لا تجد إثيوبيا جدية من جنرال الخراب السفاح عبد الفتاح السيسي في كبح عدوانها على حق المصريين في حصتهم التاريخية من مياه نهر النيل، تلك الجدية التي أظهرها السيسي عندما هدد المصريين بإمكانية نشر الجيش على كافة القرى لإزالة الأبنية التي لم تتصالح مع العسكر وتدفع الجباية، ولو أن إثيوبيا تعلم أن الجنرال جاد في ملف السد لما مدت ساقيها ووضعت الحذاء في وجهه.
وكانت سلطات الانقلاب قد شنت قبل عامين حملة لهدم منازل المصريين بحجة المخالفات وعدم دفع إتاوة المصالحة العقارية، وهدد جنرال الخراب المصريين بلغة غاضبة، إما أن تكون بلدهم بلد قانون أو أن يترك منصبه، وأضاف أن عصابة الانقلاب وفرت معدات هندسية كافية لـ"الإبادة".
وتعثرت الجولة الأخيرة من المفاوضات الخاصة بسد النهضة، ما يهدد بدخول الأزمة نفقا مسدودا، فما هي الخيارات المفتوحة أمام عصابات العسكر في مصر والسودان للضغط على إثيوبيا؟ وهل بات الخيار العسكري مطروحا أكثر من أي وقت مضى خاصة بعد تهديد السيسي أمس بأن "كل الخيارات متاحة" رغم أنه تهديد متأخرى للغاية.
جدوى التفاوض
وأثار استبعاد السفاح السيسي، خيار اللجوء إلى الحل العسكري في أزمة سد النهضة الإثيوبي، تساؤلات بشأن جدوى خيار التفاوض، وتمسكه باتفاق المبادئ مع إثيوبيا عام 2015 الذي مكنها من استكمال بناء السد وتوفير الدعم المادي الدولي، رغم فشل التوصل لاتفاق بين البلدين.
وتتناقض مواقف السفاح السيسي عند التلويح بالقوة العسكرية، فقد فعلها في السابق وأعلن استعداده للحرب في ليبيا، وحصوله على تفويض من البرلمان بإرسال قوات من الجيش في مهام قتالية بالخارج، تحت مزاعم الدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الإستراتيجي الغربي، وليس باتجاه الجنوب لتأمين نهر النيل شريان حياة المصريين الذي يمثل الأمن القومي الحقيقي مصر.
ويستمر الخلاف بين عصابات العسكر بمصر والسودان وبين إثيوبيا حول سد النهضة ما يوحي بأن هذه الأزمة ربما لن تجد طريقها للحل قريبا، وتتمسك عصابات العسكر بالدعوة لتوسيع الوساطة لتشمل أمريكا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي برئاسة الاتحاد الإفريقي، الأمر الذي ترفضه إثيوبيا، داعية لاختيار مراقبين حسب المسارات التفاوضية بواسطة الدول الثلاث، ما تسبب في فشل المفاوضات الأخيرة التي انعقدت في كينشاسا، عاصمة الكونغو الديمقراطية.
وخلال افتتاح المدينة الصناعية بالروبيكي، حسم السفاح السيسي مسألة القيام بأي عمل عسكري، وأكد أنه لا بديل عن المسار التفاوضي بقوله: "احنا نتفاوض، ودي معركة هتطول لأننا مش هنمضي على حاجة مش هتحققلنا مصلحة، المصلحة بتقول كلنا مستفيدين والضرر يكون مقبول علينا كلنا".
وخلال افتااحه مشروعا أمس الثلاثاء، ألقى باللائمة على تعنت إثيوبيا في بناء السد دون أي اعتبار لمصر على ثورة يناير، رغم أنه لم يثبت أن وقع أحد أنصار الثورة أو الرئيس الذي أفرزته الثورة على اتفاقية للتنازل عن المياه أو شبك يداه مع قادة إثيوبيا والسودان متهللا، أو واقفا في مشهد هزلي يستجدي قسم "آبي أحمد" بأنه لن يضر بحصة مصر من المياه.
فنجري حنجرة!
وتبدو إثيوبيا مطمئنة لتمسك السفاح السيسي بالخيار السلمي لحل الأزمة؛ إذ استبعد السفير الإثيوبي في موسكو، أليمايهو تيجينو أرغاو، نشوب نزاع عسكري بين عصابة الانقلاب بمصر وإثيوبيا بسبب سد النهضة، مُعتبرا أنه "أمر غير واقعي".
يقول المحلل السياسي الدكتور عماد الوكيل:" طبقا للتصريح الرسمي للخارجية المصرية: إثيوبيا رفضت كل الحلول والمقترحات المقدمة من مصر والسودان" .
مضيفا : "الحل ضرب السد الآن بلا تسويف ولا انتظار . أي حجج من النظام و لجانه الإلكترونية هي محض خيانة عظمى تعود عليها النظام ولجانه كما شاهدنا في تيران و صنافير و غاز المتوسط. الحرب الآن بلا تردد ولا تسويف أو فلكل حادث حديث لمنع التفريط في مياه النيل".
وتقول الناشطة مي عيسى: "يضربوه ازاى وهم لهم استثمارات فيه! … البلد خلاص متسلمة لليهود بتعمل كل حاجة نفسها فيها بمساعدة حكامها.. ليس لها من دون الله كاشفة".
وتقول شيهانة النيل:" الناس اللي نزلوا وفوضوا السيسي إنه يحارب الإرهاب المحتمل لو رجالة انزلوا تاني وفوضوه إنه يضرب السد وحسبنا الله ونعم الوكيل".
ويقول صاحب حساب المصري: "أبي أحمد يستحق التحية وجائزة نوبل علي ما قدمه لشعبه لأن بناء السد كان حلما مستحيلا ونجح إنه يحققه واعترف به العالم لكني لا أعلم كيف أقنع السيسي قادته الأكبر منه سنا وأصحاب النياشين والرُتب الكبيرة وأوهمهم أن السد لن يضرهم بعد حلفان آبي أحمد بلغة لا يفهمها ومع ذلك هللوا وصفقوا له".
ويقول الناشط السياسي الدكتور حسام فوزي جبر: "سياسة الرجل الواحد، بداية من اطمنوا ثم متخفوش أنا مضيعتكمش قبل كده وصولا مكنش ممكن السد يتبني لولا اللي حصل في2011، أوصلت إثيوبيا إنها ترفض أي وساطة وتتخذ قرارا أحادي الجانب بملء السد بعيدا عن مصر والسودان، ببساطة إثيوبيا معها اتفاقا موقع من السيسي والبشير، ويكفي هذا دليل خيانة منهما".
ولطالما أعلنت مصر أن مياه نهر النيل مسألة حياة أو موت للمصريين، حيث تعتمد بنسبة 95 بالمئة من احتياجاتها المائية على نهر النيل، وأراضيها الصحراوية تشكل 95 بالمئة من إجمالي المساحة الكلية لمصر، وأن انخفاض إيرادات النيل بنسبة 2 بالمئة فقط تؤثر على مليون مواطن مصري، وفق وزير الري والموارد المائية في حكومة الانقلاب.