بعد الارتفاع الجنوني بمصروفات “الخاصة” و”الأهلية”.. من ينقذ طلاب الثانوية من سماسـرة الجامعات الأجنبية؟

- ‎فيتقارير

يبدو أن هناك اتفاقا بين  وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم في حكومة الانقلاب على ذبح  طلاب الثانوية العامة، بتعمد تخفيض معدل المجاميع ونسب النجاج، لإجبار الطلاب على الالتحاق بالجامعات الخاصة والأهلية الجديدة وكذلك فروع الجامعات الأجنبية في العاصمة الإدارية للانقلاب، ولكن ونظرا للارتفاع الجنوني للمصروفات الدراسية لهذه الجامعات والتي تجاوزت ال200 ألف جنيه لكليات الطب و120 ألف جنيه للكليات الأخرى، ظهرت  على السطح  هذه الأيام ظاهرة «سماسرة الشهادات» و«مافيا تزوير الأوراق الرسمية» و«العصابات المنظمة»، التي تستغل رغبة الطلاب وحلمهم بالدراسة في الخارج خاصة من بين الذين يفوتهم قطار تنسيق الكليات الطبية والهندسية أو هؤلاء الذين يتخذون من التعليم بوابة للسفر سعيا وراء لقمة العيش.

قصص الطلاب المسافرين للدراسة بالخارج تحولت إلى مآسٍ سنوية بسبب إهمال حكومة الانقلاب، كان من أشهرها تلك التي تعرّض لها نحو ٤٣٠ طالبا مصريا في جامعة أوكرانية، تقع بمدينة «كيرفوجراد»، قبل شهور من اندلاع جائحة كورونا، عندما فوجئ الطلاب بأن الجامعة التي تم قيدهم عليها عن طريق مكتب سمسرة جامعة غير معتمدة أو معترف بها في مصر وغير مُصنّفة في أي تصنيف عالمي، ولا يتوافر بها طاقم تدريس أو معامل أو مقومات كافية للدراسة.

وعندما توجه الطلاب بصورة جماعية للتحويل طالبتهم الجامعة بمبالغ مالية تتراوح بين ألف إلى ٥ آلاف دولار كمصروفات وعمولة، وهو ما جعل الموضوع ينتقل إلى أقسام الشرطة والمحاكم.

 

٣٠ ألف طالب

يشار إلى أن أحدث إحصاءات التعليم العالي أكدت أن هناك أكثر من ٣٠ ألف طالب يدرسون في جامعات أجنبية خارج مصر، يتجه الجانب الأكبر منهم إلى إيطاليا ودول شرق أوروبا.

وقالت الاحصائية إن "عدد الطلاب المصريين الذين يدرسون في روسيا وحدها، أكثر من ١٦ ألف طالب، بينما يدرس في إيطاليا أكثر من ٦ آلاف، وتأتي أوكرانيا في المركز الثالث بحصيلة ٤٧٠٠ طالب، يليهم، بحصص أقل جامعات جورجيا وأرمينيا ورومانيا وأوزبكستان وغيرها".

في التقرير التالي نعرض بعض المآسي التي واجهها الطلاب المصريون في الخارج، بسبب مكاتب السمسرة وعصابات المافيا التي تستغلهم في غياب تام من حكومة الانقلاب التي لا تفعل شيئا لحماية هؤلاء الطلاب .

 

النصب على الطلاب المصريين في "أوكرانيا"!

يكشف هشام علام أحد المصريين بأوكرانيا، عن تفاصيل ظاهرة النصب على الطلاب المصريين الراغبين في الدراسة في هذا البلد قائلا إن "معظم الوسطاء حريصون على التعامل مع الجامعات التي تحقق لهم أكبر عائد مادي، ولا ينظرون إلى مستوى تلك الجامعة أو جودة العملية التعليمية ببرامجها، مشيرا إلى أن بعض تلك الجامعات تخصص نسبة للوسيط عن كل إجراء يتم، وبالتالي فإن كل دولار يدفعه الطالب يكون للوسيط نصيب فيه، لذلك فإن تلك الجامعات والوسطاء يستنزفون الطلاب من اليوم الأول لهم، ويواصلون ذلك ويعرقلون محاولات الطلاب للتحويل عند اكتشاف خداعهم".

