الركود والكساد يهدد صناعة الإسمنت بالانهيار بسبب السياسات الخاطئة التى يفرضها نظام الانقلاب خاصة عقب زيادة أسعار الوقود والكهرباء خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى وقف أعمال البناء منذ أكثر من عام بزعم وضع نظام تراخيص جديد، رغم أن الواقع يكشف أن الانقلاب يسعى إلى فرض نظام جباية على أعمال المقاولات والبناء وأصحاب العقارات؛ مما أصاب السوق العقارى بحالة من الشلل؛ وبالتالى تأثرت الصناعات التى تعتمد على هذه السوق ومن بينها صناعات الإسمنت وحديد التسليح والطوب والسيراميك ومواد التشطيبات والدهانات وغيرها.
ويتجاهل نظام الانقلاب التداعيات السلبية لجائحة فيروس كورونا المستجد والتى أدت إلى مزيد من الركود وتسريح ملايين العمال وتوقف الكثير من الأنشطة؛ لأنه يريد تصريف الوحدات السكنية التى يبنيها الجيش والشركات التابعة له، والاستحواذ على كامل الكعكة العقارية وطرد المنافسين من السوق.
تحديات كبيرة
فى هذا السياق، أكدت مصادر صناعية أن شركات ومصانع إنتاج الإسمنت تواجه تحديات كبيرة مع زيادة حجم الإنتاج والطاقات الإنتاجية المحلية، بينما ينخفض الطلب بشكل ملحوظ بسبب تأثيرات "كورونا" على السوق، والنشاط العقارى وأعمال البناء.
وقالت المصادر إن البيانات الرسمية تشير إلى أن الفرق بين الطاقات الإنتاجية والطلب يصل إلى نحو 30% و35%، موضحة أن أرقام اتحاد الصناعات تؤكد أن الطلب نحو 50 مليون طن، بينما الطاقات الإنتاجية فاقت 87 مليون طن، مما يؤثر على مستويات الأسعار.
وكشفت أن أطرافا عديدة من شركات صناعة الإسمنت الخاصة والحكومية والمشتركة واتحاد الصناعات ناقشت حلولا للحفاظ على مستوى أسعار الإسمنت في الأسواق والأداء الاقتصادى للمصانع والشركات، عن طريق تحقيق توازن بين العرض والطلب، بخفض الإنتاج بنسبة تعادل الزيادة في الكميات المعروضة في السوق وفى نفس الوقت الحفاظ على ضخ ما يلبى احتياجات سوقى الإنشاءات والعقارات.
وطالبت المصادر بالبدء في خفض الإنتاج من الإسمنت بنسبة تترواح بين 10% و14%، مؤكدة أن بعض الشركات بدأت بالفعل خفض إنتاجها، بما يعادل نسب الفائض عن احتياجات السوق من منتجاتها، وبما لا يؤثر عن تلبية طلبات السوق. وحذرت من أن منتجات الإسمنت سلعة غير قابلة للتخزين لمدد طويلة.
كثرة المعروض
وأكدت شعبة الإسمنت باتحاد الصناعات أن الطلب انخفض بين عامى 2017 و2020 بنسبة 17% بينما زادت الطاقة الإنتاجية بنسبة 11%. وقالت الشعبة فى بيان لها إن أرقام الربع الأول من عام 2021 تشير إلى أن الطلب على الإسمنت واصل انخفاضه بمعدلات أعلى. وأوضحت أن متوسط الطاقة الإنتاجية للصناعة يبلغ 84.5 مليون طن إسمنت، وفي تقديرات أخرى يصل إلى 87 مليون طن ولا يتجاوز الطلب 50 مليون طن عام 2021، ويصل الفائض لنحو 35 مليون طن، وبلغ عدد الشركات العاملة 18 شركة، وتصل القدرة الإنتاجية للمصانع المملوكة للدولة نحو 18.5 مليون طن مع 10 خطوط إنتاج، بينما تقدر للقطاع الخاص بنحو 64 مليون طن مع 37 خط إنتاج.
ولفتت الشعبة إلى أن قطاع الإسمنت يمتلك 19 شركة منتجة، منها 18 شركة خاصة، بالإضافة إلى شركة تابعة للدولة، وتملك هذه الشركات 42 خط إنتاج، وتبلغ الاستثمارات الأجنبية في صناعة الإسمنت نحو 52%. وشددت على أن كثرة المعروض من الإسمنت في السوق المصرية يتطلب فتح أسواق خارجية، وضرورة مشاركة دولة العسكر في إعمار الدول المحيطة وفتح أسواق كبيرة في أفريقيا من خلال شركات المقاولات وهو ما يخلق فرصة لتوزيع منتجاتنا من الإسمنت.
قرار مؤقت
وكشف مدير إنتاج في شركة إسمنت كبرى أن المناقشات التى جرت في الفترة الأخيرة حول خفض الإنتاج أكدت على نقطتين رئيسيتين، الأولى الاستعداد لزيادة الإنتاج في أى وقت في حال ارتفاع الطلب، بما يلبى احتياجات السوق، والتنمية العقارية والعمليات الإنشائية للمشروعات القومية الكبرى التى تنفذها دولة العسكر.
وقال إن النقطة الثانية ركزت على أن أى خفض في الإنتاج هو قرار مؤقت، للحفاظ على الأداء الاقتصادى للشركات، والحفاظ على السعر العادل الحالى للإسمنت، والذى يترواح بين 750 إلى 950 جنيها للطن، من نوع إلى آخر. وأضاف أن أى قرار لخفض الإنتاج لن يؤثر على السعر، ومتطلبات السوق، لأن نسب التخفيض المقترحة، أقل من حجم الزيادة في كميات العرض.
لوائح البناء
وقال عصام سيد الشيتى، تاجر إن أسعار الإسمنت ثابتة منذ أكثر من عام ونصف، ولم يتجاوز سعر الطن الـ 900 جنيه، في المتوسط، إلا بالنسبة لنوعين أو ثلاثة. وأضاف الشيتى فى تصريحات صحفية، أن الكميات التى تصلنا والتى نطلبها لم تتأثر، مشيرًا إلى أن الطلب على الإسمنت خلال فترة زادت عن 15 شهرا انخفض كثيرا عن عام 2019، وذلك بسبب قرارات البناء واللوائح التى وضعتها دولة العسكر للبناء قبل أكثر من عام.
وأكد محمد العربى، تاجر إسمنت أن حجم المعروض أكبر بكثير من الطلب، مشيرا إلى أن التجار الصغار في بعض المناطق الشعبية توقفوا عن طلب كميات كبيرة.
وقال العربى فى تصريحات صحفية، إن الطلب في الأغلب من مقاولى التشطبيات، ولكن الطلب ما زال مستمرا من شركات المقاولات، التى تنفذ مشروعات الإسكان مثل الإسكان الاجتماعي، ومقاولى المشروعات القومية الكبرى، مثل الكبارى والطرق، ويتم توريد أغلبه من المصانع مباشرة. وأشار إلى أن جهات حكومية انقلابية طالبت شركات صناعة الإسمنت بخفض إنتاجها بنسب تبدأ من 10% بزعم دعم الموارد المالية التى تضررت من تخمة المعروض.