حبس صغار الموظفين..لماذا يدفع المدنيون ثمن إجرام العسكر في السكة الحديد؟

- ‎فيأخبار

"فين المدني اللي هنا"، عبارة تلفظ بها الجنرال السفاح عبد الفتاح السيسي أثناء تفقده إنشاء أحد الكباري التي اصابه الهوس في إنشائها، تكشف عن تغلغل النرجسية والعنصرية في "الأنا العسكرية" التي لا ترى في العسكر أي عيوب بينما العيب كله في المدنيين، حتى ولو كانت تلك الأخطاء كارثية مثل خروج عربات القطارات عن القضبان أو اصطدام قطارات تسفر عن قتل وإصابة المئات في وقت قصير.

وتصدر هاشتاج "كامل الوزير" موقع التغريدات القصيرة "تويتر" لفترة بعد حادث قطار طوخ الذي أسفر عن مقتل 23 شخصا وإصابة نحو 120 وفقا لبيان النيابة العامة. وطالب رواد مواقع التواصل بمحاسبة وزير النقل بحكومة الانقلاب ومسؤولي السكة الحديد عن حوادث القطارات المتكررة في مصر بدلا من تعيين رئيس الهيئة مستشارا للوزير لشؤون السكة الحديد بعد إقالته!

وشهدت مصر مؤخرا حادث قطار هو الثالث في أقل من شهر، إذ خرج القطار الذي يحمل الرقم 949 “القاهرة – المنصورة ” عن القضبان بالقرب من محطة طوخ التابعة لمحافظة القليوبية، وبعده بأيام انفصلت عربة قطار بين مدينتي البدرشين والحوامدية دون إصابات. فيما سبق حادث طوخ حوادث دامية في سوهاج ومنيا القمح. 

وفيات بالكوم
سقطات الفريق كامل الوزير، دفعت المواطنين للتساؤل عن عدم إقالته أو محاسبته، خاصة أن الحوادث الأخيرة، وبالأخص سوهاج وطوخ، لم تكن الأولى، بل جاءت في صف طويل من الأزمات.
وهو ما ذكره الخبير الاقتصادي عبد الغني عبد المطلب، عندما نشر عبر حسابه بموقع فيسبوك قائلا: "فعلا إللى اختشوا ماتوا.. وزير النقل: سيتم محاسبة المقصرين والمخطئين في حادث قطاري سوهاج" وأضاف بأن "الوزير واثق بأنه فوق المساءلة".
وقبل أكثر من عامين، أسند السفاح السيسي مهمة وزارة النقل إلى أحد رجاله العسكريين وهو كامل الوزير؛ مبشرا المصريين بزوال عصر حوادث القطارات وصون دماء المواطنين قائلا: "أنا بدي للمرفق ده واحد من أحسن ضباط الجيش".
إسناد وزارة النقل إلى الوزير، جاء عقب حادث قطار محطة مصر، يوم 27 فبراير 2019، عندما اصطدم جرار القطار بالحاجز الخرساني لمحطة رمسيس، متسببا في حدوث انفجار وحريق كبير أودى بحياة 21 وإصابة 52 آخرين.
وقتها تمت الإطاحة بوزير النقل هشام عرفات، وجاء "الوزير" مكانه وسط ترويج من أذرع إعلام السفاح السيسي بأن مشاكل قطاع النقل في مصر انتهت للأبد وأنه لن يقدر على حل تلك المشكلات إلا عسكري على شاكلة كامل الوزير، الذي وعده السفاح السيسي آنذاك بتقديم كل ما يحتاجه المرفق من دعم.
لكن وكما توقع الكثيرون، وبعد مرور عامين استلم خلالها كامل قطاع النقل وتوفرت له ميزانية ضخمة لم تتح لوزير من قبله، لم يتوقف بعد نزيف المصريين على الطرق خاصة قضبان قطارات السكك الحديدية.

