دراسة: شيطان العرب فشل في جعل “الصوفية” بديلا للإخوان رغم دعم السيسي

- ‎فيتقارير

خلصت دراسة علمية توثيقية بعنوان "الصوفية .. النشأة والتكوين والتوظيف السياسي" إلى أن "الطرق الصوفية حظيت بفرصة كبيرة، وتمت المراهنة عليها بعد تراجع دور الحركات الإسلامية في مرحلة ما بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، إلا أنها حتى اللحظة لم تستطع أن تشغل حيزا على المستوى المجتمعي فضلا عن السياسي كما كانت تشغله الحركات الإسلامية كالإخوان والجماعة الإسلامية والحركات السلفية المعارضة للنظام، وهناك شبه إجماع على محدودية الدور السياسي والاجتماعي للطرق الصوفية".
وقالت "سيبقى مستقبل الصوفية مرهونا بمستقبل النظام وبزواله ستعود الطرق الصوفية سيرتها الأولى محدودة القدرة والتأثير".

 

ارتباط بالانقلاب
وأوضحت الدراسة أن "مستقبل الطرق الصوفية مرهون بمستقبل النظام"، الذي يسعى إلى نشر النموذج الصوفي المنشغل بالخزعبلات والخرافات؛ ويساهم بتغييب الناس بعدم نقمتهم على الواقع بدعوى أن لنا الآخرة وننشغل بالذكر كنوع من أنواع التخدير".
وأضافت أن "النظام يريد تصميم إسلام جديد قائم على التأويلات الصوفية وشطحاتها ليكون شكلا من أشكال التخدير للشعب فلا يثور أو يطالب بحقوقه المشروعة؛ لأن الصوفية الحديثة تقوم على الولاء للنظم والطاعة المطلقة والعمياء للسلطة وهم في ذلك يشتركون مع الجامية المدخلية التي أسستها المخابرات السعودية في تسعينات القرن الماضي".
وأضافت أن "المشروع الصوفي الحديث ينطلق من منطلقات سياسية لا دينية ورموزه لا يتمتعون بمقومات قادرة على إقناع المصريين والمسلمين عموما بطريقتهم؛ فهم يستندون فقط على دعم السلطة لهم، ولكنهم لن يلقوا قبولا مجتمعيا أو رضا شعبيا، ومساحة نجاحهم محدودة، ومع أول فرصة لحدوث انفراجة حقيقة ستبدد كل هذا ويتحول إلى سراب لا قيمة له".

 

الدعاية للتصوف
وأشارت الدراسة إلى أن "الإمارات العربية المتحدة بزعامة محمدد بن زايد المعروف بشيطان العرب  تتولى لواء الداعين لنشر التصوف في العالمين العربي والإسلامي؛ باعتباره التأويل المعتمد من النظم والحكومات والمقبول من الغرب والأميركان في مقابل الحركات الإسلامية التي تنظر إلى الإسلام نظرة شمول باعتباره دينا ودولة ودعوة وجهاد".
ولفتت إلى أن "أبوظبي تعمل على إيجاد “الإسلام البديل” أو تسويق “الإسلام الأميركاني”، فأنشأت في 2014 “مجلس حكماء المسلمين” للوقوف في وجه “اتحاد علماء المسلمين” الذي تعتبر الإمارات بعض أعضائه إرهابيين، ولتواجه في نفس الوقت الوهابية في السعودية. ومن اللافت في “مجلس الحكماء” أن أغلبية أعضائه هم من المحسوبين على “الصوفية”، في محاولة إلى الدفع بالحركات الصوفية إلى واجهة العمل الإسلامي في المنطقة، وهو ما رأى فيه مراقبون سعيا إماراتيا لإبراز هذه الحركات وتقديمها كنموذج “معتدل” للإسلام، وذلك لأنها تتميز عن غيرها من الحركات الإسلامية بالابتعاد عن السياسية، والدوران في فلك الحكام والأنظمة".

 

مبادئ "الحكماء"
ونبهت الدراسة إلى أن "البيان التأسيسي لمجلس الحكماء، فإنه يقوم على عشرة مبادئ، يتمركز معظمها حول السلم والتعايش المشترك وتجنب دخول الدين في عوامل السياسية ونبذ العنف، وإعادة المفاهيم الشرعية التي انحرفت إلى معانيها الصحيحة. ومن أبرز المشاركين فيه النائب السابق لرئيس اتحاد علماء المسلمين، عبد الله بن بيه الذي يصفه مراقبون بأنه “فقيه بقلب صوفي”، والذي ترك اتحاد علماء المسلمين لأن “سبيل الإصلاح والمصالحة يقتضي خطابا لا يتلاءم مع موقعه في الاتحاد”، بحسب بيان أصدره قبل الانضمام لمجلس الحكماء. كما تضم قائمة المؤسسين أحمد الطيب شيخ الأزهر الذي كان والده شيخ طريقة صوفية فيما اعترف الطيب أنه يتبع طريقة صوفية دون أن يسميها، مشيرا إلى أن في الأزهر عدة مشايخ لطرق صوفية مصرية. ومن أندونيسا الدكتور محمد قريش شهاب وزير الشؤون الدينية سابقا في إندونيسيا والمعروف بنزعته الصوفية. كما يشارك في عضوية المجلس الأمير الأردني غازي بن محمد بن طلال المعروف بنزعته الصوفية؛ ومؤلف كتاب “الحب في القرآن” والمقرب من مشايخ الصوفية المعروفين وأبرزهم الحبيب الجفري وعلى جمعة وغيرهم".
 

