لإشغال المصريين..هل تحتاج التعبئة الثانية لسد النهضة تدبير حرائق وكوارث؟

- ‎فيتقارير

لم تعد مصر بعد 30 يونيو 2013 دولة كبيرة لكي تعبأ بها إثيوبيا أو تحسب لغضبتها حسابا، مصر التي اختطفها العسكر بانقلاب أسود مشئوم فقدت الجلد والسقط، كما يقول المصريون، حتى أن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، تحدث بلا حرج عن المرحلة الثانية من ملء بحيرة سد النهضة منذ نهاية العام الماضي.
وكشف آبي أحمد الذي أقسم مع السفاح السيسي يمينا لا يصلح تمريره في لعبة "بابجي"، عن أن المرحلة الثانية ستكون بحجم 13.5 مليار متر مكعب من المياه، وأنها ستكون في يوليو 2021، وكشف لأول مرة عن أن بناء سد النهضة سيكتمل بحلول عام 2023.
وهذا الشهر، وقبل أربعة أشهر من موسم الأمطار الجديد أكد أيضا وزير الري الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، وغيره من المسؤولين أن التعبئة الثانية ستتم في يوليو، وأنه لا توجد أي قوة تمنع بلاده من استكمال السد، كل ذلك لتهيئة المجتمع الدولي ليستقبل حدث الملء الثاني للسد دون مفاجأة أو اعتراض، بينما تغرق مصر فجأة في سلسلة مريبة من حوادث القطارات وجنوح السفن وحرائق المصانع!

سياسة الإلهاء

اللافت أن إثيوبيا اتبعت نفس السيناريو للتمهيد لعملية الملء الأول لخزان السد التي أنهتها منفردة في يوليو العام الماضي 2020؛ فبدأ آبي أحمد الحديث عن الملء الأول قبل ثلاثة أشهر من موعده، وذلك في نهاية مارس 2020 فقال: "سنبدأ ملء سد النهضة في موسم الأمطار المقبل".
يقول الناشط السياسي مصري محمود :" العسكر هيفضلوا يعملوا حرايق ويدبروا في حوادث ويشغلوا الناس في المصايب لغاية ما يبدأو في التعبئة التانية في #سد_النهضه ونبقي قدام الأمر الواقع".

مصر تقزمت!
منذ إعلانها فشل مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا والوصول إلى طريق مسدود والمطالبة بوسيط دولي في أكتوبر 2019، وعصابة الانقلاب العسكري لا تكف عن إصدار البيان تلو الآخر حتى مع غياب الطرف الرئيسي الآخر في التفاوض وهو إثيوبيا.
ودأبت البيانات الصادرة عن عصابة الانقلاب بالقاهرة على تأكيد الالتزام بالحل الدبلوماسي والمسار التفاوضي من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، حيث تعتمد مصر على النيل لتأمين 95% من حاجاتها المائية.
ورغم توخي عصابة الانقلاب الحذر الشديد واتباعها لغة دبلوماسية مفرطة وانتقائها المفردات بحرص في الحديث عن إثيوبيا وعن مسار المفاوضات ومخرجاتها ونتائجها والنداءات المتكررة بعدم الإضرار بمصالح الآخرين، فإنها لم تلق آذانا مصغية لدى الطرف الآخر، وبدت كأنها تخاطب نفسها.
ويرى مراقبون أن توقيع السفاح السيسي على اتفاق إعلان المبادئ بشأن مشروع سد النهضة يوم 23 مارس 2015، والذي بموجبه اعترفت عصابة الانقلاب بحق إثيوبيا في بناء السد؛ منح إثيوبيا الضوء الأخضر في الإسراع باستكمال بنائه، واعتماد الاتفاقية كوثيقة رئيسية في تجاهل ما تلاها من مفاوضات.

في مصر والسودان!

ولا يختلف الأمر بين عصابة الانقلاب بمصر أو السودان، فبينما تشعل الحرائق وتصطدم القطارات وتجنح السفن في القاهرة للتغطية على كارثة التعبئة الثانية في سد النهضة، تشهد الحدود السودانية الإثيوبية توترات عسكرية، تُنذر بوقوع مواجهات عسكرية، وصل الأمر إلى حديث عن سقوط قتلى واختراق طائرة إثيوبية للأجواء السودانية وذلك يوم الثلاثاء، 12 يناير 2021.
وأبرز أسباب الخلاف الإثيوبي السوداني هو النزاع الحدودي الذي، نشب عقب انتشار الجيش السوداني في أراضي منطقتي "الفشقة الكبرى" و"الفشقة الصغرى" المتاخمة للحدود مع إثيوبيا، وهي منطقة سودانية كانت تسيطر عليها ميلشيات إثيوبية.
حالياً، يبدو الوضع هادئا على الحدود، فلم تحدث مناوشات عسكرية بين الجارتين خلال الأيام القليلة الماضية. لكن لا تزال الحشود العسكرية للدولتين مستمرة على طرفي الحدود، بحسب مسؤولين في الطرفين.
وفي أي لحظة، وفق محللين، قد ينزلق الخلاف الإثيوبي السوداني إلى حرب، فالخرطوم وأديس أبابا تتمسكان بمواقفهما وتتبادلان الاتهامات أحيانا بتعدي كل طرف على أراضي الآخر.
ولكن هناك مراقبون يستبعدون وصول الخلاف الإثيوبي السوداني إلى الحرب ويرون أن النظامين يعمدان لاستغلال الأزمة لأسباب داخلية، ذات التكتيك قام به السفاح السيسي عندما ألمح في وقت سابق وبشكل صريح إلى إمكانية التدخل العسكري "المباشر" في ليبيا، ما دفع العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مهاجمته لتجاهله التام أزمة سد النهضة، ومحاولته صرف الأنظار عنها.
ولفت النشطاء وقتها إلى أن "السيسي بعدما أذلته إثيوبيا، وفشل ضد مسلحين بالمئات في سيناء، يبحث الآن عن كرامته المفقودة في ليبيا، وهو يفاخر بجيشه على الحدود الليبية ويهدد ويتوعد، ليحشد من يؤيده والرأي العام بعيدا عن إثيوبيا التي وضعت أنفه في التراب".
وبعد الملء الأول للسد، دشن خبراء في القانون الدولي للمياه من مصر والسودان "الحملة الدولية لحماية مصر والسودان من العطش" وأقاموا مؤتمرا في يوم 25 يوليو بعنوان "صرخة شعبي مصر والسودان، لا للعطش.. لا للغرق.. لا للدمار" بثته وسائل إعلام دولية في حينه، وأوصى المؤتمر في بيانه بإيقاف المفاوضات فورا حتى لا يشكل الملء الأول "سابقة قانونية " لأن استمرار المفاوضات بعده يعني ضمنيا "تقنين وشرعنة" الملء الانفرادي غير المشروع.