فشل مستمر

جاءت حوادث 2021 "سوهاج، البدرشين، طوخ، منيا القمح" استمرارا لسلسلة من الحوادث والمواقف التي وقعت في عهد كامل الوزير، وعبرت عن الإخفاق المتكرر من الإدارة العسكرية للوزارة المدنية التي تزدحم باللواءات الذين يشغلون وظيفة "مستشار" ويتسببون في زيادة الكوارث. ومن تلك الحوادث السابقة:

في إبريل 2020، انحرف القطار المتجه من محافظة كفر الشيخ إلى مدينة "بيلا" عن مساره عند قرية "أبو تمادة"، ما تسبب في وقوع عشرات الإصابات، والاستدلال على غياب منظومة أمان حقيقية.
بعدها في سبتمبر اندلع حريق كبير في أحد القطارات بمحطة قطار المنيا، كاد أن يودي بحياة المئات.
وفي 4 أبريل 2019، تداول ناشطون مقطعا مصورا لكامل الوزير أثناء جولة تفقدية له في إحدى محطات القطارات، وهو يلقي تعليمات مباشرة إلى "الكمسري" قائلا: "لو بتسيب الناس تزوغ يبقى أمشيك وأوفر مرتبك".
الوزير تحدث مع العاملين في "هيئة سكك حديد مصر"، وحثهم على ضرورة تحصيل التذاكر من الركاب، وفي نفس الوقت يقول: "بعد أن يزيد الإيراد نقعد نقسم الغنائم، لكن لن نقسم الغنائم ونحن خسرانين".
وفي 22 أكتوبر 2019، أثار كامل الوزير، غضبا كبيرا واسعا، عندما رفض طلب سيدة بتخفيض ثمن تذكرتها نظرا لكونها مرافقة فقط لابنها المصاب بمرض التوحد.
تصرفات مشينة

رفض الوزير بشكل قاطع تقديم أي مساعدة للمواطنة المصرية، قائلا: "الإعفاء يشمل ابنها فقط، وعليها دفع ثمن التذكرة كاملا، كأي مواطن".
وشدد الوزير في حديثه للسيدة إلى أن "عدم امتلاكها ثمن التذكرة، يعني عدم قدرتها على الركوب مجانا، وبالتالي عليها عدم الطلب من أي جهة تخفيض ثمن التذكرة أو إعفائها منها".
بعدها جاءت واقعة مقتل الشاب محمد عيد في 30 أكتوبر 2019، بعد أن قفز مع زميل له من قطار مسرع في مصر، بناء على طلب من مشرف القطار، لأنهما لا يملكان ثمن التذكرة، من أكثر الحوادث مأساوية ودلالة على غياب البعد الإنساني الكامل عن إدارة تلك المؤسسة.
تلك العقلية العسكرية لكامل الوزير، تدير واحدة من أعقد الوزارات وأكثرها احتكاكا بالمواطنين من جميع الفئات والطوائف والأعمار، إضافة إلى أنها "تقل 360 مليون راكب بواقع مليون راكب يوميا، كما تنقل 6 ملايين طن بضائع فى العام".
وبحسب تقرير صحيفة "الوطن"، في 7 أغسطس 2020، فإنه "يبلغ طول سكة الحديد في مصر نحو 9 آلاف و570 كم، وتسيير قطارات السكة الحديد 920 رحلة يوميا، على جميع الخطوط بين الوجهين القبلى والبحرى".
تلك الإخفاقات المتكررة دفعت حتى بعض الصحف التابعة لعصابة الانقلاب وأجهزة المخابرات لمهاجمة كامل الوزير، مثلما فعلت اليوم السابع، في 15 نوفمبر 2020، عندما نشرت تقريرا بعنوان: "لماذا أخفق وزير النقل فى إنجاز خطة تحديث إشارات خطوط السكة الحديدية؟"، وكما أبدت لميس الحديدي مؤخرا دهشتها من عدم مساءلة كامل الوزير أمام برلمان الانقلاب.