تراجع مصر في مؤشرات الأمن الغذائي وأرقام الحكومة المضروبة

- ‎فيتقارير

كشفت صحيفة "إيكونوميست" البريطانية عن تراجع مصر(104 ملايين نسمة) على مؤشر الأمن الغذائي لدول العالم عام 2020، واعتبرت ذلك دليلا إضافيا على استمرار تدهور الوضع الصحي والمعيشي لملايين المصريين. واحتلت مصر المرتبة العاشرة عربيا والـ 60 عالميا، وحققت مزيدا من التراجع مقارنة بالعام الماضي عندما احتلت المرتبة السابعة عربيا والـ 55 عالميا.
وبحسب التقرير الذي نشرته الإيكونوميست فإن ترتيب الدول على المؤشر يتم على أساس 4 عوامل تشمل القدرة على تحمل تكاليف الغذاء، ومدى توافره ونوعيته والموارد الطبيعية الخاصة بالحصول عليه. ويتوافق ما جاء في تقرير الصحيفة البريطانية مع تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول تراجع حصة المواطن المصري من اللحوم نتيجة تراجع مستوى الدخل وارتفاع الأسعار.
ويتسق هذا التراجع مع ما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (رسمي) من تراجع حصة المواطن المصري من اللحوم وزيادتها في الدواجن؛ نتيجة تراجع مستوى الدخل وارتفاع الأسعار. وأظهر الجهاز انخفاض متوسط نصيب الفرد من اللحوم الحمراء إلى 7.2 كيلوغراما في 2019، مقابل 13 كيلوغراما في 2018، وارتفاع نصيبه من الدواجن إلى 13.7 كيلوغراما في 2019، مقابل 11.6 كيلوغراما عن العام السابق له. وحسب البيانات الصادرة في تقرير سنوي للجهاز، صدر الأسبوع الماضي، فقد ظهر تبدلا كبيرا في نمط استهلاك المصريين من المنتجات الغذائية الحيوانية وتحديدا في عام 2019. وللمرة الأولى منذ أكثر من عقد، وصل نصيب الفرد من الأرز إلى 26.7 كيلو جرام في 2019، مقابل 36.8 كيلو جرام في العام السابق.

أسباب التراجع
وبحسب مراقبين فإن أهم الأسباب تعود أولا إلى تزايد معدلات الفقر والتي تصل إلى نحو 60% بحسب تقديرات البنك الدولي، فتراجع استهلاك المصريين من اللحوم الحمراء بنسبة تبلغ 35% عن العام الذى يسبقة، وزيادة الاستهلاك من الدواجن بنسبة 15% تقريبا، وانخفاض الاستهلاك السنوي الإجمالي من اللحوم من 24.6 كيلو جرام إلى 20.9 كيلوغرام فيه دلالة واضحة على انخفاض دخل المصريين بوجه عام".
العامل الثاني هو تفشي جائحة كورونا، فقد أدى ذلك إلى تسريح ملايين المصريين من أعمالهم؛ وهو ماترتب عليه تخلى كثير من الأسر عن كثيرمن أنماطها الغذائية ، وبحسب دراسة لجهاز الإحصاء فإن 62% من العمالة المصرية تأثرت بسبب جائحة كورونا، وأدى ذلك إلى حدوث انخفاض في استهلاك بعض السلع نتيجة تراجع الدخل وتوقفه في بعض الشرائح مثل عمال اليومية، فتناقص استهلاك اللحوم بنسبة 25.7%، والدواجن بنسبة 22.8%، والفاكهة بنسبة 14.5%".
وكان تقرير المركزي للتعبئة والإحصاء قد كشف أن 33.2% من الأسر قالت إن دخلها لا يكفيها، وذلك في الفترة الأولى للأزمة. وكشف التقرير عن أن 50% من الأسر التي لا يكفيها الدخل للوفاء باحتياجاتها الأساسية قامت بالإقتراض، وأن 17.3% من الأسر تلقوا تبرعات من أهل الخير المحسنين، وأن 15% من الأسر قامت ببيع جزء من ممتلكاتها للوفاء بمتطلباتها الحياتية، في حين تلقت 5.4% فقط من الأسر منحة العمالة غير المنتظمة وهي 500 جنيه للأسرة لثلاثة أشهر فقط".

