بعد خطوة الملء الثاني للسد.. إجبار الفلاحين على “الرى بالتنقيط”!

- ‎فيتقارير

في الوقت الذى تواصل فيه إثيوبيا تحديها لنظام الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي وتعلن أنها ستقوم بالجولة الثانية لملء خزانات سد النهضة فى يوليو المقبل بغض النظر عن موافقة أو رفض دولتى المصب، انسحب السيسي من المشهد وكأن القضية لا تخصه ولن تسبب العطش وبوار ملايين الأفدنة الزراعية للمصريين.
جاء هذا الانسحاب عقب تهديدات أطلقها السيسي لمجرد الشو الإعلامى زعم فيها أنه لا أحد يستطيع المساس بنقطة مياه من حقوق مصر فى مياه النيل وأن حقوق مصر التاريخية فى النهر خط أحمر، لكنه لم يفكر فى توجيه ضربة عسكرية عقب رفض إثيوبيا كل تهديداته وإعلانها الملء الثانى لخزانات سد النهضة يوليو المقبل؛ ما يعنى أن السيسي تسبب فى ضياع الحقوق التاريخية لمصر فى نهر النيل كما أضاع تيران وصنافير لصالح السعودية من قبل.
وبدلا من التهديد بضربة عسكرية أعلن السيسي عن مشروع مشترك بين وزارتي الري والزراعة؛ بحكومة الانقلاب لتطوير وتحديث أساليب الري التي يستخدمها الفلاحون في الزراعة؛ لتقليل عمليات هدر المياه التي زادت مع استخدام أساليب تقليدية وأثرت سلبا على جودة الأرض الزراعية، وحرمت من زيادة المساحات المزروعة في بلد تعاني من عجز في الموارد المائية بحسب تعبيره.
وزعم أن مشروع تطوير وتحديث "أساليب الري"، يأتي ضمن برنامج متكامل لتعظيم الاستفادة من الماء بدءا من تبطين ترع بإجمالي 20 كيلو متر بتكلفة 80 مليار جنيه، ثم المساقي التى ترفع المياه إلى الأراضي الزراعية، وصولا إلى تطوير أساليب الري للتحول من الري بالغمر(الري السطحي) إلى الري الحديث بالتنقيط والرش. وأعلن السيسي أنه سيتم إجبار الفلاحين على إدخال نظم الرى الحديث والتى تكلف الفلاح الواحد أكثر من 20 ألف جنيه.
أضرار كبيرة