أربعة أسباب
واسترشدت الدراسة "بتحديدات أندرياس كريج، الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الدفاعية في كلية “كنجز  كوليج” في لندن، عن أسباب دعم الإمارات للمخزعبلين بعدة نقاط":

أولا إن “القلق من الإسلام السياسي وسط النخبة الحاكمة في الإمارات نابع من الاعتقاد بأن سرديات الإسلام عندما يتم دمجها بالسياسة فإنه لا يمكن للدولة أو النظام السيطرة عليها، بشكل يخلف دينامية سياسية- اجتماعية قادرة على تقويض الوضع القائم، وأن مسارعة الإمارات في حشد القوة المالية والعسكرية جاء بعد ربيع 2011، "لتشكيل مستقبل المنطقة ومسارها السياسي والاجتماعي".

ثانيا، من ليبيا إلى مصر واليمن والسودان، دعمت الإمارات الحكم العسكري بشكل يحصنها من جاذبية الإسلام السياسي، وأن دعمها الصوفية ل"(تبييض) عمليات القمع ومكافحة الإرهاب ونشر (التسامح) العلماني”. ويصل إلى أن “الصوفية، التي تعد هادئة، وتبتعد عن السياسة، ومرتبطة بقيم الإسلام، قدمت للإماراتيين ما يبحثون عنه من سرد بديل مقبول للذائقة الغربية".

ثالثا، أبو ظبي، باعتبارها على قمة الثورة المضادة "استخدمت الصوفية وبمهارة لتقديمها على أنها (الإسلام الحقيقي) والقادرة على علاج التطرف النابع من السلفية، وفي الوقت ذاته تقديم رؤية وجودية ساذجة لمكافحة التطرف، تقوم في الأساس على البعد اللاهوتي، ما يعني بالضرورة تجاهل الأدلة العملية للعوامل السياسية والاجتماعية التي تدفع إلى التطرف، ومن أجل هذا أقامت أبو ظبي مراكز دعوية في ليبيا ومصر والإمارات، التي أوكلت لها مهمة نشر النسخة من الإسلام التي تبدو في النظرة الأولى هادئة، مع أن النظرة القريبة منها تكشف عن تسييسها واستخدامها أداة، ولا تختلف عن بقية أشكال الإسلام السياسي الأخرى”.

رابعا، ينتهي كريج إلى أن “الصوفية التي استُخدمت أداة إماراتية ونُشرت عبر المراكز الدعوية والمؤتمرات والباحثين، أصبحت تقدم المبرر الأخلاقي لقمع المعارضة السياسية والمجتمع المدني، ومنحت بالضرورة أساسا عقديا للموازنة الأخلاقية بين الإسلامية والإرهاب، وهما عنصران مهمان في إستراتيجية التواصل التي تنتهجها أبو ظبي في المنطقة".

الخاملون سياسيا
وأشارت الدراسة إلى بحث "أجراه المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام" قال مصطفى خضري مدير المركز إن "أبناء الطرق الصوفية ناشطون اجتماعيا خاملون سياسيا، حيث يفضل أكثرهم النأي بنفسه عن السياسة وصراعاتها".
وأضافت أنه "يبرهن على ذلك أن نسب مشاركة أبناء الطرق الصوفية في الفعاليات الانتخابية التي رصدها المركز تؤكد ذلك، حيث كانت أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات البرلمانية 2011 ووصلت إلى 21% من المنتمين للطرق الصوفية، بينما بلغت أقل نسبة 3.5% وكانت في انتخابات 2014 الرئاسية".
واسترشدت مجددا بما قاله "الشيخ محمد علاء الدين أبو العزائم، شيخ الطريقة العزمية للإذاعة الألمانية “دويتش فيلا” في مارس 2014م، بأن "القيادات الصوفية في مصر فاشلة ولا تمتلك وزنا حقيقيا داخل المجتمع المصري؛ لأنها تقبل بتوظيفها من قبل السلطة، لاسيما إبان نظام مبارك الذي كان. ويقر أن الطرق الصوفية كانت أداة لخدمة أمن الدولة ضد الإخوان المسلمين، واستشهد بالحرب الإسرائيلية على غزة وإغلاق نظام مبارك للمعابر الحدودية، حيث، وفقا له، “لم يجرؤ أحد من الصوفية انتقاد النظام حينها".
ونقلت عنه القول "السلطة حاليا لا تستخدم الطرق الصوفية، ولكن القيادات الصوفية هي من تقدم نفسها للسلطة لتحقيق مصالحها الشخصية". وأضاف، “مساندتهم للسيسي ليست عن قناعة شخصية، بل لركوب الموجة، لأنهم يستغلون النظام الحاكم أيا كانت توجهاته".

دعم غربي
وأكدت الدراسة أن "الصوفية تحظى بدعم سخي من الدول الغربية والخليجية ويتبؤون مناصب رفيعة وتُفتح لهم مساحات واسعة في الإعلام الحكومي، ويحصلون على دعم مادي ومعنوي يفوق الخيال، لكنهم رغم كل هذه الإمكانات الضخمة لا يزال تأثيرهم محدودا، وحتى المؤسسات التي أنشأتها الإمارات مثل  المركز العالمي للتجديد والترشيد (GCRG)، وتلميع الرموز الصوفية وتنظيم المؤتمرات العالمية لكن ذلك يبدو محدود الأثر ولا يتجاوز الاهتمام الإعلامي الحكومي الذي يُراد منه تضخيم الحالة الصوفية والدعاية لها بوصفها الإسلام الصحيح المعتمد من النظم والحكومات. فرموز الصوفية مفروضون بقوة السلطة وهذا أقصى ما يمكن فعله، أما أي مواجهة فكرية فهم الطرف الأضعف والأقل تأثيرا على  الدوام".
 

https://politicalstreet.org/4283/?fbclid=IwAR0r-qAmZa9nQSe9tR4YXrMaCHFVd_mzJSwFNSCt1795uJL8IwYVDL_PJl0