أكدت منظمة "كوميتي فور جستس" الحقوقية تفشى ظاهرة الإخفاء القسري في مصر وتحولها إلى سياسة ممنهجة من قبل أمن الانقلاب للتعامل مع أطياف المعارضة السياسية المختلفة، من أجل قمعها بعيدا عن نظر القانون ومراقبته.
وكانت المنظمة رصدت في تقرير لها خلال عام 2020، نحو 1917 واقعة إخفاء قسري، وثقت منها 155 واقعة، كما رصدت في تقرير خلال النصف الأول (يناير- يونيو) من عام 2021 فقط، 807 واقعة اختفاء قسري، وثقت منها 114 واقعة.
أوقفوا الإخفاء
وطالبت المنظمة سلطات الانقلاب المصرية بوقف سياسة الإخفاء القسري ضد معارضيها، كما دعتها للانضمام الفوري للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري، وكذلك تعديل الإطار الدستوري والقانوني المصري لكي ينص صراحة على تجريم الإخفاء القسري ومعاقبة مرتكبيه، لمنع إفلاتهم من العقاب.
كما دعت المنظمة المجتمع الدولي وآليات الأمم المتحدة المختلفة للضغط على سلطات الانقلاب المصرية للتجاوب مع تلك المطالب والنداءات الدولية السابقة الخاصة بالإخفاء القسري، ومراقبة أماكن الاحتجاز في مصر بشكل دوري لوضع حد لتفشي تلك الظاهرة، ومعاقبة مرتكبيها ومنع إفلاتهم من العقاب.
وأشارت إلى أن تأثير الإخفاء القسري لا يقف على المختفي قسريا ولكن ينسحب أثره على المجتمع؛ حيث تعيش عائلة المختفي قسريا حالة من القلق والتوتر على مصير ذويهم المختفيين، كذلك أفراد المجتمع أنفسهم الذي يفقدون الثقة في القانون الذي من المفترض أن يحمي حرياتهم الشخصية، ما يهدد السلم والأمان المجتمعي. كما أن رجال القانون الذين يتحولون من أداة لتطبيق القانون والمحافظة عليه لأداة للخروج عليه، كل ذلك يسير بالمجتمع نحو الهاوية وسيادة دولة اللاقانون.
وذكرت أن الإخفاء القسري أصبح سلاحا بيد سلطات الانقلاب تالمصرية شهره ضد خصومها السياسيين، في مخالفة واضحة وصريحة لكل الأعراف والقوانين الدولية، فأصبح من المعتاد أن يتم رصد حالات الإخفاء القسري لسياسيين بشكل شبه دوري يوميا.
وأشارت المنظمة الحقوقية أن الإخفاء القسري مرتبط بعدد من انتهاكات حقوق الإنسان ومنها الاعتقال المتجدد، أو ما يُسمى إعلاميا ”تدوير الاعتقال”، وهو يعني حصول المحتجز على إخلاء سبيل في القضية المحتجز عليها على أن لا يتم تطبيق إجراءات إخلاء السبيل، مع إخفاء المحتجز قسريًا في أحد المقار الأمنية لمدة تتراوح بين عدة أيام إلى أسابيع وشهور في بعض الحالات، ثم يتم إدراج المحتجز ذاته على قضية أخرى، قد تكون بنفس التهم التي كان محتجزا عليها؛ ليتم تجديد حبسه بشكل قانوني على القضية الجديدة.
32 منظمة تسلط الضوء على الطابع المأسوى للجريمة
وتزامنا مع اليوم الدولى لضحايا الإخفاء القسرى سلطت 32 من المنظمات والجمعيات والشبكات المحلية والإقليمية والدولية، الضوء على الطابع المأساوي المستمر لحالات الإخفاء القسري في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وما يصاحبه من إفلات من العقاب يتمتع به مرتكبو هذه الجرائم.
وأكدت على أنه ما يزال الإفلات لمركتبى جريمة الإخفاء القسري من العقاب هو السائد، كما أن أغلب الدول التي ترتكب فيها هذه الجريمة ليست أطرافا في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري.
وقالت المنظمات فى بيان صادر عنها أنه أصبح من الشائع بشكل متزايد في مصر أن يختفي المعتقلون قسريا لأيام بعد القبض عليهم. عندما يستفسر أفراد العائلة والمحامون عن مكان أحبائهم وموكليهم المفقودين، غالبا ما تنكر سلطات الانقلاب وجودهم في الحجز أو تخفق في الرد على الاستفسارات المتعلقة بمكان وجودهم.
كما أن فشل مصر في حظر جريمة الإخفاء القسري في التشريعات المحلية يشجع ذلك. ولا تنتهي حالات الإخفاء القسري إلا عندما يمثل المعتقلون أمام نيابة أمن الدولة العليا، حيث تزيّف سلطات الانقلاب بانتظام تواريخ الاعتقال في مذكرات التوقيف للتستر على الإخفاء.