منصة إعلامية تكشف سر حملة “7 سنوات سمان” للترويج لإنجازات السيسي التي لا تحتاجها مصر

- ‎فيأخبار

نشر موقع "مدى مصر" تقريرا سلّط خلاله الضوء على تغطية الأذرع الإعلامية للانقلاب لذكرى أحداث 30 يونيو. وقال التقرير إن: "التغطية كانت غير عادية هذا العام من حيث النوعية والكمية على حد سواء، وقد نشر عدد من الصحف أقساما خاصة من أربع إلى ثماني صفحات، تتضمن مراجعات تغطية لإنجازات (المنقلب) السيسي على مدى السنوات السبع التي تولى فيها منصبه، وخصصت العديد من البرامج التليفزيونية حلقات كاملة لنفس الشيء".

وأضاف التقرير أن: "العديد من مصادر الصحف، كشفت عن صدور تعليمات واضحة لغُرف الأخبار ؛لتسليط الضوء على إنجازات السيسي، وتجنب الإشارة إلى الأخبار السلبية من أي نوع، حتى قصص انهيار المباني وتعطل القطارات".

وأشار التقرير إلى أن: "مصادر صحفية وإعلامية وسياسية، ذكرت أن سياق ودوافع الحملة الإعلامية الجديرة بالثناء بشكل خاص هذا العام قد يُمهّد ذلك الطريق لتحرك سياسي كبير".

ونقل الموقع عن أحد كبار المُحررين في إحدى الصحف المملوكة للدولة، قوله إنه: "صدرت توجيهات لوسائل الإعلام كانت واضحة بشكل لا لبس فيه: التركيز على إنجازات السيسي على مدى السنوات السبع الماضية، وجاءت التعليمات مع قائمة شاملة من الإنجازات التي سيتم تسليط الضوء عليها، وترتيبها بالترتيب الذي سيتم عرضها جنبا إلى جنب مع عناصر محددة سيتم تغطيتها في إطار كل إنجاز، كما يقول المحرر".

وأضاف المحرر الكبير أن: "الأوامر جاءت من هيئات صحفية حكومية، لكن محررا آخر يعمل في صحيفة مستقلة يقول إن الأوامر جاءت من "كيان سيادي" أبلغ مجموعة من رؤساء التحرير وكبار المحررين بأن الهدف هو "تذكير الناس بإنجازات السيسي بطريقة مباشرة".

تعدد السلطات

وقال عضو في هيئة تحرير صحيفة مملوكة للقطاع الخاص إن: "هذه الروايات المختلفة ربما يرجع إلى تعدد السلطات التي تصدر عادة تعليمات للصحف ووسائل الإعلام الأخرى، مضيفا أن أهم التعليمات يتم تسليمها دائما مباشرة إلى المحررين الرئيسيين من قِبَلِ فرقة العمل المعنية بالتوجيه الصحفي، وهو فريق ملحق مباشرة بمكتب الرئيس ،وهو فريق عمل صغير وموثوق به داخل الدائرة الأعمق للسلطة".

وأضاف عضو هيئة التحرير أن: "الموضوع الرئيسي هو لفت الانتباه إلى " الإنجازات التنموية" و "النمو الاقتصادي الاجتماعي على مختلف الجبهات، بما في ذلك التعليم والخدمات والطرق والمدن الجديدة والخدمات العامة والعاصمة الإدارية الجديدة "، وتحدث محرر آخر لصحيفة حكومية عن قوائم مُفصّلة بالإنجازات الصادرة لوسائل الإعلام "للاستفادة منها في التقارير والميزات الخاصة".

وأوضح التقريرأن: "الامتثال لهذه التعليمات ظهر في صحف مختلفة خلال الأسابيع القليلة الماضية، ونشر عدد صحيفة الجمهورية في 11 يونيو مع قسم خاص بعنوان "مصر، السيسي، الطريق إلى الجمهورية الجديدة: سنوات من البناء والتنمية والتقدم".

وفي حين كانت الصحف المملوكة للدولة أكثر امتلاء بالمحتوى الاحتفالي، حتى الصحف التي يُنظر إليها على أنها "مستقلة" شاركت في النشر الإعلامي المنسق في اليوم التالي للقسم الخاص بالجمهورية، كان عنوان الصفحة الأولى لصحيفة حزب الوفد هو "مصر تبني الجمهورية الجديدة".

لم يكن الترحيب بـ "الجمهورية الجديدة" هو الموضوع الوحيد المتكرر، استشهد جزء كبير من التغطية بالنسخة القرآنية لقصة النبي يوسف، ولا سيما بالاعتماد على أهمية العدد السابع في المثل، حيث يفسر يوسف حلم سجين زميل سابق حوالي سبع سنوات سمانٍ.

وفي تغطيتها، وصفت صحف حكومية وخاصة مختلفة الفترة التي قضاها السيسي في منصبه بأنها "سبع سنوات سمان"، وفي الوقت نفسه، أشار رئيس تحرير الأخبار، خالد ميري، إلى قصة سيدنا يوسف في عمود نشر في 7 يونيو بعنوان "جمهورية جديدة"، وكتب "لا أحد لديه نفس القدرة التي كانت لدى نبينا المبجل يوسف بالتنبؤ بالمستقبل وتفسير الأحلام"، لكن قصته تعلمنا أن الصبر والعمل الجاد والإيمان ،هي مفتاح الازدهار وجني ثمار النجاح".

