رغم اعتراف بعض وسائل الإعلام العبرية بأن "إسرائيل" قد هزمت وتلقت صدمة كبرى خلال الحرب الحالية على قطاع غزة والتي بدأت يوم 10 مايو 2021م، وأن هذه الحرب وضعت رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في ورطة كبرى؛ فهو غير قادر على وقف الحرب بعد الخسائر المدوية التي منيت بها تل أبيب، وغير قادر أيضا على الاستمرار فيها في ظل الخسائر الكبيرة والشلل التام الذي ضرب "إسرائيل"؛ إلا أنه يتباطأ في وقف العدوان لأسباب سياسية وانتخابية بحته، فهو لا يريد إنهاء العدوان قبل القيام بعملية نوعية كبيرة تمكنه من الادعاء أمام خصومه في الداخل بأنه حقق النصر في الحرب.
يبرهن على ذلك أن حكومة نتنياهو حريصة كل الحرص على عدم وقف العدوان قبل النجاح في اغتيال بعض أو أحد قادة الصف الأول في حركة حماس، حتى يتسنى لنتنياهو الزعم أمام خصومه السياسيين في الداخل أنه انتصر في الحرب، بينما إنهاء الحرب في ظل هذه الأوضاع وبعد المفاجأت المدوية التي حققتها المقاومة بضرب مدن الاحتلال الكبرى؛ فإن ذلك كفيل بكتابة النهاية لمسيرة نتنياهو السياسية.
ويوم الأحد 16 مايو الماضي، قال قائد المنطقة الجنوبية بجيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال إليعازر توليدانو، إن قادة حركة حماس وجناحها العسكري، محمد الضيف ويحيى السنوار، هدف موضوع للضربات الإسرائيلية، ما يفسر أن إسرائيل تبحث عن تحقيق إنجاز كبير في هذا العدوان على قطاع غزة، وهو ما يبرر تمديدها بشكل يومي للعمليات ورفضها لأي ضغوط دولية تدعوها للتهدئة. وتحاول حكومة الاحتلال على مدار 7 أيام من القصف المتواصل على قطاع غزة، الوصول إلى قيادات المقاومة، فقد استهدف الاحتلال الإسرائيلي عشرات المنازل التي تعود لقادة وعناصر في المقاومة، كما تمكن من اغتيال عدد منهم، بينما يحاول الوصول لآخرين، عبر استهداف كل ما هو متاح أمامه ويمكن أن يمت لهم بصلة.
وذكرت صحيفة timesofisrael الإسرائيلية، الثلاثاء 18 مايو 2021، أن جيش الاحتلال حاول اغتيال محمد الضيف، قائد الجناح العسكري لكتائب "القسام" مرتين على الأقل خلال 10 أيام من العدوان على قطاع غزة، وأكدت الصحيفة أن المخابرات العسكرية الإسرائيلية تعتقد أنه نجا منها بنجاح. حسب الصحيفة نفسها، فإن آخر الضربات التي استهدفت الضيف، كانت يوم الإثنين 17 مايو الجاري، مشددة على أن هذه المعلومات تم السماح بنشرها يوم الثلاثاء فقط. الصحيفة، أقرت بعجز إسرائيل عن اغتيال الضيف رغم أنها طاردته لأكثر من 25 عاما، بعد أن قاد العشرات من العمليات ضد الاحتلال. كما اعترفت أيضا بأن جيش الاحتلال يصنف الضيف على أنه " قائد ميداني ماهر".
شروط وقف إطلاق النار
وقالت مصادر غربية مطلعة على محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، الثلاثاء 18 مايو 2021، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب من الإدارة الأمريكية مهلة يومين إلى ثلاثة لإنهاء عمليته العسكرية في قطاع غزة، حسبما كشفته وكالة الأناضول.
وسبق أن قال القيادي في حركة "حماس"، حماد الرقب، إنهم وضعوا ثلاثة شروط لوقف إطلاق النار: يتمثّل الأول في انسحاب الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين من باحات المسجد الأقصى، والثاني وقف كل الانتهاكات بحق أهالي حيّ الشيخ جراح في مدينة القدس، والثالث يتعلّق بإطلاق سراح كل المعتقلين الفلسطينيين الذين سجنتهم إسرائيل خلال "هبّة القدس" الأخيرة. وأضاف الرقب أنه "في حال استمرت تل أبيب في ممارسة الانتهاكات في القدس ولم تستجِب للشروط، فإن للمقاومة الحرية المطلقة في استخدام كل الوسائل القتالية للدفاع عن جميع الفلسطينيين"، وفقاً لما ورد في تقرير لـ"موقع إندبندنت عربية".
ولكن بعد أيام من الحرب تخللتها محاولات للوساطة، كشف قيادي بارز في حركة حماس مطلع على جهود الوساطة الجارية، في تصريحات لشبكة CNN، أن جهود مصر وقطر للتوسط في هدنة مع إسرائيل تعثرت بسبب نقطتين رئيسيتين: النقطة الأولى هي إصرار الحركة على أن أي وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس يجب أن يشمل إنهاء "الاستفزازات" الإسرائيلية في المسجد الأقصى والتهديد بإخلاء حي الشيخ جراح. وأضاف أن إسرائيل رفضت هذه الشروط حتى الآن.
أما النقطة الثانية، بحسب المصدر، فهي إصرار إسرائيل على أن تبدأ حركة حماس وقف إطلاق النار أولا، قبل ثلاث ساعات على الأقل من قيام إسرائيل بذلك. وقال المصدر إن حماس ترفض هذا الاقتراح رفضاً قاطعاً.
وأضاف المصدر أن محادثات الوساطة ناقشت أيضاً "إجراءات حفظ ماء الوجه"، بحيث لا يوحي ترتيب الهدنة بفوز طرف وخسارة طرف.
ويرى السيد خالد مشعل، رئيس الإقليم الخارجي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في تصريحات إعلامية لقناة الأقصى الفضائية الثلاثاء 18 مايو 2021، أن المقاومة الفلسطينية سترغم نتنياهو وإسرائيل على إيقاف عدوانها على غزة، كما أنها "لم تمنحه فرصة الخروج كمنتصر" من حربه على قطاع غزة، وذلك في الوقت الذي تروج فيه قنوات إسرائيلية شائعات عن موافقة حماس على التهدئة لكنه عزت الرشق المتحدث باسم الحركة نفى ذلك مؤكدا أنه لا وقف للحرب قبل إذعان الاحتلال لشروط المقاومة.
وحتى أمس الثلاثاء، بلغ عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة، والمتواصل منذ 10 مايو الجاري، 219 شهيداً، بينهم 63 طفلاً و36 سيدة، و16 مسنا بجانب 1530 جريح، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية بالقطاع. فيما استشهد 27 فلسطينيا في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة، وأصيب نحو 4 آلاف خلال مواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
في المقابل، ترد فصائل المقاومة الفلسطينية بإطلاق الصواريخ بكثافة على مستوطنات ومدن عديدة داخل إسرائيل؛ الأمر الذي أسفر عن سقوط نحو 12 قتيلا ومئات الإصابات، بخلاف تدمير وتخريب منشآت إسرائيلية عديدة وإصابة الكيان بشلل تام.