شهدت أسعار اللحوم في الأسواق زيادات كبيرة رغم عزوف المصريين عن شرائها بسبب ضعف قدرتهم الشرائية وتراجع دخولهم بالإضافة إلى تسريح ملايين العاملين بمختلف القطاعات نتيجة التداعيات السلبية لجائحة فيروس كورونا. واحتجاجا على هذه الزيادات غير المبررة فى الأسعار، أعلنت جمعية «مواطنون ضد الغلاء» عن إطلاق حملة لمقاطعة اللحوم لمدة شهر كامل احتجاجا علي تعطيش أسواق اللحوم ورفع التجار الكبار لأسعار اللحوم التي تباع في المجازر، التي يقوم أصحاب محلات الجزارة بتشفيتها من العظم وبيعها للمواطنين. وأكدت الجمعية أن أسعار اللحوم سوف تصل إلي حد من الارتفاع غير المقبول؛ وهو ما يستدعي البدء فورا في حملة مقاطعة تنتهي قبل عيد الأضحي بشهر كامل.
من جانبه قال محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، إن الأسعار المعلنة لدي تجار المجازر ومن يسمون بتجار الطبلية بلغت 95 جنيها لكيلو اللحم بالعظم، وهو ما يعني أن الجزار سيبيع الكيلوجرام بما يقترب من 150 جنيها للكيلو، خاصة وأن الجزار سيخلي العظم من الذبيحه ويبيعها مشفاة للمواطنين بالسعر الذي يحقق له ولو هامش ربح صغير.
وأضاف العسقلاني فى تصريحات صحفية، أن الشركات والتجار الكبار اتفقوا علي تحديد السعر المعلن، وهو ما يعنى تحقق شبهة الممارسة الاحتكارية والاتفاق الأفقي الذي يحظره قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ما يستدعي تدخل جهاز حماية المنافسة لدراسة السوق وتحديد موطن الخلل. وطالب حكومة الانقلاب بالتدخل لإخراج هؤلاء المحتكرين من السوق والاستيراد من الخارج لسد هذه الفجوة بالغة الخطورة، وذلك بديلا عن هؤلاء الجشعين الذين استغلوا التوقف النسبي لعمليات استيراد اللحوم المجمدة من البرازيل والهند جراء كارثة كورونا التي حلت بالعالم وارتفاع تكلفة النقل نتيجة تعطل معظم خطوط الملاحة العالمية؛ مما أدي لارتفاع مبالغ فيه في سعر اللحوم والتي تجاوزت 85 جنيها للحوم المجمدة البرازيلية و75 جنيها للحوم الواردة من الهند.
وتابع العسقلاني أن الهند توقف الاستيراد منها نسبيا بسبب تفشي الوباء وما يتردد عن عدوي الفطر الأسود هناك، مناشدا كل مواطن شريف دعم هذه الحملة علي مواقع التواصل الاجتماعي ومقاطعة اللحوم لمدة شهر كامل حتي تصل رسالة المستهلكين لهؤلاء الجشعين الذين يظنون ان صوت المستهلك اختفي.
مجموعة مسيطرة
وكشف عن أسباب أخرى لارتفاع أسعار اللحوم منها أن ارتفاع أسعار الأعلاف ليس سببًا رئيسيًا في ارتفاع الأسعار، لكن هناك مجموعة مسيطرة على أسعار اللحوم في الأسواق ويجب التصدي لها، مطالبًا بعمل مقاطعة للحوم في فترة غلائها من أجل إجبار التجار على خفض الأسعار. وأضاف «العسقلاني»، أن ارتفاع أسعار اللحوم مفاجئ للغاية، والمجرم في هذا الأمر تاجر الطبلية الذي يأخذ المواشي من المزارع ويبيع للجزار، وخاطب التجار: «هنخلي المواشي بتاعتكم تقعد لبعد العيد، وتاكل فلوس بأعلاف، وحملة بلاها لحمة نجحت وأثرت بشكل قوي في الأسعار في السوق». وكشف أن هناك خططا لرفع أسعار اللحوم قبل موسم عيد الأضحى بنسبة تصل لـ 30%، وهذا غير مقبول، ونعتبرها محاولات للسطو على المشتري.
أسعار الأعلاف
وأكد محمد مدبولي عضو شعبة القصابين بالغرفة التجارية، أن ارتفاع أسعار الأعلاف سبب رئيسي في ارتفاع أسعار اللحوم خلال الفترة الأخيرة في الأسواق المصرية، موضحا أن سعر طن العلف زاد 4 آلاف جنيه بشكل غير مبرر، كما أن المزارع تبيع المواشي بأسعار مرتفع بناء على أسعار العلف. وقال مدبولى فى تصريحات صحفية، إن الزيادة تصل إلى ثلثين وثلث في أسعار اللحوم المذبوحة، معربا عن أسفه لعدم وجود اهتمام بالعلف من قبل الكثير من الجهات وهذه هي النقطة التي تسببت بشكل واضح في ارتفاع أسعار اللحوم. وكشف أن سعر كيلو اللحم في الأسواق وصل الآن إلى 140 جنيها فى المتوسط، والعجل حي سعر الكيلو فيه يصل لـ 60 جنيها.
وقال المهندس متى بشاي، رئيس لجنة التموين والتجارة الداخلية بالشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية، إن أسعار الشحن عالميًا شهدت زيادات كبيرة خلال اليومين الماضيين، مما قد يرفع أسعار السلع المستوردة. وأضاف بشاي في تصريحات صحفية، أن ارتفاع أسعار الشحن سيؤثر على المنتج النهائي في الأسواق المصرية بنسبة تتراوح بين 15 و25%.
وأوضح أن أسعار الشحن الواردة من الصين قفزت إلى مستوى قياسي بنسبة 800% لتسجل 12 ألف دولار من 2500 دولار سابقا، فيما ارتفعت أسعار الشحن الواردة من الاتحاد الأوروبي بنسبة 200% لتصل إلى 3060 دولارا من 1200 دولار سابقا مؤكدا أن أسعار الشحن عالميًا شهدت صعودًا كبيرًا وصل لمستويات قياسية منذ بداية أزمة فيروس كورونا، مع توقف حركة التجارة.
وأرجع بشاي سبب الزيادة إلى ارتفاع الطلب على المنتجات والسلع في الوقت الذي تعاني فيه شركات الشحن من نقص الحاويات الفارغة، مع تسبب الجائحة في توقف الإنتاج بغالبية المصانع. وأكد أن الطلب على الحاويات كبير في بكين لكونها أكبر مصنع في العالم، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الشحن، وسيساهم ذلك بشكل كبير في ارتفاع الأسعار بالأسواق التي تعتمد على الاستيراد. ولفت بشاي إلى أن العديد من المستوردين قاموا مؤخرا بإلغاء تعاقداتهم مع الكثير من الأسواق بسبب عدم الالتزام بمواعيد الشحن، والارتفاع المتكرر لأسعار الشحن.