أصدر مصطفى مدبولي رئيس وزراء الانقلاب قرارا بقبول جميع ملفات التصالح في مخالفات البناء، ونظم القرار الحصول على التصالح مقابل 50 جنيها للمتر، والحصول على نموذج رقم 10 بشكل مؤقت، وإخطار الجهات المعنية. مطبقا الكلمة التي رددها السيسي في يونيو 2017 حين قال "اللي عاوز يقنن مخالفاته ،يجيب معاه شنطة الفلوس ويتصالح"، وذلك خلال اسعراضه نتائج حملة إزالة التعديات على الأراضي ومخالفات البناء باحتفالية حضرها محافظو الانقلاب".
وخلال الحفل نقلت الشاشات العملاقة مشاهد الجرافات تنقض على المباني لتحولها في دقائق إلى أحجار متفرقة وسحابة من الغبار، في رسالة لمن نجت مبانيهم من الهدم لتجهيز "شنط الفلوس".
وبعد 3 أعوام ونصف ،تبلورت الفكرة وتم تطبيقها ،بعدما صادق برلمان الانقلاب على قانون "التصالح في مخالفات البناء" الذي قدمته حكومة الانقلاب بهدف تنظيم إجراءات تقنين المباني المخالفة مقابل دفع غرامات.
وزعم رئيس وزراء الانقلاب أن "قانون التصالح" في مخالفات البناء والعشوائيات إجراءاته ميسّرة. لافتا إلى وجود أكثر من مليون مواطن تقدموا بطلبات تصالح، بينما يقدّر عدد الوحدات العقارية التي يشملها القانون بأكثر من 3 ملايين.
ونفذت سلطات الانقلاب حملة هدم للمنازل التي تصفها بالعشوائية، وتخير المواطنين بين الدفع أو الهدم، تنفيذا لما يعرف إعلاميا بقانون التصالح في المباني.
مليارات من جيوب الشعب
يقول المهندس صادق عبد النبي، عضو نقابة المهندسين السابق، إن "أغلب الوحدات العقارية في مصر مخالفة وسيتم تطبيق القانون عليها وهو بلا شك غنيمة للحكومة التي ستربح من وراءها مليارات بحسب وصفه".
هذا ما أكده المهندس علاء والي رئيس لجنة الإسكان بالبرلمان في وقت سابق أيضا، أن "القانون الجديد يُلزم أصحاب تلك الوحدات دفع الغرامات وفقا لمساحة كل عقار، باستثناء الهيئات الحكومية التي أعفاها القانون من دفع الغرامات وأعطى لمخالفات مبانيها تقنينا استثنائيا".
وتكشف الإحصاءات الحكومية عن "وجود 2.8 مليون عقار مخالف لشروط البناء بالكامل، منها 380 ألفا بُنيت دون الحصول على تراخيص، بينما بلغت أعداد الطوابق المخالفة بالمباني الأخرى 396 ألفا و87 طابقا، ليقترب إجمالي مخالفات البناء من عشرين مليون مخالفة في أربعين مليون وحدة عقارية".
وتصدرت الإسكندرية قائمة المحافظات المخالفة، بينما احتلت الجيزة والقاهرة المركزين الثاني والثالث على التوالي.
الإحصائيات السابقة لا تشمل التعديات الواقعة على الأراضي الزراعية التي سمح القانون الجديد بدخول المتاخم منها للكتل السكنية في نطاق التصالح، وذلك بناء على آخر تصوير جوي.
وبذلك يتطلب من الحكومة اعتماد خرائط جديدة للحيز العمراني لكل منطقة، حتى لا يخالف القانون الجديد المادة 29 من الدستور التي ألزمت الدولة بحماية الرقعة الزراعية والعمل على زيادتها وتجريم الاعتداء عليها.
دجاجة تبيض ذهبا
وفي المدن وفقا للقانون الجديد "قانون التصالح مع المباني المخالفة" ، يجري حاليا فحص طلبات التصالح المقدمة من المواطنين الراغبين في تقنين أوضاعهم من قبل اللجان المختصة المنصوص عليها في القانون.
وبالنسبة لأسعار التصالح في المدن، فهي مختلفة من منطقة لأخرى ومن محافظة أخرى، وصدر بها قرارات من قبل المحافظين كلا في نطاقه.
ويتيح قانون التصالح على بعض مخالفات البناء وتقنين الأوضاع طريقتين لسداد رسوم التصالح، وهما الدفع نقدا أو عبر التقسيط، وحال الدفع نقدا أقر رئيس الوزراء خصما يبلغ 25% على قيمة المخالفة الإجمالية.
وأتاح قانون التصالح رقم 17 لسنة 2019 وتعديلاته بالقانون رقم 1 لسنة 2020 ولائحته التنفيذية، إمكانية تقسيط باقي المبلغ على 3 سنوات من خلال أقساط متساوية.
وتكون الأقساط ربع سنوية بحيث يسدد المواطن دفعة كل 3 أشهر كما هو المتبع بالنسبة لشقق الإسكان التي تطرحها الحكومة بنظام التمويل العقاري.
كوارث في التصالح
بدروه، يكشف المهندس عادل مصطفى، أن "القانون به عوار؛ إذ يدفع للتستر على كوارث بشرية وبيئية وإجتماعية بعد تطبيقها".
ولاستكمال فكرته يقول، إن "البناء يشرف عليه مهندسو الحي وضباط جيش وإداريين أغلبهم معروف عنهم أنهم يتساهلون في الإجراءات طالما قدم نموذج" 10 تصالح" الذي أقرته الدولة، لذا فإنه من الخطر أن يتم الموافقة على بناء مخالف قد يكون أساسه "هش" أو غير قانوني أو فني كما نقول".
ويضيف "نتوقع كوارث عن تلك التصالحات سوف يدفع ثمنها المواطن المصري وأسرته مستقبلا،وسيكون صاحب المبنى مطالبا برفع الأسعار لتعويض الخسائر التي لحقت به جراء دفع الألاف من الجنيهات "قيمة التصالح".
في السياق أيضا، ذكر فنيون ومهندسو مبان،أن "قانون التصالح لم يشر إلى تفاصيل عده، منها أنه لم تنص مواده الـ 12 إلا على إجراءات تنظيم التقدم بطلبات التقنين للجان المختصة وكيفية تحصيل الغرامات، دون أن يعالج تبعات ذلك التقنين الذي سيمنحه القانون للعقارات المخالفة".
ومن أبرز هذه الأسئلة، هل تهدد المباني المخالفة الحقوق العامة بسبب الضغط على المرافق الخدمية مما يؤدي لانفجارات متكررة بخطوط الصرف الصحي وضعف ضغط المياه، والتحميل الزائد على شبكات الكهرباء؟ وما مصير الأحياء الكاملة التي قامت على أسس عشوائية وباتت تمثل مشكلة مزمنة بسبب انعدام الخدمات الحكومية؟".