“إعلام البغال والحمير” يكشف كواليس صراع الأجهزة في دولة الانقلاب

- ‎فيتقارير

قرار النائب العام التابع لنظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي المستشار حمادة الصاوي بالتحقيق مع أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة الدكتور أيمن منصور ندا، رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بالكلية، فيما يتعلق بمقاله الذي نشره على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" يوم الخميس 25 مارس 2021م تحت عنوان «"إعلام البغال": من أحمد موسى إلى كرم جبر!»، والذي هاجم فيه إعلام السلطة الذي تشرف عليه المخابرات العامة؛ كشف بعض كواليس صراع الأجهزة بين الدائرة المقربة للسيسي التي يقودها اللواء محسن عبدالنبي مدير مكتب السيسي، واللواء عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة.
وكان كرم جبر، رئيس "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام"، قد تقدم ببلاغ ضد أستاذ الإعلام بدعوى كتابته سلسلة مقالات عبر صفحته موقع "فيسبوك" تضمنت إهانة للمجلس ، وسباً وقذفاً لرئيسه، وأعضائه، بصورة تخرج عن حدود النقد المباح.
وكان الدكتور أيمن منصور ندا قد اتهم بعض إعلاميي السلطة بالتطاول عليه بالسب والقذف على الهوء مباشرة، بسبب انتقاده الأداء الإعلامي في مصر خلال الفترة الراهنة، ومنهم الإعلامي نشأت الديهي الذي وصفه في مقاطع مسجلة بالصوت والصورة بـ"المتخلف" و"الكاذب" و"التافه" و"الخنزير" و"المرتزق" و"المتحرش" و"المزور" و"بائع الرسائل" و"الإخواني" و"غير المحترم". فيما وصفه الإعلامي أحمد موسى بأنه "متنمر" و"زبالة" و"عار على الجامعة" و"لا يفهم شيئاً في الإعلام"، الأمر الذي يعد خرقاً للقانون، وجميع قواعد وأخلاقيات وأكواد الإعلام، ودفعه إلى كتابة مقال تحت عنوان "ولا تزال المعركة مستمرة… إعلام البغال من أحمد موسى إلى كرم جبر".
اللافت في الأمر أن أستاذ الإعلام تقدم ببلاغ إلى كرم جبر رئيس المجلس الأعلى للإعلام ضد بعض الإعلاميين، لكن جبر تجاهل البلاغ، وتقدم أستاذ الإعلام ببلاغ للنائب يشكو بعض الإعلاميين بسبه على الهواء مباشرة، لكن النائب الملاكي تجاهل أيضا فتح تحقيق في بلاغه!
وقال منصور في مقاله: "كثيراً ما تختلط الأمور لدينا، وكثيراً ما يتشابه البقر علينا، فنرى الأشياء على غير حقيقتها… إعلامنا من بعيد نراه شيئاً، وعندما نقترب من تفاصيله نكتشف شيئاً آخر… إعلامنا في معظمه ينطبق عليه الوصف القرآني (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً)، والبغل هو كائن هجين من الخيل والحمير… فلا يملك جمال الخيل وشممها وشيمها، ولا يملك طاعة الحمير واستكانتها وخضوعها". وأضاف: "إعلام البغال لا يمكن الإشادة به كرجل، ولا يمكن الإعجاب به كسيدة، فهو إعلام بلا نخوة، ولا شهامة، ولا قوة، ولا فعالية (…) إعلامنا مطية يركبها من يملك المال أو من يتولى الحكم أو هما معاً، ولا عزاء للمواطنين (…) إعلامنا لا يمثلنا، ولا يعكس هويتنا الثقافية، ولا يلبي احتياجاتنا المجتمعية، وغير قادر على التعبير عن أحلامنا وطموحاتنا". وتابع « إعلامنا تصدق عليه مقولة الفنان "يوسف وهبي": "بالذمة مش حرام يتحسب علينا راجل؟"..!! لماذا يتم تسويق البغال لنا على أنها خيول عربية أصيلة؟ لماذا لا نسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية؟ لماذا ندفع ثمن الخيل ونرضى بالبغال؟!
صراع أجهزة
وختم أستاذ الإعلام مقاله مضيفا « المبدع الأستاذ "جمال بخيت" له قصيدة مشهورة عنوانها "دين ابوهم اسمه ايه؟".. وهي قصيدة تنطبق كلماتها حرفياً على إعلامييّ هذه الأيام أكثر مما تنطبق على من كُتِبت لهم وعنهم.. لا نعرف لهؤلاء الإعلاميين ملَّة، ولا نكاد نتبين لهم ديناً، ولا نفهم لهم عقيدة.. هم أقرب إلي السؤال الذي طرحه الفنان أحمد زكي في فيلم معالي الوزير : "عمرك شفت سفالة أكتر من كدة؟".. والحقيقة المؤكدة يا سادة: "مفيش أكتر من كدة"!!

