بعد انتهاء الملء الثاني.. ويبقى السد قنبلة موقوتة تهدد مصر وأمنها القومي

- ‎فيتقارير

أخطر التداعيات الكارثية على مصر من سد النهضة الإثيوبي أمران: الأول، هو التأثير على حصة مصر المائية وتحويل نهر النيل وهو أطول أنهار العالم الدولية، إلى بحيرة إثيوبية تتحكم فيه إثيوبيا من  خلال التصرف في كميات المياه المسموح بها في مجرى النهر  وهو ما يؤثر على حصة مصر المائية ويهدد ببوار ملايين الأفدنة الزراعية والتأثير على مصر اقتصاديا بشكل خطير خلال السنوات المقبلة.

الثاني، أن السد ــ بحد ذاته ــ يمثل تهديدا مباشرا على مصر وأمنها القومي بل وجودها كله؛ وذلك لأن تخزين نحو 74 مليار متر مكعب من المياه أمام بحيرة السد يمثل قنبلة موقوتة من زاويتين: الأولى، إذا جرى تدمير السد لاعتبارات طبيعية مثل الزلازل وغيرها فإن ذلك كفيل بإغراق دولتي المصب السودان ومصر، وقد يؤدي ذلك إلى مسح السودان من الخريطة تماما. الثانية، أن السد يمثل تهديدا مباشرا لأمن مصر  القومي، لأن أي عدو لمصر (إسرائيل مثلا) يمكن أن يسبب لها أضرار كبيرة  ليس من خلال قصف  المدن المصرية بل من خلال قصف السد الإثيوبي في أي وقت وهذا قد يفضي إلى مقتل أكثر من 10 ملايين مصري بخلاف إغراق أجزاء واسعة من مصر خصوصا منطقة الدلتا التي ستزول من الوجود تماما. ولعل هذا يفسر أسباب التحريض الإسرائيلي لإثيوبيا من أجل إتمام بناء السد ومدها بمنظومات دفاع جوي لحمايته ضد أي قصف مصري محتمل.

وبالتالي فإن إتمام عملية ملء خزان السد يعني أن المفاوضات في إطارها الحالي ليس لها معنى، وقد تحاول إثيوبيا التفاوض على مطالب جديدة، منها الحصول على موافقة القاهرة والخرطوم على تحويل سد النهضة من سد لتوليد الكهرباء فقط إلى الزراعة أيضاً، وبالتالي تقليل حصص مصر والسودان بشكل دائم من مياه النيل، كما أنها قد تستخدم هذا المسار المتعسر لبناء مزيد من السدود، كما سبق أن لوحت، وقد تستهدف تحويل المياه إلى سلعة بمعنى التحكم المطلق في مياه النيل وبيعها لدولتي المصب إن أرادتا وهو ما يهدد بحرب إقليمية واسعة تتداخل فيها الأطماع الدولية بما يهدد القارة السوداء ويستنزف ثرواتها لحساب الأجانب.

 

رسائل آبي أحمد

وأمس الخميس 22 يوليو 2021م، وجه رئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد، رسالة إلى مصر والسودان، مُعلنًا أن إثيوبيا أتمت الملء الثاني لسد النهضة في 20 يوليو الجاري، أثناء موسم الأمطار، مُضيفًا في تغريدة على حسابه على تويتر أن الملء تم بطريقة حذرة، كما أكد أنه يُطمئن دولتي المصب أن الملء الثاني لن يسبب أي ضرر وسيكون رمزًا للتعاون المشترك.

رسالة آبي أحمد تأتي بعد أيام من خطاب جنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسي في استاد القاهرة الذي أكد فيه أن مصر ستدعم إثيوبيا والسودان في أي مشروعات تنموية بشرط عدم المساس بحصة مصر من المياه، فيما قال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، إن الحكومة الإثيوبية تواصل التصرف في هذا الملف «بشكل أحادي للمرة الثانية.. إلا أننا نواصل الدعوة للامتناع عن الإجراءات المنفردة مع ضرورة التوصل لاتفاق قانوني وملزم يتماشى مع القانون الدولي».

الولايات المتحدة من جانبها، والتي كانت إحدى الجهات الراعية لمفاوضات سابقة بشأن السد في نهاية العام الماضي، جددت الثلاثاء الماضي، اهتمامها بأزمة سد النهضة، وذلك في مكالمة هاتفية بين رئيس الاتحاد الإفريقي الحالي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، ووزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، الذي دعا الكونغو إلى تكثيف جهود الاتحاد الإفريقي للتوسط بين مصر والسودان وإثيوبيا لحل النزاع القائم حول سد النهضة، وذلك بحسب بيان للسفارة الأمريكية لدى جمهورية الكونغو.

وكان مجلس الأمن عقد جلسة لمناقشة أزمة سد النهضة الذي تشيده إثيوبيا على مجرى نهر النيل وسط اعتراضات مصرية وسودانية على ملء الخزان المائي دون اتفاق بين الدول الثلاث، في الثامن من يوليو، ولم يتم التواصل إلى قرار خلال الجلسة، فيما شدد وفود باقي الدول الأعضاء في مجلس الأمن على دعمهم الوساطة الأفريقية لحل الخلافات حول سد النهضة.

وبينما لم يسفر اجتماع مجلس الأمن الدولي منذ اسبوعين عن الكثير، تتمسك إثيوبيا باستمرار المفاوضات تحت مظلة الاتحاد الإفريقي الذي تتولى جمهورية الكونغو رئاسته حاليًا، وترفض أي محاولة لاستدعاء أية أطراف أخرى لرعاية المفاوضات.