أرقام مرعبة في النصف الأول من 2021.. لماذا حوَّل السيسي “سيناء” إلى ساحة حرب؟!

- ‎فيتقارير
A picture taken on July 26, 2018 shows Egyptian policemen driving on a road leading to the North Sinai provincial capital of El-Arish. With fruit and vegetables aplenty in the markets, public transport back on the roads and universities reopened, life is returning to El-Arish in North Sinai state where Egypt's army is at war with jihadists. / AFP PHOTO / Khaled DESOUKI

رصد تقرير حديث نشرته "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" بالأرقام ما أسفرت عنها المواجهات المسلحة بين الجيش والشرطة من جهة وتنظيم "ولاية سيناء" من جهة أخرى خلال النصف الأول من العام الجاري "2021م"، وذلك في إطار ما تسمى بالحرب على الإرهاب التي يشنها نظام الطاغية عبدالفتاح السيسي على كل معارضيه بوصفهم "إرهابيين" حسب تصنيف النظام الذي اغتصب الحكم بانقلاب عسكري في 3 يوليو 2013م.

التقرير تناول عدد الضحايا من المدنيين والجيش والشرطة ومقاتلي التنظيم. وبحسب بيانات الجبهة، فقد قُتل على يد عناصر "ولاية سيناء" 22 مدنياً على أقلّ تقدير، من بينهم امرأة وطفلة، وأُصيب سبعة مدنيين بجروح على أقلّ تقدير، من بينهم امرأة. كذلك عمد التنظيم إلى اختطاف 26 مدنياً منذ بداية هذا العام، من بينهم ثمانية في ينايروثلاثة في فبراير و15 في مارس. وقد اختطف 24 من مدينة بئر العبد، واثنان من مدينة الشيخ زويد.

كذلك، قُتل على يد عناصر التنظيم 51 عنصراً من القوات المسلحة على أقلّ تقدير، من بينهم سبعة من الذين يُطلَق عليهم اسم "مقاتلي الصحوات" في وسط سيناء في النصف الأوّل من عام 2021. و"مقاتلو الصحوات" هم أفراد مجموعة مسلحة من اتّحاد قبائل شمال سيناء تحارب إلى جانب قوات الجيش المصري في وجه التنظيم.

وبحسب بيانات الجبهة نفسها، فقد وصل عدد القتلى المدنيين على يد قوات الأمن إلى أربعة في النصف الأوّل من عام 2021. وعُرف من بين هؤلاء دلال حسن نصر (راعية أغنام) في الشيخ زويد، وأحمد فرحان الحمايدة، ومواطنان آخران في بئر العبد.

أمّا عناصر تنظيم "ولاية سيناء" الذين قُتلوا على يد القوات المصرية في النصف الأول من عام 2021، فعددهم 31 بحسب تقرير الجبهة. 25 منهم في يناير، واثنان في فبراير، واثنان في مارس، واثنان في مايو، واثنان في يونيو.

وكانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عبّرت عن مخاوفها بشأن الممارسات المقلقة من تهجير وإخفاء قسري وتعذيب وغيرها في شبه جزيرة سيناء، داعية سلطات الانقلاب إلى الاعتراف بأنّ حرمان الناس من حقوقهم، كما هي الحال في كلّ البلدان التي تواجه تحديات أمنية وتطرفاً عنيفاً، لن يجعل الدولة أكثر أماناً، بل سوف يساهم في تفاقم عدم الاستقرار.

ومنذ بداية النزاع، وثّقت مراكز حقوقية دولية ومحلية انتهاكات جسيمة ارتكبها الطرفان المعنيان في حقّ السكان المدنيين في شمال سيناء. كذلك أدّى الصراع الدائر في المنطقة إلى تردّ كبير في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، من قبيل الحقّ في التعليم والحقّ في العمل والحقّ في الحصول على الغذاء والحقّ في مستوى معيشي مناسب. لكنّه حتى الآن، لا تتوفّر دراسات كافية حول تأثير الصراع على النساء خصوصاً، علماً أنّهنّ يعانينَ بشكل مضاعف في الحروب والنزاعات.

 

أسباب فشل الجيش

تذهب تفسيرات رصينة إلى أن وجود بل صناعة  تنظيم مسلح على غرار "داعش" أو "ولاية سيناء" يمارس عنفا ووحشية مفرطة تحت لافتة "الإسلام"، هو في حد ذاته، حاجة ضرورية للنظم المستبدة، لأسباب عديدة، أهمها أن هذه النظم تسوق نفسها أمام الأمريكان والغرب باعتبارها رأس حربة ضد التنظيم الدموي الذي صنعه الغرب وضخمه كثيرا، وثانيا تكتسب هذه النظم بوجوده أو صناعته وتضخمه شرعية مفقودة، وثالثا، تخلط به هذه النظم الأوراق بين التنظيمات المسلحة "داعش والقاعدة" والحركات الإسلامية المعتدلة المؤمنة بالحريات والانتخابات والتداول السلمي للسلطة مثل جماعة الإخوان المسلمين وحماس والجماعة الإسلامية وغيرها، كما توظف هذه النظم وجود مثل هذه التنظيمات الدموية (داعش/ ولاية سيناء) لإسكات معارضيها بحجة قدسية الحرب على الإرهاب وممارسة انتهاكات صارخة ومصادرة الحريات وتكريس الاستبداد بهذه الحجة الملفقة والشماعة الجاهزة.

كما يحقق نظام العسكر من استمرار ما تسمى بالحرب  الإرهاب خلال المرحلة الراهنة ترميما لشعبية الجنرال السيسي التي تآكلت بفعل السياسات الخاطئة والفشل المتواصل في كل الملفات السياسة والاقتصادية، كما تمنح الجنرال ذريعة تمكنه من فرض هيمنته على المشهد السياسي والإعلامي وإسكات أصوات منتقديه ومعارضيه بحجة التفرغ للحرب على الإرهاب. ويمثل استمرار العمليات كذلك غطاء ممتازا لفشل العملية السياسية وسحق كل من يفكر في منافسة الجنرال.

معنى هذا أن الحرب ستظل مفتوحة لتؤدي دورها السياسي المطلوب وهو القضاء على الحياة السياسية"، فأن تقضي على الإرهاب يعني أن تبث الروح في الحياة السياسية وهي خطر داهم على النظام الفاشي، وعندما يستمر ويعلو صوت المعركة ضد الإرهاب تستطيع إسكات كل الأصوات والزج بأصحابها خلف القضبان".

ويذهب آخرون إلى اتهام سلطات نظام 30 يونيو العسكر الانقلابي بافتعال معركة التطرف الديني والإرهاب باسم الدين، مؤكدين أن «وراء هذه الحرب المفتعلة «مافيا» تسترزق من ورائها ولا تريد لها أن تتوقف أبدا بل سيقاومون حتى النهاية من أجل سبوبة الاسترزاق».

هذه المافيا التي تقف وراء استمرار الحرب على ما يسمى بالإرهاب وتطالب بتمديدها رغم أنها مستمرة منذ سنوات دون قدرة على الحسم، تتشكل من جنرالات كبار في الجيش والشرطة وتضم قضاة وإعلاميين ورجال أعمال ومراكز بحث وأصحاب أجندات تستهدف استمرار حالة النزيف الذي يفضي في النهاية إلى إضعاف مصر ودخولها في دوامة لا تتوقف، وربما يستهدف البعض جزأرة المشهد المصري أو تدحرجه إلى السيناريو السوري أو الليبي تحت مزاعم أزمة الخطاب الديني.