ويذهب تقرير نشرته صحيفة "العربي الجديد" اللندنية إلى أن مقال "إعلام البغال والحمير" لأستاذ الإعلام الدكتور أيمن منصور ندا يكشف عن حرب تدور رحاها في أروقة الإعلام المصري منذ فترة، اشتدت في الأيام الماضية، بعد أن كتب منصور سلسلة مقالاته على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وكشف التقرير أن العقيد أحمد شعبان الذراع اليمني لعباس كامل والمعروف باسم "برئيس تحرير مصر" قد كتب ردا على أستاذ الإعلام على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي بعنوان "كلمات في فقه الجدل"، استشهد بكلمات الإمام محمد عبده "لا صلاح في الاستبداد بالرأي وإن خلصت النيات!".
وبحسب التقرير فإن المعركة بين أستاذ الإعلام من جهة، ورئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والمقدم أحمد شعبان وبعض المذيعين من جهة أخرى، أثارت استغراب كثيرين في مصر، إذ إنه لم يجرؤ أحد قبل ذلك على توجيه النقد إلى المسؤولين عن المؤسسة الإعلامية التي تديرها المخابرات العامة، فما بالك بشخص هاجم المسؤول الأول باسمه، وهو المقدم أحمد شعبان، المعروف في الوسط الصحفي بـ"رئيس تحرير مصر"، ليس ذلك فقط، بل وصل هجومه إلى العقيد محمود، نجل الرئيس السيسي.
خلاف بين "حسن" و"كامل"

وينقل التقرير عن مصادر إعلامية مقرَّبة من رئاسة الانقلاب، رجّحت أن يكون وراء معركة الأستاذ والإعلام خلاف بين مدير مكتب السيسي، اللواء محسن عبد النبي، والمدير الأسبق اللواء عباس كامل، مدير المخابرات العامة الحالي، الذي يسيطر على جميع وسائل الإعلام تقريباً بمعاونة المقدم أحمد شعبان. وأشارت المصادر إلى أن اللواء محسن عبد النبي، مدير إدارة الشؤون المعنوية السابق في القوات المسلحة، يحاول منذ تعيينه مديراً لمكتب السيسي، أن يؤسس مجموعة إعلامية تابعة له، وأن يستحوذ على ملف الإعلام بشكل كامل بالتدريج، لكن اللواء كامل يقف ضد هذه الخطة بكل شراسة.
وأوضحت المصادر أن قضية أستاذ الإعلام أيمن منصور ندا، ليست الأولى في ذلك السياق، إذ إن الهجوم على وزير الإعلام أسامة هيكل الذي حدث منذ فترة، كان أحد إرهاصات ذلك الصراع. وقالت المصادر إن المنتصر غالباً في مثل تلك المواقف، هو مدير المخابرات العامة وفريقه اللواء عباس كامل، وضربت مثلاً بما حدث مع رئيس مجلس إدارة مؤسسة "أخبار اليوم" السابق، الصحفي الذي كان من أقرب المقربين من السيسي، ياسر رزق، عندما أُطيح من منصبه، بعد أن كان ينتظر منصباً أعلى، مثل رئيس المجلس الأعلى للإعلام، أو وزارة الإعلام أو حتى نقيب الصحفيين.
وذكرت المصادر أن رزق وهيكل كانا من رجال اللواء محسن عبد النبي، وأن الأول أُطيح بعد تسجيل أحد رؤساء تحرير الصحف التابعة للمخابرات العامة، جلسة جمعته برزق في مدينة شرم الشيخ عندما كانا يحضران أحد مؤتمرات الشباب التي كان يرعاها السيسي، انتقد خلالها الأخير إدارة ملف الإعلام، وذهب بالتسجيل إلى مدير المخابرات، اللواء عباس كامل.
وقالت المصادر إن اللواء محسن عبد النبي أسس في مكتبه وحدة إعلامية تابعة للرئاسة، يشرف عليها ضباط خدموا معه في السابق بإدارة الشؤون المعنوية، بينهم العقيد ياسر عطية، وهو من خريجي كلية الإعلام في جامعة القاهرة، قبل التحاقه بالقوات المسلحة، وأضافت المصادر أن أستاذ الإعلام أيمن منصور ندا، هو من المحسوبين على مكتب اللواء عبد النبي، ولذلك يقوم بالهجوم على الطرف الآخر، من أجل ترجيح كفة "إعلام الرئاسة" الجديد.