دراسة ترصد 6 حقائق تؤكد تهاون السيسي وحزم الرئيس مرسي بشأن السد الإثيوبي

- ‎فيتقارير

قالت دراسة نشرها موقع "الشارع السياسي" إن زعيم عصابة الانقلاب عبد الفتاح السيسي لا يكف عن ترويج الأكاذيب بإدعائه مسؤولية ثورة يناير 2011 عما حدث في مياه النيل. وتحت عنوان "«6» حقائق تؤكد مسئولية السيسي عن أزمة سد النهضة.. فمتى يكف الجنرال عن ترويج الأكاذيب؟" أشارت الدراسة إلى أن السيسي لا يكف عن الأكاذيب معتمدا في الترويج لها على الآلة الإعلامية الضخمة التي تديرها أجهزته المخابراتية والأمنية، وكان آخر هذه الأكاذيب يوم الأربعاء الماضي "7 أبريل 2021م" خلال افتتاح مركز إصدار الوثائق المؤمنة، حيث قال إن قلقه على مياه النيل بدأ منذ عام 2011 وبالتحديد يوم 25 يناير، وهو اليوم الذي انطلقت فيه الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك بعد 30 عاما قضاها في السلطة.
ورصد الورقة 6 حقائق ترصد مسئولية السيسي تحديدا والنظام العسكري بشكل عام عن أزمة سد النهضة. وأولها، أن المجلس العسكري، الذي كان السيسي أحد أبرز أعضائه، هو من يحكم مصر في ذلك الوقت ولمدة عام ونصف حتى منتصف 2012م. وخلال هذه الفترة الانتقالية انشغل المجلس العسكري وباقي مؤسسات الدولة التي تسيطر عليها مافيا الدولة العميقة الموازية وغير المنتخبة (الجيش ــ المخابرات ــ أمن الدولة ـ القضاء ـ الإعلام) بكيفية إفشال الثورة واسترداد نفوذهم بدلا من حماية حقوق مصر المائية وحدودها ومكانتها الإستراتيجية، لافتة إلى أن الخطط الإثيوبية بدأت في إنشاء سدود على نهر النيل في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.

جريمة الانقلاب
واشارت الورقة إلى الانقلاب على الرئيس المنتخب والمسار الديمقراطي أضعف الموقف المصري؛ حيث جرى تعليق عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي بسبب انتزاع السلطة بشكل غير دستوري “انقلاب”، وهو الإجراء الذي وظفته أديس أبابا لصالحها لاحقا؛ حيث ساومت السيسي وابتزته ليعترف بالسد مقابل الاعتراف بشرعية انقلابه من جانب الاتحاد الإفريقي وعودة مصر إلى الاتحاد مرة أخرى. وهو ما جرى بالفعل؛ ما يبرهن على أن السيسي منح الأولية لأطماعه في السلطة على حساب مصر وشعبها وحقوقها المائية.
أما الحقيقية الثالثة التي تدلل على خيانة السيسي وإضعافه للموقف المصري في أزمة سد النهضة فتتعلق باللجنة اللجنة الدولية لتقييم الدراسات الإثيوبية لسد النهضة والتي بدأت عملها في مايو 2012، وأنجزت تقريرها النهائي في 31 مايو 2013م، وكشف التقرير النهائي الذي أصدرته عن وجود سلبيات خطيرة في التصميمات الإنشائية، وقالت اللجنة إن التصميمات الإنشائية التى قدمتها إثيوبيا عن السد هي تصميمات أولية وسطحية، ولا تختص بالمشروع نفسه ولا موقعه الحالي. وأثبت تقرير اللجنة أن حكومة إثيوبيا تخفي كثيرا من المعلومات الحيوية عن السد وتتعامل معها بسرية تامة، وأوصى الخبراء بضرورة وضع تصميمات جديدة للسد، وبإتاحة كل المعلومات المتعلقة ببناء السد، وإجراء دراسات إنشائية وبيئية واقتصادية جادة وحديثة، وقد أقرت إثيوبيا بما ورد في التقرير، ووقّع الخبيران الإثيوبيان عليه كاملًا.
وأضافت أن الرئيس مرسي سارع في توظيف نتائج التقرير لدعم الموقف المصري في مطالبة إثيوبيا بوقف بناء السد إلى حين التأكد من أنه لا يشكل خطرًا على أمن مصر المائي”. حيث دعا القوى الشعبية لتوحيد الصف الوطني، ودعا أحزاب المعارضة للاجتماع في مقر الرئاسة (في 3 يونيو 2013م)، وأطلعهم بشفافية على ما ورد في تقرير اللجنة الدولية، وهو الاجتماع الذي اذاعه التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة(قيل إنه جرى بثه دون علم المشاركين)، ودعا بعضهم إلى أعمال استخباراتية ضد اثيوبيا، واعتبرته وسائل الإعلام الموالية لأجهزة الدولة العميقة، فضيحة وكشفا لأسرار الدولة.

