استجداء العالم للضغط على إثيوبيا.. أين خيارات السيسي المفتوحة؟

- ‎فيأخبار

عقب فشل مفاوضات كينشاسا فى التوصل إلى حل لأزمة سد النهضة وإقناع إثيوبيا بالتوقيع على اتفاق لإدارة السد وتشغيله بالتوافق مع دولتى المصب مصر والسودان، خرج زعيم عصابة الانقلاب عبد الفتاح السيسي بتصريحات عنترية زعم فيها أن كل الخيارات مفتوحة للتعامل مع الأزمة والحفاظ على الحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل.
بعض المراقبين تصوروا أن السيسي سيوجه الحشود العسكرية باتجاه الأراضى السودانية أو سيعلن عن ضربة صاروخية لسد النهضة، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث، بل واصل نظام الانقلاب سياسة التوسل والاستجداء ومطالبة عدد من دول الخليج والدول الأوربية والولايات المتحدة بالتدخل والضغط على إثيوبيا من أجل حل الأزمة؛ وهو ما يؤكد أن أديس أبابا ستمضى فى تنفيذ الملء الثانى لبحيرات السد يوليو المقبل؛ ما يهدد المصريين بالعطش ويهدد أراضهيم الزراعية بالبوار.
من جانبه شدد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، على ضرورة اتخاذ موقف قوى وحاسم لمواجهة التعنت الإثيوبى وإنقاذ المصريين من العطش والجوع، محذرا من أن إثيوبيا تخطط لبيع مياه النيل، وهذه كارثة لابد أن نتعامل معها على وجه السرعة. وقال شراقى عبر حسابه على "فيسبوك"، إن إثيوبيا قد تحلم ببيع المياه، لكن هذا من سابع المستحيلات لسببين: الأول، الطبيعة الجيولوجية لإثيوبيا الحبيسة والتى سوف تضطرها إلى تفريغ جزء كبير من سدودها قبل موسم الأمطار، والثانى، وجود السد العالى فى مصر حيث يمدنا بالمياه التى نحتاجها إلى أن تفرغ إثيوبيا المياه.
وأشار إلى أنه لا يوجد أى طرف آخر يمكن أن يشترى المياه من إثيوبيا حتى إسرائيل، المفروض أنها الزبون الوحيد، لكنها لن تشترى المياه، مشددا على ضرورة المواجهة الحاسمة للأطماع الإثيوبية.

تحركات عملية
وقال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن إعلان السيسي عن الخيارات المفتوحة والتأكيد على أن الأمن المائي المصري هو أمن قومي وغير مسموح لأى أحد المساس بقطرة واحدة من حصة مياه مصر في نهر النيل يتطلب تحركات عملية على الأرض من أجل ردع إثيوبيا، ووقف استفزازاتها وأطماعها، مشيرا إلى أنه بدون هذه التحركات لن يحدث شيء، ولن تأبه إثيوبيا بتلك التصريحات.
وأضاف نورالدين فى تصريحات صحفية، لابد أن نجبر الجانب الإثيوبي على عدم التفكير فى المساس بأمننا المائي. وأشار إلى أن إثيوبيا أخطأت في جزئين: أولهما أنه ليس من حقها تخزين هذا الكم الهائل الذى يصل لأكثر من 75 مليار متر مكعب من المياه أي ما يقارب كل مياه النيل الأزرق في عامين. ثانيَا، ليس من حقها تحويل النهر إلى بحيرة ولا تجعل من مدينة "بنى شنقول" هى مصب النهر للنيل الأزرق بدلا من المصب الطبيعي لنهر النيل وهو البحر المتوسط.

أطماع إثيوبيا
وحذر الدكتور ضياء القوصي، خبير الموارد المائية والرى، من أطماع إثيوبيا غير المشروعة فى مياه النيل رغم أن لديها بحيرة "تانا" الضخمة التى ينبع منها النيل الأزرق ولا تكتفى بها ولا بحيرة نهر تكيزى التى تحجز بها 10 مليارات متر مكعب مياه.
وأكد القوصى فى تصريحات صحفية، أن إثيوبيا تطمع في الحصول على حصة من مياه النيل الأزرق لا تحتاجها، مشيرا إلى أن لديها 9 أحواض مياه توفر لها مليارات الأمتار المكعبة من المياه.
وطالب بضرورة التنسيق بين القاهرة والخرطوم على أعلى مستوى حتى يعلم الجانب الإثيوبي أن للصبر حدودا، وعليه بالمشاركة في المفاوضات بنية الوصول لاتفاق قانونى ملزم قبل البدء في الملء الثانى للسد. وشدد القوصى على ضرورة أن نثبت لأثيوبيا أن أى محاولة لفرض الوصاية على مياه النيل غير مقبولة، وأننا لن نتهاون مع المساس بأى قطرة من حصتنا بالمياه، موضحا أنه بدون ذلك ستواصل إثيوبيا تنفيذ مخططاتها وستفرض علينا سياسة الأمر الواقع.
وقال الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، يجب أن ندرك أن الهدف المعلن لإثيوبيا في المفاوضات حول سد النهضة يختلف عن هدفها الحقيقي، مؤكدا أن السلطات الإثيوبية تتعمد التسويف والتأجيل. وأضاف علام في تصريحات صحفية، أن هدف إثيوبيا الخفي والحقيقي هو التحكم الكامل في مياه النيل الأزرق وبيعها، داعيا إلى ضرورة تدويل قضية النيل وسد النهضة حتى يشعر العالم كله بخطورة الموقف.

توزيع الحصص
وكشف الدكتور أحمد المفتي، عضو لجنة المفاوضات السودانية السابق في اجتماعات سد النهضة عن وجود خطة إثيوبية لبيع المياه، مضيفًا أن مصر والسودان ارتكبتا خطأً كبيرًا في بداية مفاوضات سد النهضة، ما سمح لإثيوبيا بالتهرب والبدء في تنفيذ خطتها في بيع المياه. وقال المفتي، في تصريحات صحفية، أن سد النهضة لم يُشيد من أجل توليد الكهرباء، لكن لإعادة توزيع الحصص المائية بين البلدان الثلاث، مشيرًا إلى أن القانون الدولي نص في بنوده على عدم السماح بإنشاء أي إنشاءات هندسية على مياه الأنهار العابرة للحدود إلا بعد إعطاء الدول المشاطئة “إخطارًا مسبقًا”، لكن عام 2011 تخلى السودان ومصر عن ذلك الحق، وسمحا لإثيوبيا باستكمال بناء السد. وأوضح أنه على هذا الأساس، استكملت إثيوبيا بناء السد، وما دعم موقفها أيضًا إعلان المبادئ الذي وقعته البلدان الثلاث عام 2015، موضحًا أن سبب تهرب إثيوبيا من مفاوضات سد النهضة هو نيتها في التسويف لأجل الانتهاء من سد النهضة.