الولايات المتحدة تحث الرئيس التونسي على العودة إلى “المسار الديمقراطي” بعد الانقلاب

- ‎فيأخبار

قال مسؤول كبير في البيت الأبيض للرئيس التونسي قيس سعيد إن على تونس العودة سريعا إلى "مسارها الديموقراطي" بعد ايام من الانقلاب الذي أدى إلى تعليق البرلمان، بحسب ما أفاد موقع "دايلي صباح".

وفي اتصال استمر ساعة مع سعيد، أشار مستشار الرئيس جو بايدن للأمن القومي جيك سوليفان إلى دعم "الديمقراطية التونسية القائمة على الحقوق الأساسية والمؤسسات القوية والالتزام بسيادة القانون"، وفقا لبيان صادر عن البيت الأبيض.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الدعوة "ركزت على الحاجة الملحة للقادة التونسيين للعودة السريعة إلى المسار الديمقراطي في تونس".

وأضاف أن "هذا سيتطلب تشكيل حكومة جديدة بسرعة بقيادة رئيس وزراء قادر على تثبيت استقرار الاقتصاد التونسي ومواجهة جائحة كوفيد-19".

وفي 25 يوليو، أقال سعيد رئيس الوزراء هشام المشيشي وأوقف البرلمان لمدة 30 يوما، وأمر بشن حملة قمع ضد الكسب غير المشروع استهدفت 460 من رجال الأعمال، وإجراء تحقيق في التمويل غير القانوني المزعوم للأحزاب السياسية.

وقد أغرقت خطوة الرئيس المفاجئة تونس في حالة من الاضطراب السياسي، بالإضافة إلى ذلك، تعاني هذه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا من أزمة اقتصادية خانقة تتسم بارتفاع التضخم وارتفاع معدلات البطالة، فضلا عن ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كوفيد-19.

واعتقلت السلطات التونسية يوم الجمعة أحد نواب المعارضة واعتقلت أربعة من أعضاء حركة النهضة احد أكبر الأحزاب السياسية في البرلمان، واتهم أعضاء النهضة بمحاولة الترويج للعنف بعد إعلان سعيد الانقلاب الأسبوع الماضي، وفقا لما ذكره رياض الشيدي، مسؤول الحزب.

الديكتاتور ينفي

ولعبت حركة النهضة دورا حيويا في الهيئة التشريعية التونسية بعد ثورة 2011، التي ألهمت ثورات الربيع العربي في جميع أنحاء المنطقة، كما تم اعتقال أربعة نواب آخرين في وقت سابق من يوم الجمعة، ووضع قاض تحت الإقامة الجبرية.

ونقلت الرئاسة عن أستاذ القانون السابق قوله: "أعرف النصوص الدستورية جيدا، أحترمها وأدرسها، وبعد كل هذا لن أتحول إلى ديكتاتور كما قال البعض".

ويرى الخبراء أن الاستقرار الداخلي والحفاظ على الديمقراطية والحريات هما أهم بكثير للاقتصاد التونسي من الضغط أو المواقف الخارجية حيال التطورات السياسية في البلاد، وقد وضعت إجراءات استثنائية اتبعها آخرون في الأيام الماضية البلاد في حالة من الهدوء الحذر والترقب.

وتنوعت مواقف الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والعمالية والتونسيين بين رفض ودعم قرارات سعيد وسط دعوات إلى حوار وطني لتجاوز الأزمة. وعلى الساحة الدولية، تفاوتت ردود الفعل أيضا بين تأييد تدابير الرئيس، في حين اعتبر آخرون ما حدث "انقلابا" ضد الديمقراطية وانتهاكا للدستور.

وشملت ردود الفعل الولايات المتحدة، التي عبرت عن دعمها لتونس في مفاوضاتها مع المؤسسات المالية الدولية، وذلك في بيان لنائب مساعد وزير الخزانة لشؤون إفريقيا والشرق الأوسط، إريك ماير، يوم الأربعاء، خلال اجتماع في العاصمة التونسية تونس مع مروان عباسي، محافظ البنك المركزي التونسي.

وتتفاوض تونس حاليا مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4 مليار دولار، وعلى هذا المنوال، أكد ماير على الولايات المتحدة الاستعداد "لدعم المساعي التونسية، خاصة مع المؤسسات المالية الدولية، مع ضرورة الإسراع في استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتجنب تفاقم الأزمة الاقتصادية في تونس، التي تفاقمت بفعل تداعيات الجائحة الصحية".

ليست شيكا على بياض

وقالت الصحفية والمحللة الاقتصادية جنات بن عبد الله لوكالة أنباء الأناضول، إنها تعتقد أن "الموقف الأمريكي في مواصلة التعاون مع تونس إيجابي ويمكن على الأقل أن يعطي ضمانات على مستوى الأسواق المالية العالمية والمستثمرين، شرط ألا تحيد تونس عن مسارها السلمي".

وأشارت إلى أن هناك تشابكا بين الجوانب السياسية والاقتصادية وأن الأزمة السياسية الحالية سيكون لها تأثير على الاقتصاد، خاصة وأن تونس تعاني من نقص السيولة، وشددت على أن تونس بحاجة إلى "تمويل خارجي واستمرار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي"، مشيرة إلى أن "المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تعثرت بسبب عدم الاستقرار السياسي والحكومي".

وقالت: "طالما أن التطورات في تونس غير مستقرة، ونظرا لانتظار تغييرات جديدة أخرى تصدر عن الرئاسة التونسية، فإن هذه المواقف وردود الفعل الخارجية يجب التعامل معها بحذر شديد"، مشددة على أن موقف الولايات المتحدة تجاه تونس لا يمكن اعتباره "شيكا على بياض".

الاستقرار الداخلي أهم

من جهته، قال الخبير الاقتصادي رضا الشكندلي من جامعة قرطاج لوكالة الأناضول إن الاستقرار الداخلي أهم من الضغوط الخارجية، "فالمواقف الخارجية للولايات المتحدة أو غيرها من الدول تساعد على إخراجنا من الأزمة السياسية، لكنها لا تعطل ما سيحدث داخليا في الأيام القليلة المقبلة".

وفي معرض تأكيده على أهمية الحريات والديمقراطية، قال الأستاذ التونسي: "أعتقد أن الوضع الحالي والتدابير الاستثنائية التي تم اتخاذها مؤخرا لن تدوم، ولا يتطلب الأمر ضغوطا خارجية أو مواقف جامدة من أي طرف خارجي لتغيير الشؤون الداخلية".

وأوضح أن "ما يهم الآن هو الوضع الداخلي وضرورة أن يتفق التونسيون مع بعضهم البعض، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية والإيديولوجية المختلفة، قبل التفكير في المواقف الخارجية، ومن مصلحة هؤلاء الناس اليوم الحفاظ على استقرار البلاد التي مرت على مدى عقد في بناء المسار الديمقراطي والمؤسسات الدستورية".

وأضاف: "كتونسيين، يجب أن نواصل بناء دولة ديمقراطية بعيدا عن الضجيج السياسي الذي يعطل بناء اقتصاد قوي، ولا يترك مجالا لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تتطلب استقرارا سياسيا واستمرارا للمسيرة نحو دولة ديمقراطية، حتى نتمكن من التفاوض مع صندوق النقد الدولي في إطار مطمئن".

 

https://www.dailysabah.com/world/africa/us-urges-tunisias-saied-to-return-to-democratic-path-after-coup