مواقف مرسي الحازمة
وبحسب الدراسة فإن "ما ورد في هذا الاجتماع هو تعبير جاد وحقيقي للرأي العام المصري" وأن بث الاجتماع على الهواء مباشرة كان مقصودا من جانب الرئيس مرسي وفريق الرئاسة؛ ليكون رسالة أن "الموقف الشعبي ينسجم مع الموقف الرسمي بالتأكيد على أن مصر جادة في تهديدها، وأنها مفتوحة على كافة السيناريوهات لحماية حقوقها المائية بما فيها الخيار العسكري". ورأت الدراسة أن بث الاجتماع لم يكن كشفا لأسرار الدولة وأن الدكتورة باكينام الشرقاوي، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومستشارة الرئيس مرسي والمشرفة على تنظيم الاجتماع، قالت عبر صفحتها الشخصية على “فيس بوك” أنه كان مرتبا تسجيل الاجتماع لكن الرئاسة ارتأت بثه على الهواء مباشرة ليكون أكثر وقعا على الجانب الإثيوبي، وكتبت، "كان مرتبا أن يذاع الاجتماع الوطني مسجلا كعادة هذه اللقاءات، ولكن ارتؤي لأهمية موضوع الأمن المائي قبل اللقاء مباشرة إذاعته على الهواء، فغاب عني إبلاغ الحضور بهذا التعديل؛ لذلك أعتذر عن أي حرج غير مقصود لأي من القيادات السياسية سببه عدم الإشارة عن البث المباشر للقاء".
وأضافت أن الرئيس مرسي عاد وكرر نفس ما ورد بالاجتماع علنا في مؤتمر شعبي بعنوان “المؤتمر الوطني للحفاظ على حقوق مصر في مياه نهر النيل”، لطمأنة المصريين بقدرة الدولة على الحفاظ على مياه النيل، وقال في كلمته أمام المؤتمر، الذي عُقد قبل انقلاب 3 يوليو بثلاثة أسابيع، وعلى الهواء مباشرة، أخطر مما قيل في اجتماع أحزاب المعارضة، وهو التهديد صراحة باستخدام القوة ضد إثيوبيا.
وتؤكد الدراسة أن موقف أديس أبابا كان هشا وضعيفا بعد خروج تقرير اللجنة الدولية، ولم تتهم مرسي بإعلان الحرب، ولم تلجأ إلى الإتحاد الإفريقي أو الأمم المتحدة للاعتراض على خطاب مرسي، واكتفت بإطلاق تطمينات لمصر بعدم الضرر، لعلمها أن القانون الدولي لا يعطيها الحق في بناء السد دون موافقة مصر”. بالمقابل، أوضحت الورقة أن السيسي تنازل في يناير 2014 عن وجود الخبراء الدوليين في اللجنة بعد ابتزاز إثيوبي، حتى جرى الإعلان عن توقيع اتفاق المبادئ الذي مثل أهم محطات الخيانة والتفريط في حقوق مصر المائية.

جريمة اتفاق المبادئ
واشارت الدراسة إلى أن اتفاق المبادئ الذي وقع عليه السيسي في مارس 2015م بالعاصمة السودانية الخرطوم مع الرئيس السوداني السابق عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايلي ماريام ديسالين، هو السبب الأهم وراء أزمة سد النهضة؛ ذلك أن السد قبل هذا الاتفاق كان يمثل إنشاء غير شرعي ويخالف القانون الدولي للأنهار ، لكن توقيع السيسي على الاتفاق مثل اعترافا مصريا به وأكسبه الصفة القانونية، وفتح الباب أمام إثيوبيا لتمويل السد من جهات تمويل ودول أخرى كالصين وفرنسا وإيطاليا وغيرها.
ووفقا للدراسة فإن مشكلة هذا الاتفاق الذي يكابر السيسي حتى اليوم ولا يريد الاعتراف بأنه كان خطيئة كبرى في حق مصر، أنه ساهم في تقوية الموقف الإثيوبى فى المفاوضات الثلاثية. ويجمع خبراء القانون الدولي أن البند رقم “10” في اتفاق المبادئ يمنح الطرف الإثيوبي وضعا قويا للغاية؛ لأنه قيد فكرة تدخل طرف رابع أو وسيط بين أطراف الأزمة الثلاثة “مصر وإثيوبيا والسودان” كما قيد اللجوء إلى التسوية القانونية عبر القضاء الدولي سواء أمام محكمة العدل الدولية أو القانون الدولي.