أرقام مضروبة
وبحسب وزارة التخطيط بحكومة الانقلاب فقد بلغ معدل الفقر في مصر 29.7 بالمئة في العام المالي الماضي (2019 ــ 2020)، وفق بيان لوزارة التخطيط المصرية حول نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك. وأشارت وزيرة التخطيط بحكومة الانقلاب هالة السعيد، إلى ارتفاع متوسط الدخل الأسري إلى 69 ألف جنيه مقابل 60 ألف جنيه في العام المالي 2017-2018 بزيادة حوالي 15%. كما قال رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، خيرت بركات، اإننا رفعنا 3.4 مليون مواطن فوق خط الفقر، إذ نفذت الدولة الكثير من البرامج الخاصة بالحماية الاجتماعية، ولأول مرة حدث تراجع في ارتفاع نسب الفقر على مستوى الجمهورية. وحدد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خط الفقر في الإحصاء الجديد عند 857 جنيها شهريا، مقارنة بـ 736 جنيها شهريا في 2018/2017، فيما انخفضت نسبة الفقر المدقع بين المواطنين من 6.2% إلى 4.5% خلال العامين الماضيين. (الدولار يساوي 15.75 جنيه).
وبحسب مراقبين فإن أرقام الحكومة مضروبة، جرى تستيفها داخل غرف ودهاليز الحكومة بناء على توجيهات أمنية، لأن الأرقام التي تزعم تراجع معدلات الفقر تأتي في وقت تزايد فيه الفقر على مستوى العالم كله بسبب جائحة كورونا، وثانيا، لعدم وجود إشارة إلى وجود أي دعم اقتصادي حقيقي يثبت صحة هذه الأرقام، فبالنظر إلى معدل الاستثمار الذي يعد هو المولد الحقيقي لابتلاع البطالة وزيادة الإنتاج والنشاط الاقتصادي، نجد أن الاستثمار الأجنبي في مصر شهد تراجعا بنسبة بلغت 23% خلال عام 2018، بينما عاود الارتفاع مرة أخرى بنحو 5% فقط خلال عام 2019. ولم تقُم الدولة على سبيل المثال بتقديم مزيد من الدعم السلعي للمواطنين من أجل دعم الفقراء، بل قامت برفع الدعم عن السلع الاستراتيجية بشكل جزئي ومتتابع، مثل الوقود والخبز والكهرباء وغيرها، ولم تتوقف عند هذا الحد، بل قامت بفرض ضرائب ورسوم جديدة، وجاءت تلك الإجراءات لتتماشى مع شروط صندوق النقد الدولي دون الالتفات إلى الطبقة الفقيرة.
ووافق البرلمان في مطلع شهر مايو 2020م، على إجراء تعديل برسوم تنمية الموارد للدولة، ليضيف ثمانية أنشطة خدمية جديدة للخضوع للرسوم، بعد إضافة ثلاث خدمات لتلك الرسوم في عام 2018، إلى جانب 16 نوعا من الخدمات موجودة مسبقاً، ليصبح مجمل الأنشطة الخاصة لرسوم التنمية 28 نشاطا تتصل معظمها بحياة المواطنين اليومية. في 29 يوليو 2020، قالت مديرة الوحدة المركزية لمبادرة حياة كريمة بوزارة التنمية المحلية، ولاء جاد الكريم: إن عدد القرى التي تزيد فيها نسبة الفقر في مصر عن 50% بلغ 1000 قرية. وفي 1 مايو 2019، أشار البنك الدولي إلى أن نحو 60% من سكان مصر إما فقراء أو أكثر احتياجا.
وتراجعت السياحة التي تمثل أحد مصادر الدخل القومي المهمة في 2020م بنسبة تصل إلى نحو 69%، وخروج استثمارات أجنبية مباشرة بلغت نحو 8.4 مليار دولار خلال العام المالي الأخير 2020/2019، كما تراجع عدد الشركات التي تم تأسيسها خلال عام الجاري بنحو بلغ 87.4%، في شهر إبريلفقط. وتشير هذه التقديرات إلى أن هناك أعدادا كبيرة من المصريين خسروا وظائفهم أو مصادر رزقهم، بالإضافة إلى تراجع فرص العمل المعروضة. فكيف بعد كل هذه الكوارث تزعم حكومة الانقلاب أن معدلات الفقر تراجعت؟ وهل يصدق أحد هذه الأرقام المضروبة؟ فالواقع خير شاهد على أنها مجرد أكاذيب جرى تستيفها بناء على أوامر عليا لا تريد أن تعترف بفشلها.