيمة حصيلة الصندوق وهل الصندوق يعاني عجزا في الموارد أم لديه فائض وما هي احتياجاته على مدار السنوات العشر القادمة وفي ضوء هذه المعلومات نحدد هل الصندوق بحاجة لفرض هذه الضريبة أم لا؟ وهل كان من الممكن أن تكون هذه التعويضات جزءا من الموازنة العامة للدولة دون إيجاد المزيد من الصناديق الخاصة التي لا يعلم عنها أحد شيئا، متوقعا أن يحقق القانون الجديد دخلا للصندوق يقارب مليار جنيه سنويا.

وتابع: "عدد الطلاب في مراحل التعليم قبل الجامعي يبلغ حوالي 20 مليون طالب وبالتالي تحقق هذه الشريحة وحدها 100 مليون جنيه للصندوق، وأيضا طلاب الجامعات عددهم 5 ملايين يضيفون للصندوق حوالي 50 مليون جنيه فيصبح إجمالي إيرادات الصندوق من الطلاب وحدهم 150 مليون جنيه، فما بالنا بحصيلة الضريبة على تذاكر المباريات والحفلات الترفيهية واشتراكات النوادي السنوية وهذا يطرح تساؤلا: هل احتياجات الصندوق تصل إلى مليار جنيه أم لا"؟          

7 سنوات عجاف

أما الناشط السياسي عباس قباري فأشار إلى أن قانون الضريبة الجديدة لا يمكن فصله عن منظومة القوانين التي تسنها حكومة السيسي من 7 سنوات، مضيفا أن الانقلاب منذ اليوم الأول قد عين لجنة تسمى لجنة الإصلاح التشريعي بهدف توحيد اتجاهات الدولة ومن بين هذه الاتجاهات مكافحة الإرهاب ووأد كل فرصة لعودة الثورة وتوسيع نظام الجباية وكل البرلمانات المتعاقبة تدور في فلك هذه التشريعات.

وأضاف قباري في حواره مع برنامج قصة اليوم أن مصر لديها مقدرات كبيرة وثروات هائلة لكن نظام السيسي يهدف إلى تكبيل المواطنين بالضرائب والديون ليعيش دائما في دوامة، مضيفا أن القانون استهدف فئات بعينها من الشعب وسبقه قانون الشهر العقاري الذي تم إرجاؤه وقانون التصالح في مخالفات البناء وقانون ضريبة الدخل.

وأوضح قباري أنه نتيجة المزاحمة بين القوانين بات السيسي يفاضل بينها لتطبيقه في هذه المرحلة وتأجيل الآخر كما حدث مع قانون الشهر العقاري، الذي تم إرجاؤه ليس لغضب الشعب بل لإتاحة الفرصة لتمرير قوانين أخرى ذات أولوية على سلم القوانين الجبائية مثل قوانين الدخل لأنها مرتبطة بشهور السنة وتحقق جباية شهرية.