وأكد علام في تصريحات صحفية أن "التأشيرة التعليمية للدراسة في أوكرانيا أو أى دولة أخرى يمكن استخراجها دون وسيط بتكلفة بسيطة، بينما تتراوح تكلفتها بين ٢٠٠ إلى ٥٠٠ دولار عن طريق الوسيط، كما تتراوح تكلفة الدعوة الدراسية بين ٥٠٠ إلى ألف دولار تقريبا، ويصل متوسط الدراسة بتلك الجامعات نحو ٥ آلاف دولار تقريبا".

 

جامعات روسيا

وإذا كانت الأسباب التي تدفع الطلاب للسفر إلى الخارج للتعليم متعددة، منها استغلال البعض للتأشيرة التعليمية كستار للتنقل بين دول أوروبا للعمل، أو لتأجيل التجنيد، فإن الغالبية العظمى من الطلاب تلجأ للسفر بسبب عدم وجود مكان يتناسب مع مجاميعهم في كليات القطاعين الطبي والهندسي بجامعات مصر.

من بين هؤلاء الطالب معاذ «ط .ع . م «، الحاصل على الثانوية الأزهرية العام الماضي، بمجموع ٥٤٩، وهو مجموع يقل عن الحد الأدنى للالتحاق بقطاع المعاهد الهندسية بنصف درجة فقط، الأمر الذي جعل والده يسعى ليل نهار لمحاولة إلحاقه بأي برنامج تعليم هندسي في مصر.

وبحسب ولي أمر الطالب، فإن الجامعة الخاصة الوحيدة التي تقبل الطلاب في الهندسة داخل مصر بأقل من ٨٠% لم يكن لديها مكان للطالب، مما جعله يسعى لإلحاق ابنه في إحدى جامعات روسيا، رغم تحذيره من كل المخاطر.

يقول ولي أمر معاذ في تصريحات صحفية "مقدرتي المالية محدودة وكنت آمل في إلحاق ابني الوحيد في معهد هندسي لا تتجاوز تكلفته ٢٠ أو ٣٠ ألف جنيه، وقد ارتضيت بأن أبيع كل ما أملك لإلحاقه بجامعة خاصة، بمصروفات قد تصل إلى ١٠٠ ألف جنيه بالسكن ومع ذلك فشلت في تدبير المكان، وبعد إغلاق جميع أبواب الأمل أمامي في الجامعات المصرية، لم يعد أمامي، لتحقيق حلم ابني الوحيد، سوى إلحاقه بجامعة أجنبية في أي مكان بالعالم حتى لو لم يعمل بالشهادة داخل مصر".

 

وفي "جورجيا" أيضا!

من بين الحالات التي عرضت على المجلس الأعلى للجامعات، حالة الطالب محمد «ع .ش»، والذي يدرس الطب البشري في إحدى جامعات دولة جورجيا، حيث بعث إلى وزارة التعليم العالي بحكومة الانقلاب يلتمس الموافقة على استخراج تصريح للقيام بإجراءات استخراج تصريح سفر، ليتبين عند فحص ملف الطالب، أنه درس بإحدى جامعات أوكرانيا لمدة ٣ سنوات ثم اضطر، لظروف لم يتم تحديدها للتحويل إلى دولة جورجيا العام الدراسي الماضي.

ولذلك كان قرار المجلس الأعلى للجامعات عدم الموافقة على منح الطالب والحالات المشابهة له تصاريح سفر لقيامهم بالتحويل.

المجلس أرجع قراره الحاسم إلى أن الجامعات التي تم التحويل إليها غير معترف بها، وبالتالي فإن الطالب عند التحويل كان على علم بقرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر في إبريل ومايو 2019، والمتضمن مسميات الجامعات المعترف بها فقط، وتحديد وقت تطبيق القرار، وبناء عليه، فإنه يُعامل معاملة الطلاب الملتحقين الجدد وقت تحويله، حيث إن التحاقه بالجامعة الجديدة غير المعترف بها عن طريق التحويل إليها قد تم بعد صدور قرار المجلس، ومن ثم، تُطبق عليه القواعد المقررة في هذا القرار.