هزل وقت الجد
وقالت الورقة إن السسيسي لم يتعامل مع الأزمة كما يجب أن يكون باعتبارها ليست فقط تهديدا لأمن مصر القومي، بل تهدد وجودها؛ .. وأنه بدلا من التعامل بالجدية والاحترافية اللازمة، استخدم السيسي تصريحات لتخدير الشعب وتضليله والتهوين من الأزمة، ففي نوفمبر2017، قال السيسي “مياه مصر موضوع مفيهوش كلام، وأنا بطمنكوا، ومحدش يقدر يمس ميّة مصر”. مضيفا: اتكلمنا مع أشقائنا في السودان وإثيوبيا على عدم المساس بالمياه، لأن المياه مش تنمية دي حياة أو موت لشعب كامل، والموضوع ده خلصان، كده خلصت”.
وفي يناير 2018، وخلال قمة ثلاثية مع الرئيس السوداني السابق عمر البشير وهايلي ديسالين رئيس وزراء إثيوبيا آنذاك في أديس أبابا، قال السيسي إنه لم تكن هناك أزمة بالأساس بين مصر والسودان وإثيوبيا فيما يتعلق بسد النهضة. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية في تغطيتها للقمة إن الزعماء الثلاثة خرجوا من اجتماع القمة “متشابكي الأيدي علامة على التضامن وروح التعاون الإيجابي”.
وقبل ذلك وفي نفس الشهر، قال السيسي إنه “لن يسمح أبدًا بوجود مشكلة مياه في مصر”. وقال إن الحكومة تعمل على تنفيذ أكبر مشروع لمعالجة مياه الصرف لحل أي مشكلة متوقعة (في إشارة لسد النهضة).
في يونيو 2018، استضاف السيسي رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد في القاهرة، وجعله يقسم باللغة العربية أن بلاده لن تضر بحصة مصر من مياه النيل، وسط ضحكات الحضور.
https://www.youtube.com/watch?v=N9_PvNXxyPo

الدور الصهيوني
ونبهت الورقة إلى الدور الصهيوني القذر في دعم وحماية سد النهضة للإضرار بأمن مصر القومي، وهم حلفاء السيسي الأهم في المنطقة؛ ففي يوليو 2019م، نشر موقع “ديبكا” الاستخباراتي الصهيوني رفض حكومة نتنياهو طلب مصر بعدم نشر نظام الدفاع الجوي المتطور “سبايدر أم آر” لحماية سد النهضة الإثيوبي، مؤكدا أن إثيوبيا انتهت بالفعل من نصب "سبايدر م ر" حول السد وقامت بتشغيله.
وشجعت الخطوة إثيوبيا على رفض جميع المقترحات المصرية لملء السد على مدى فترات أطول، وراحت تتعنت وتتلكأ في المفاوضات بعد أن حققت هدفها ببناء السد بالكامل، وحان وقت الملء، مع إقامة حائط من منظومات الدفاع الجوي إسرائيلية الصنع حول السد.
وأشارت الورقة لتصريح نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء في الأمم المتحدة، الدكتور علاء النهري، في حوار مع اليوم السابع بتاريخ 27 أغسطس 2016م، من أن الولايات المتحدة تعمدت التشويش وتضليل الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية الأميركية كي لا تتمكن مصر من متابعة مراحل البناء في السد وتفاصيله، وقال إن "إسرائيل" لها يد في الموضوع. واضاف النهري في تصريح آخر "إثيوبيا ركبت 16 بوابة للمياه في جسم السد وأنها أميركية الصنع ومن ماركة فرانسيز؛ وتساءلت الدراسة: لماذا يحرص السيسي على خدمة المخططات الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة ويتحالف معهم على هذا النحو رغم أنهم يهددون الأمن القومي المصري؟!
وأشارت الورقة إلى الحقيقة السادسة التي تبرهن على أن خنوع السيسي هو ما أضعف الموقف المصري أمام إثيوبيا، موضحة أن علماء في هندسة السدود -منهم الدكتور محمد حافظ- بالاستعانة بخرائط وصور (جوجل إيرث) قالوا إن عملية البناء الحقيقية لجسم سد النهضة بدأت في عهد السيسي وتحديدًا أواخر عام 2014. وأكدت صور "جوجل إيرث" أن عملية صب الأساسات بدأت في يونيو 2014 وانتهت طبقة الأساسات في منتصف ديسمبر2015، وما قبل ذلك كانت عمليات تحديد مكان السد وتجريف المنطقة استعدادًا لبنائه. وفي أعقاب تشكيك موالين للسيسي في هذه الخرائط، غرد الخبير الهندسي العالمي ممدوح حمزة على تويتر، ليؤكد أنه حتى 30 يونيو 2014 لم تكن هناك أي انشاءات في موقع السد بحسب صور القمر الاصطناعي. وعرض “حمزة” صورًا لموقع سد النهضة على جوجل إيرث من 2015 إلى 2018، تظهر أن الإنشاءات بدأت قبيل عام 2015 أو في خلال الجزء الثاني من 2014 طبقًا لصور موقع سد النهضة من القمر الصناعي.