نجحت المقاومة الفلسطينية في صد العدوان الهمجي عليها، بصدقِ وعودها وعزم رجالها ومضاءِ مقاومتها، في عزل الكيان الصهيوني عن العالم، وقطعت خطوط اتصاله الخارجية، وأجبرت مطاراته المدنية على التوقف عن العمل والخروج عن الخدمة، إذ أعلنت سلطات الملاحة الجوية في الكيان وقف الرحلات منه وإليه، ومنعت الطائرات من مغادرة مدرجاتها والتحليق في سماء فلسطين المحتلة، وأصدرت توجيهاً للطائرات القادمة إلى مطار اللد الدولي، بتغيير خط نهاية رحلاتها إلى مطارات قبرص واليونان، نتيجة صواريخ المقاومة التي طالتها وهددت سلامة الطيران المدني. وفي الوقت نفسه علقت شركات الطيران الدولية، الصديقة والحليفة، والتجارية وغيرها، رحلاتها من وإلى فلسطين المحتلة، واعتذرت عن تسيير رحلاتها المدنية بدواعي الخطر، الأمر الذي أدى إلى إجبار الإسرائيليين على مواجهة الأخطار والبقاء تحت القصف، وهم الذين اعتادوا في مثل هذه الظروف والأحداث على السفر والهروب، تجنباً للعيش في الملاجئ، أو ترك بيوتهم ومنازلهم، والبحث عن مناطق آمنة لا يطالها الخطر ولا تهددها الأعمال الحربية.
ظن العدو الصهيوني أن صواريخ المقاومة لن تطال مدنه البعيدة، ولن تهدد مطاراته العتيدة، وأنها ستكون في مأمنٍ من أي خطرٍ قد يتهددها، أو أن قبته الحديدية ستحميها وستدافع عنها، لكن فصائل المقاومة الفلسطينية كانت قد حذرته ونبهته، وأعلنت ذلك صراحةً وبوضوح، من أنها ستقدم على هذه الخطوة في حال أصر وعاند، وبغى وطغى، ودمر واعتدى، إلا أنه استخف بالمقاومة ولم يأخذ تهديداتها على محمل الجد، ظناً منه أنها أعجز من أن تنفذ وعيدها، وأنها لا تملك ما تنفذ به تهديدها، وأن أنظمته المضادة للصواريخ ستسقط صواريخ المقاومة، وستفقدها فاعليتها وأثرها. إلا أن المقاومة الصادقة الوعد، الوفية العهد، نفذت تهديدها وقصفت مطار اللد بعشرات الصواريخ، مما أفقد العدو توازنه وعقله، فأدرك للمرة الأولى في تاريخه أنه مضطرٌ لتعطيل مطاره الكبير، والاعتذار عن استقبال الرحلات الدولية فيه، وأمام هذه الصفعة المؤلمة، أعلن أنه سيستخدم مطاراته البديلة في حيفا والنقب، وأن شيئاً لن يتغير في الملاحة الجوية في حال تحويل الرحلات الدولية إلى هذين المطارين المعدين أصلاً لاستقبال أعدادٍ محدودةٍ من الرحلات.
لم تتأخر المقاومة في ردها، ولم تقف عاجزة أمام الاحتيال الإسرائيلي البديل، فهي قد وعدت بإغلاق المطارات الإسرائيلية على إطلاقها، وتعطيل الرحلات الجوية منها وإليها، ونصحت دول العالم بتعليق رحلاتها وعدم المغامرة بسلامة ركابها، وفجأةً ودون مقدماتٍ، أعلن أبو عبيدة، الناطق الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، عن استهداف مطار رامون في صحراء النقب، بصاروخ عياش بعيد المدى، الذي كشف عنه النقاب لأول مرة، والذي يبلغ مداه 250 كيلو متراً، علماً أن مطار رامون يبعد عن قطاع غزة مسافة 200-220 كلم فقط. صُدم الكيان الصهيوني وذهل، وفقدت قيادته السياسية والعسكرية عقلها، فهم اليوم في مواجهة مقاومة حقيقية، تمتلك قرارها الحر وسيادتها المستقلة، وعندها إمكانياتها ولديها قدراتها، وتستطيع أن تصل بصواريخها المعلنة وقدراتها الخفية، الدقيقة الإصابة الشديدة الأثر، إلى أبعد مكانٍ في فلسطين المحتلة، وإذا حاول العدو تشغيل مطاراته الشمالية فإن صواريخ المقاومة ستلاحقه، وستجبره على إغلاقها وتعطيل رحلاتها، ولن تتمكن صواريخ منظومته الحديدية من حمايته، خاصةً أنها جزءٌ من المشكلة، وسببٌ مباشرٌ في الإغلاق، فصواريخها المضادة تهدد الملاحة الجوية وتعطلها. باتت الأرض تميد تحت أقدام الإسرائيليين وتتزلزل، وأخذت النار تشتعل بهم ومن حولهم، وتضطرم يوماً بعد آخر وتلتهب، وتحرق أجسادهم وتدمي أطرافهم، وها هي السماء فوقهم تمطر صواريخاً وفي وجوههم تغلق أبوابها وتسد فضاءها، فلا غيث يصلها، ولا تضامن ينفعها، ولا قبة تحميها، وقد صدق من قال فيهم، إن بيتهم أوهى من بيت العنكبوت، فترقبوا نكثه، وانتظروا زواله بإذن الله رب العالمين. . .