جمهورية الكذب

وفي صحيفة "صوت الأزهر"، الأسبوعية الرسمية للمؤسسة الدينية البارزة، جاء العنوان الرئيسي في عددها الثاني الصادر في يونيو: "الجمهورية الجديدة: 7 سنوات خضراء".

لكن السنوات السبع السمان التي مر بها يوسف تلتها سبع سنوات عجاف، كما أشار الكاتب محمد سعد عبد الحافظ على فيسبوك :" داعيا المسؤولين الذين ابتكروا هذه الرسائل العامة إلى النظر بعناية في النص القرآني وعدم اقتباسه عشوائيا".

وأدلى كاتب عمود آخر، جلال حمام، بنفس الصلة في عموده في 11 يونيو في الدستور، غير أن حمام حل الإشكال بالقول إنه بعد سبع سنوات سمان «سيأتي العام الذي فيه يُغاث الناس وفيه يعصِرون»، بدلا من سبع سنوات عجاف".

وأشار التقرير إلى أن: "الاستشهاد بقصة يوسف لم يكن جزءا من التعليمات المرسلة لوسائل الإعلام، وفقا للمصادر، ولكن تمت الإشارة إليها في منافذ متعددة، مع ذلك بطريقة تبدو منسقة وتقول إحدى الشخصيات السياسية، التي التقت السيسي عدة مرات عندما كان وزيرا للدفاع، إن: "الآية القرآنية عن يوسف لها مكانة خاصة في قلب السيسي وأنه يحب تلاوتها".

ونوّه التقرير إلى أن: "أكثر المقالات توازنا كان عمودا كتبه عماد الدين حسين، عضو مجلس شيوخ الانقلاب ورئيس تحرير صحيفة الشروق، وفي عدد 6 يونيو، يسرد الإنجازات التي تحققت في السنوات العديدة الماضية، ولكنه يشير أيضا إلى التحديات التي تنتظرنا".

وكتب حسين أن:" الإعلامية المُقرّبة من الانقلاب لميس الحديدي سألته في برنامجها الحواري: "هل كنت تعتقد أن كل هذه الإنجازات كانت ممكنة خلال سبع سنوات في عهد السيسي؟" ويرد قائلا لها إنه :"بينما كان الناس يأملون في المقام الأول في الأمن والاستقرار في الوقت الذي تولى فيه السيسي منصبه، فإن ما تحقق في الواقع ـ سواء في الاقتصاد أو البُنية التحتية أو الخدمات العامة – أكبر بكثير، لكنه يضيف أنه مع هذه السنوات السبع من الإنجازات، لا بد من التغلب على سبعة تحديات: سد النهضة الإثيوبي العظيم، وتطوير نظام التعليم، ومكافحة الفساد، واستصلاح الأراضي الزراعية، والتنمية الزراعية والصناعية، والديون الخارجية، والحاجة إلى المزيد من الحريات السياسية".

إعلانات مدفوعة

وتابع التقرير: "إلى جانب سرد إنجازات السيسي، كان النصف الآخر من التوجيه الصادر لوسائل الإعلام هو الامتناع عن تغطية القصص السلبية قدر الإمكان، ومثال ذلك مقال كتبه الكاتب والباحث عمرو الشوبكي للمصري اليوم، وظهر المقال في الطبعة المطبوعة، لكنه أُخرج فيما بعد من موقع الصحيفة على شبكة الإنترنت، وانتقد شوبكي الاتجاهات الإعلامية الحالية وشكك في " الدافع وراء تقليد التجارب غير الناجحة "، وتعرّض شوبكي لحملة تشهير من قبل أكبر صحيفة حكومية في مصر، الأهرام، والشركات التابعة لها – وهو عضو فيها بصفته باحثا في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية – متهمة إياه بدعم جماعة الإخوان المسلمين".

وأردف التقرير: " أقسام الإعلانات في الصحف المملوكة للدولة، قدمت فرصة نادرة للشركات لشراء مساحات إعلانية؛ للإشادة بجميع إنجازات السيسي على مدى فترة ولايته التي استمرت سبع سنوات، ومن الأمثلة البارزة بشكل خاص إعلان على صفحة كاملة موقع باسم "جميع العاملين في متاجر "التوحيد والنور"، وقد اعتقل السيسي رجل الأعمال رجب السويركي، مالك ومؤسس المتجر، وما زال رهن الاحتجاز بتهم تمويل الإرهاب".

ونقل الموقع عن مصادر برلمانية قولها إن: "الحملة تشير إلى أن " شيئا ما قادم "، يمكن أن يكون تحركا نحو تعديل دستوري ثانٍ من شأنه أن يرفع بطريقة ما حدود الولاية الرئاسية لفترتين، وقد حدد الدستور فترة ولايتين قبل تولي السيسي منصبه، في حين سمح له تعديل دستوري في عام 2019 بالبقاء في منصبه حتى عام 2030، بينما رأى إعلامي أن :"هذه الحملة الإعلامية قد لا تكون أكثر من جهد استباقي من قِبَلِ فرقة العمل المعنية بالتوجيه الصحفي ؛لإظهار قدرتها على الترويج بشكل صحيح لإنجازات السيسي؛ لكسب المزيد من الهيبة والثقة".