الغزو الجديد.. «الإسلام الأمريكاني» وعلاقته بالصوفية والجامية

- ‎فيتقارير

التدخل الأمريكي الغربي في الإسلام ومحاولة تصميم “إسلام” جديد طيع مسالم ومستسلم لا يقاوم احتلالا ولا يواجه استبدادا هم حلم قديم. فالهدف هو تكريس نسخة من الإسلام الشكلي الذي يركز على الطقوس والشعائر لكنه منزوع الدسم، هو إسلام بلا جهاد في سبيل الله أو مقاومة للطغاة والغزاة، هو إسلام خامل تابع يدور مع السلطة حيث دارت لا يلزمها بالعدل والإنصاف ولايقيم عليها الحجة إذا ما افترت على الناس وبطشت بهم. هو إسلام لا يمانع من الصلاة والصيام والحج لكنه إسلام يتخلى عن أحكام شريعته ولا يوجب فرضها على أتباعه خصوصا في المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسة الشرعية وعلاقة الأمة بالأمم والأديان الأخرى.

وعندما سافر المفكر الإسلامي سيد قطب إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1949م، شاهد فرح المنصرين واحتفالهم بمقتل الأستاذ حسن البنا (1324- 1368هـ، 1906- 1949م)، ورأى نوع الإسلام الذي يسعى الأمريكيون إلى زرعه في بلاد المسلمين،  وفي مقاله بمجلة الرسالة في 30 يونيو 1952م تحت عنوان “إسلام أمريكاني” كتب قطب يقول: «إن الإسلام الذي يريده الأمريكان وحلفاؤهم في الشرق ليس هو الإسلام الذي يقاوم الاستعمار وليس هو الإسلام الذي يقاوم الطغيان، ولكنه فقط الإسلام الذي يقاوم الشيوعية، إنهم لا يريدون للإسلام أن يحكم، ولا يطيقون من الإسلام أن يحكم، لأن الإسلام حين يحكم سينشئ الشعوب نشأة أخرى، وسيعلم الشعوب أن إعداد القوة فريضة، وأن طرد المستعمر فريضة، وأن الشيوعية وباء كالاستعمار، فكلاهما عدو، وكلاهما اعتداء». ويضيف  قطب «الأمريكان وحلفاؤهم إذن يريدون للشرق “إسلاما أمريكانيا” يجوز أن يُستفتى في منع الحمل، ويجوز أن يُستفتى في دخول المرأة البرلمان، ويجوز أن يُتسفتى في نواقض الوضوء، ولكنه لا يُستفتى أبدا في أوضاعنا الاجتماعية أو الاقتصادية أو نظامنا المالي، ولا يُستفتى أبدا في أوضاعنا السياسية والقومية وفيما يربطنا من صلات، فالحكم بالإسلام والتشريع بالإسلام والانتصار للإسلام لا يجوز أن يمسها قلم ولا حديث ولا استفتاء»!

اللافت في الأمر أن الذي كتبه قطب سنة 1949م أكد عليه الرئيس الأمريكي الأسبق “ريتشارد نيكسون” (1913- 1994م) في كتابه “الفرصة السانحة” عام 1988م، عندما دعا الغرب – من أمريكا إلى روسيا – إلى الاتحاد في وجه “الأصوليين المسلمين” الذين:

1-    يريدون استرجاع الحضارة الإسلامية السابقة عن طريق بعث الماضي.

2-    والذين يهدفون إلى تطبيق الشريعة الإسلامية.

3-    وينادون بأن الإسلام دين ودولة.

4-    وعلى الرغم من أنهم ينظرون إلى الماضي، فإنهم يتخذون منه هداية للمستقبل، فهم ليسوا محافظين، ولكنهم ثوار!.

وهو نفس الإسلام الأمريكاني الذي تحدث عنه المفكر الإستراتيجي الأمريكي “فوكوياما” أوائل عام 2002م، عندما قال: “إن الإسلام هو الحضارة الرئيسية الوحيدة في العالم التي لديها بعض المشاكل مع الحداثة الغربية، فالعالم الإسلامي يولد خلال الأعوام الأخيرة حركات أصولية لا ترفض السياسة الغربية فحسب، وإنما ترفض أيضا المبدأ الأكثر أساسية للحداثة وهو العلمانية، وإن التطور الأهم ينبغي أن يأتي من داخل الإسلام نفسه، فعلى المجتمع الإسلامي أن يقرر فيما إذا كان يريد أن يصل إلى وضع سلمي مع الحداثة، خاصة فيما يتعلق بالمبدأ الأساسي حول الدولة العلمانية؟ّ أم لا؟!”. هذا هو الإسلام الأمريكاني، الذي يريدون إحلاله محل الدين الذي جاء به رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام! بحسب الدكتور محمد عمارة في مقاله “الإسلام الأمريكاني” في 3 سبتمبر 2016م بمجلة الرسالة.

هي إذا محاولات للعبث بالإسلام من الداخل والعمل على  تفريغه من محتواه وجوهره الأصيل الذي يميزه كدين سماوي هو آخر الأديان وأكملها من الله للبشر إلى دين آخر ليس هو الإسلام الذي أنزله الله على رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ولا مانع مطلقا أن يطلقوا عليه أيضا “الإسلام” ولكنه إسلام أميركاني أو إسلام يتم تصميمه على مقاس  الغزاة والطغاة حتى يكون أداة طيعة يتم توظيفها لإخضاع الشعوب لجلاديها ومحتليها.

وفي هذا الشأن يجري التنسيق على قدم وساق بين الغزاة من الأميركان والغربيين مع الطغاة والمستبدين العرب من أجل تصميم هذا الإسلام الجديد الذي لا تربطه بالإسلام الحق إلا الاسم وبعض الطقوس الشكلية حتى تقبل به الشعوب وتظن أنه الإسلام حقا.

وفي سبيل ذلك يجري حاليا تعزيز نموذجين من التدين الإسلامي باعتبارهما الإسلام المعتمد من الغزاة والطغاة العرب:

الأول، هو الصوفية.

والثاني، هو الجامية المدخلية.

أما الصوفية الحديثة فلها باع طويل في خدمة السلطة والخضوع للحكام، وأما الجامية المدخلية فهي السلفية الجديدة التي نشأت في دهاليز المخابرات السودية في تسعينات القرن الماضي وتعمل الحكومة السعودية على تسويقها في العالمين العربي والإسلامي والتي تقوم على مبدأ الطاعة المطلقة والعمياء للحكام حتى وإن كانوا ظالمين أو كافرين، ولها حاليا امتدادات في السعودية والإمارات ومصر وليبيا والمغرب والجزائر والسودان واليمن وغيرها.

تراهم يطلقون لحاهم ويرتدون الجبب والعمائم ويتحدثون بكلام الله ولكنهم يقتاتون به على موائد الغزاة والطغاة وسلوكهم وفتاواهم خير برهان وشاهد؛ فاحذروهم يا أولي الأبصار. وزعيمهم في مصر هو محمد سعيد رسلان وغيره وهم بيادق الأمن وجواسيسه لإفساد الإسلام وتضليل المسلمين، بدعوى طاعة أولى الأمر حتى لو كانوا غاصبين للحكم وينشرون الظلم والفساد ولا يحكمون بما أنزل الله.