خبراء: إثيوبيا رفضت كل الوساطات والخيار العسكري هو الحل

- ‎فيتقارير

واصل المبعوث الأمريكي والأوروبي إلى السودان مباحثاتهما، مؤخرا، بالعاصمة الخرطوم حول مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، والتقى المبعوث الأمريكي الخاص دونالد بوث وممثل الاتحاد الأوروبي في السودان روبرت فان داندول عضو مجلس السيادة السودانية محمد التعايشة ووزير الداخلية عز الدين الشيخ ورئيس مفوضية السلام سليمان الدبيلو لمناقشة مفاوضات سد النهضة والتوتر على الحدود مع إثيوبيا.

من جانبه قال وزير الطاقة والنفط السوداني جادين على عبيد إن توقيت المرحلة الثانية من تعبة سد النهضة من يونيو إلى أغسطس المقبلين سيؤدي إلى انخفاض منسوب المياه إلى أدنى مستوى مما يؤثر على المحطات التي تنتج الطاقة الكهربائية عبر التوليد المائي في البلاد.

تهديد فى الوضع الضائع

وأخيرا هدد المنقلب السفيه السيسي بعد توقيعه المهين على اتفاق المبادئ عام 2015، التي ضيعت حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، برد لا يمكن تخيله في حال تضررت بلاده من سد النهضة الذي بنته إثيوبيا. وزعم السيسي قائلا: "نحن لا نهدد أحدا ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر إلا وستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد". وأضاف أنه لابد من التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لتعبئة وتشغيل السد وإذا تأثرت إمداداتنا من المياه فإن رد مصر سيتردد صداه في المنطقة بحسب قوله.

واستبقت تصريحات "السيسي" تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإثيوبي دينا مفتي، الذي قال إن بلاده أكدت للمبعوث الأمريكي دونالد بوث ضرورة بناء مفاوضات سد النهضة على مرجعية اتفاق إعلان المبادئ الموقع في عام 2015. مشددا على حق إثيوبيا من الاستفادة من نهر النيل كونها الرافد الأساسي لمياهه، مضيفا أن أديس أبابا تحترم القوانين الدولية للمياه وتؤكد على ضرورة حل أي خلاف عبر القنوات الدبلوماسية.

مواجهة وليس تفاوضا  

وقال الدكتور أحمد المفتي، مندوب السودان السابق في مفاوضات سد النهضة، إن مفاوضات سد النهضة تتجه إلى المواجهة لأن إثيوبيا تواصل تعنتها منذ عام 2011 حتى الآن، كما أنها رفضت توسط المبعوث الأمريكي والأوروبي والإمارات ورفضت من قبل توسط الاتحاد الأفريقي.

وأضاف المفتي في حواره مع برنامج كل الأبعاد على قناة "وطن"، أن إثيوبيا رفضت كل الوساطات وتتصرف بالمخالفة للقانون الدولي وتعتقد أن الملء الثاني مثل الملء الأول سوف يمر مرور الكرام، مضيفا أن نجاح إثيوبيا في إتمام عملية الملء الثاني يعني امتلاكها قنبلة مائية بمثابة قنبلة نووية وتستطيع حينها التحكم في كل مياه النيل الأزرق والتحكم في القرار السياسي في السودان ومصر.

وأوضح أن تهديدات السيسي يمثل إنذارا أخيار وشديد اللهجة لإثيوبيا والحرب أولها كلام، مضيفا أن إثيوبيا لا تبالي بتهديدات السيسي وبدأت تطهير 5 آلاف هكتار من أراضي الغابات تمهيدا لتعبئة الملء الثاني لسد النهضة، مشدد على ضرورة تدخل مجلس الأمن الدولي وفرض الأمر الواقع على إثيوبيا.

وأشار المفتي إلى أن إثيوبيا خرقت اتفاقية المبادئ التي تم توقيعها في عام 2015، مضيفا أن المادة الخامسة من الاتفاقية تنص على أن الملء الأول والثاني لا يتم إلا بعد الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول والتشغيل السنوي، وإثيوبيا أنهت الملء الأول منفردة دون الرجوع إلى مصر والسودان، مضيفا أن إثيوبيا تمادت في تعنتها بسبب تساهل مصر والسودان معها لدرجة السماح لها بإنهاء 91% من بناء السد وإجراء الملء الأول.