من جانبه، حذر الدكتور محمود أبو زيد، وزير الري والموارد المائية الأسبق، من أن الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي يحمل أضرارا كبيرة على مصر والسودان، موضحا أن هذه الأضرار سوف تتفاقم إذا انخفضت مياه الفيضانات المقبلة بعد عملية الملء. وقال أبو زيد في تصريحات صحفية، إن إثيوبيا تسعى لملء سد النهضة بالمياه خلال موسم الفيضانات المقبلة من أجل ضمان قدر كاف من المياه يسمح لها بتشغيل توربينات توليد الكهرباء.
وأشار إلى أن ثمة رغبة من الجانب الإثيوبي للاستفادة من موسم الفيضان المقبل في عملية الملء الثاني والبالغ قدرها 13.5 مليون متر مكعب من المياه، ما يشكل إجمالي مياه يبلغ 18.5 مليون متر مكعب لضمان الحد الأدنى لتشغيل توربينات السد. وأكد أبو زيد أن هذه الكمية من المياه ستقتطع من رافد مياه النيل الأزرق الواصلة للسودان ومصر، ما سيؤثر بصورة كبيرة على البلدين.
وشدد على ضرورة التوصل لاتفاق ملزم بشأن التشغيل بصورة أساسية والملء، موضحا أن الاتفاق بشأن التشغيل سيكون مهما في حال انخفاض مياه الفيضانات في الأعوام المقبلة وكيفية التعامل مع هذا الأمر.
وأوضح أبوزيد أن إثيوبيا تسعى للملء الثاني سريعا لأنها ترى أن تخزين تلك الكمية من المياه خلف السد تجعل من الصعب تصريفها ما يحمي السد نظريا من أي عمل ضده.
وقال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بكلية الدراسات الإفريقية جامعة القاهرة، إن مفاوضات كينشاسا لم تقدم أية حلول للأزمة مع استمرار رغبة إثيوبيا فى إتمام مرحلة الملء الثاني بارادتها المنفردة، مشيرا إلى أن هناك أنباء ترددت عن فتح إحدى بوابات سد النهضة؛ وبالتالى فمن المتوقع تجفيف الممر خلال أيام ثم يتم البدء فى وضع الخرسانة للتعلية، وبقدر الارتفاع يكون التخزين الثانى فى يوليو القادم.
وأشار شرقى فى تصريحات صحفية، إلى استمرار تدفق المياه من الممر الأوسط حتى الآن قبل التخزين الثانى دون تغيير عن الأشهر الماضية، موضحا أن ذلك قد يرجع الى إستمرار عدم جاهزية سد النهضة من خلال التوربينين المزمع تشغيلهما، أو إرجاء هذه الخطوة حتى لا يشتعل الموقف، وأن كان السبب الأول هو الأرجح.
وأضاف أن عدم فتح البوابات قد يهدئ من التوتر الذى حدث على مدار الأيام الماضية نتيجة التصريحات الاثيوبية المتكررة وغير المسئولة باتمام التخزين الثانى فى يوليو القادم باتفاق أو دون اتفاق. وأوضح شراقى، أن اثيوبيا أخطرت السودان منذ أيام بانها ستختبر البوابات السفلى للسد باطلاق حوالي مليار متر مكعب من المياه بعد اقل من 48 ساعة ، واعترض السودان على ذلك واعتبر أنها فترة قصيرة لاتخاذ الإجراءات الفنية الوقائية، مشددا على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم لإدارة سد النهضة وتشغيله قبل الملء الثانى.

عمل حاسم
فى المقابل، طالب الدكتور أحمد المفتى خبير الموارد المائية السوداني، دولتىى المصب بعمل حاسم لوقف التصعيد الإثيوبي ومنع الملء الثانى لسد النهضة بأى طريقة ممكنة، موضحا أن الخطوات التصعيدية ومنها رفع دعوي قضائية ضد إثيوبيا ورفع دعوي قضائية ضد شركة ساليني والإحالة لمجلس الأمن، لن تنجح في وقف الملء الثاني؛ لأنها لا تستوفي مطلوبات نجاحها ، كما أن سعي السودان إلى توفير تلك المطلوبات فإنه قد لا يسعفه الزمن؛ لأنه أعلن أن الملء الثاني سوف يبدا في يونيو المقبل.
وقال المفتى فى تصريحات صحفية: فيما يتعلق بإقامة دعوي ضد إثيوبيا، فإنه يحجبها المبدأ العاشر من إعلان مبادئ سد النهضة لسنة 2015 الذي لم يجعل الدعوي القضائية إحدى وسائل تسوية المنازعات. وأكد أن رفع الأمر إلي محكمة العدل الدولية ICJ يتطلب موافقة إثيوبيا، بجانب أن التحكيم الإلزامي المساوي في فعاليته للقضاء يتطلب موافقة إثيوبيا أيضا، بالإضافة إلى أنه فيما يتعلق برفع دعوي قضائية من قبل حكومة السودان ضد شركة ساليني، من المتوقع فشلها بسبب موافقة السودان علي تلك الأفعال منذ بدايتها عام 2011 ، وفقا لمبدا قانوني معروف في القانون العام ، وهو مبدأ إغلاق الحجة. وأوضح المفتى، أن رفع الأمر لمجلس الأمن له مطلوبات كذلك، لم تستوفى للآن من أهمها سحب التوقيع علي إعلان مبادئ سد النهضة لجعل نشاط إثيوبيا في سد النهضة غير مشروع، لأنه لن يتمكن مجلس الأمن من التحرك إذا ما كان النشاط الإثيوبي في سد النهضة موافقا عليه بموجب إعلان مبادى سد النهضة.