ولفت إلى أن اتفاق 2015 لم يضمن حقوق مصر والسودان التاريخية في مياه النيل لكنه اشترط على عدم إجراء الملء الأول والثاني إلا بعد الاتفاق على الخطوط الإرشادية والقواعد، وبالتالي يحق لمصر والسودان الانسحاب من اتفاقية المبادئ لأنها هي الوثيقة الوحيدة التي تعطي شرعية لكل ما تم فيما يتعلق بتشييد وملء سد النهضة.

وتابع: "لجوء مصر والسودان إلى الخيار العسكري لابد أن يسبقه الانسحاب من اتفاقية المبادئ وإخطار مجلس الأمن بالتدخل، وإذا فشل المجلس في حل النزاع يكون من حق مصر والسودان اللجوء للقوة".

المراجعيات القانونية

بدوره قال الدكتور أبو ذر المنى محمد، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بالاتحاد الإفريقي، إن القانون الدولي عرف النزاع بين الدول بأنه صراع بين الشخصيات الاعتبارية الواردة في القانون الدولي العام ووضع عدد من المعايير للتعامل مع هذا الأمر من عدة جوانب مثل الحلول السياسية إما عن طريق التفاوض المباشر أو عن طرق وساطات ومساع حميدة من الدول الأخرى غير المتورطة في النزاع أو من خلال اللجوء للتحكيم أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية.

وأضاف "محمد" أن النزاع بشأن سد النهضة يستدعي النظر في عدد من المرجعيات القانونية والأممية التي تحتكم إليها الدول في مثل هذه النزاعات، خاصة وأن التسوية التي سعت إليها مصر والسودان لم تنجح، مضيفا أنه لم يكن متوقعا من إثيوبيا التي تربطها علاقات وثيقة بالسودان ومصر أن تتعنت بهذا الشكل، مضيفا أن سياسة فرض الأمر الواقع تقود المنطقة إلى صراع عنيف.

ضربة عسكرية

وأوضح أنه من حق مصر والسودان وفق القانون الدولي توجيه ضربة عسكرية لسد النهضة كتسوية غير ودية للنزاع وكخطوة أخيرة بعد فشل الجهود الدبلوماسية، لافتا إلى أن اتفاقية المبادئ تقوم على مرجعية اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية والمنظومة الأممية اتخذت مسارا طويلا منذ 1923 حتى عام 1994 للوصول إل اتفاقية تنظم مسألة المياه وهي تقوم على 4 مبادئ أساسية نظرا لحساسية موضوع المياه.

وأشار إلى أن المفهوم الأول تطرق إلى تعريف المجرى المائي بتفاصيله المختلفة والثاني تحدث عن الاستخدام العادل والمنصف للمصادر المائية والثالث تطرق إلى المسؤولية الدولية عن الإضرار بالغير والرابع تحدث عن التعاون والتفاوض وحسن النية وهذا المفهوم هو الذي استندت إليه اتفاقية المبادئ بأن الدول المتشاطئة تلتزم بالتعاون على أساس المساواة السيادية للدول المتشاطئة لتحقيق الفوائد المتبادلة بقصد بلوغ الاستخدام الأمثل للمجرى المائي الدولي بما في ذلك تبادل المعطيات والمعلومات في حالة مجرى النهر كما ورد في المادة 9 والوقاية من الكوارث الطبيعية كما جاء في المواد 27 و28 وفي مجال ضبط المياه وتدفقها في المواد 25 و26 والتشاور فيما يتعلق بالمشروعات المخطط لها كما نصت المواد 11 و19 ونصت المادة 33 على سلسلة من الإجراءات لتسوية الخلافات سلميا بين الدول كمفاوضات مباشرة عبر المساعي الحميدة والتوسط والتحقيق والتوفيق والتحكيم وغيره من الوسائل.