بقرار أمني.. الأسباب الحقيقية وراء وقف برنامج محمود سعد

- ‎فيتقارير

تتباين الآراء حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء وقف برنامج "باب الخلق" الذي كان يقدمه الإعلامي محمود سعد على قناة "النهار" التي يشرف عليها فعليا جهاز المخابرات العامة رغم أن مالكها هو رجل الأعمال المقرب من السلطة علاء الكحكي.

القرار أثار لغطا وجدا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي؛ ذلك أن سعد يتمتع بجماهيرية واسعة على عكس معظم الإعلاميين الآخرين التابعين للسلطة، من جانب آخر فإن سعد ومنذ انقلاب 3 يوليو 2013م  وإجهاض المسار الديمقراطي واستعادة الجيش والأجهزة الأمنية الهيمنة المطلقة على مفاصل الدولة والمجتمع نأى بنفسه عن تناول أي موضوعات سياسية في البرامج التي يقدمها، وكان يركز على تناول أمور اجتماعية وتاريخية في الأحياء الشعبية والفقيرة.

يذهب فريق من المتابعين ــ وهم المقربون من السلطة وأجهزة الأمن ــ  إلى أن عملية توقف البرنامج كانت طوعية، بينما يرى القطاع الأوساع من المتابعين أن القرار تقف وراءه أجهزة الدكتاتور عبدالفتاح السيسي المخابراتية والأمنية، لأسباب سياسية بحتة تتعلق ببعض الحلقات التي قدمها سعد مؤخرا واعتبروها همزا وغمزا في النظام والسيسي نفسه.

سعد  من جانبه اكتفى بتغريدة قال فيها: “‏أرجوكم ماتزعلوش أن باب الخلق وقف .. ربنا فتح لي طاقة تانية ممكن نتقابل فيها.. هنتقابل على اليوتيوب .. وأرجوكم اللي مامته مثلاً بتحب تشوفني فى التلفزيون يخليها تشوفني على يوتيوب عشان أنا محبش أزعلهم أبداً (ومش بإيدي)”. ماكنتش اعرف إن باب الخلق له هذه القيمة الا لما قرأت ردود الفعل بعد توقف البرنامج.. واذا كان فيه قيمة للبرنامج فهي قيمة الناس اللي في الشارع اللي شرفوني وفتحوا قلوبهم.. محبة كبيرة لهم ولكم.

وتؤكد فقرة "ومش بإيدي" في تغريدة سعد أن القرار أمني لكنه اكتفى بالتلميح لا التصريح خشية التصادم مع أجهزة السيسي المعروفة بوحشيتها وإجرامها كما يحدث حاليا مع عشرات الآلاف من المعتقلين وآخرهم الكاتب الصحفي الكبيري عبدالناصر سلامة، رئيس تحرير الأهرام في عهد الرئيس الشهيد محمد مرسي.

ويغمز الكاتب الصحفي جمال سلطان على ما جرى في إشارة تبرهن على أن ما جرى تم بقرار أمني، حيث قال: “‏بمناسبة وقف برنامج محمود سعد رغم أنه غير سياسي، يذكر أن المباحث في عهد عبد الناصر هددت كاتب باب “حظك اليوم” في صحيفة “الجمهورية” بالاعتقال، لأنه كتب يوما لمواليد شهر يناير : “ستقابلك عقبات”، “لن تتحقق أحلامك اليوم”،”احذر” ، لم يكن المحرر منتبها إلى أن “الزعيم” من مواليد شهر يناير”.

وتنقل صحيفة "العربي الجديد" اللندنية عن مصادر إعلامية بحكومة الانقلاب أن السبب الرئيس وراء وقف برنامج "باب الخلق" على قناة "النهار"، الذي يقدمه محمود سعد منذ أكثر من أربع سنوات، هو تحدث الأخير عن تخلص الحاكم في مصر دوماً من الأشخاص الذين ساعدوه في الوصول للسلطة، في فقرة قدمها منذ نحو أسبوعين في حي الجمالية بالقاهرة، مسقط رأس السيسي.

وتحدث سعد في الفقرة عن حياة البطل الشعبي حجاج الخضري، الذي وصف بأنه القائد الميداني الأهم لثورة المصريين ضد الوالي العثماني خورشيد باشا في عام 1805، وأصبح الناس يوماً فوجدوه مشنوقاً على باب حارته بقرار من محمد علي باشا، الذي ساعده حجاج في الوصول إلى الحكم، وتخلص منه بعد أن استتب له الأمر. وحسب المصادر، فإن حالة من الغضب انتابت المسؤولين في "المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية" المملوكة للمخابرات المصرية، والتي باتت تحتكر وسائل الإعلام كافة في مصر، بسبب ضحكات سعد المتكررة، وهو يقول إن حكام مصر يتخلصون دائماً من الأشخاص الذين عاونوهم في الوصول للحكم، بطريقة تبدو قاسية لجموع المصريين، لتوصيل رسالة مفادها عدم معارضة أية قرارات لهم.

وابتسم سعد مراراً، وهو يكرّر أكثر من مرة: "ما حدث هو في سالف العصر والآوان"، في إشارة إلى ما فعله الوالي محمد علي مع خصومه الأقوياء، وهم المماليك، ثم مع النخبة، آنذاك، ممثلة في نقيب الأشراف عمر مكرم، وشيخ الأزهر الشرقاوي، ما اعتبره المسؤولون عن المجموعة المتحدة "تلقيحاً" على النظام الحالي بقيادة السيسي، وتخلصه تباعاً من "النخبة" التي ساعدت في وصوله للحكم (عقب انقلاب عسكري عام 2013).

وأضافت المصادر أن هذه الفقرة مثلت "القشة التي قصمت ظهر البعير"، لإنهاء ظهور سعد على شاشات الفضائيات إلى غير رجعة، خصوصاً مع تركيزه الدائم على تسجيل فقرات برنامجه في مناطق شعبية، ولقاءاته مع البسطاء لعرض مشاكلهم، علاوة على حديثه المبطن في حلقة "قصر السكاكيني" قبل أشهر قليلة عن الحاكم المستبد، الذي يتحكم في ثروات البلاد وفقاً لأهوائه، وكأنه يمنح الشعب من ماله الخاص.

ورغم أن قناة "النهار" خارج سيطرة "المجموعة المتحدة"، ولا تزال مملوكة لصاحبها رجل الأعمال علاء الكحكي، إلا أن أجهزة الأمن (المخابرات) هي المشرفة عليها كغيرها من القنوات المملوكة للمجموعة، علماً أن القناة مدينة بأكثر من مليار جنيه لمنتجين ومعلنين وموظفين، وحاول صاحبها الخروج من مصر أكثر من مرة، لكنه مُنع من السفر في المطار.

وتستحوذ الشركة المتحدة، والتي تعتبر المظلة الاستثمارية التابعة مباشرة للمخابرات المصرية، وتتبعها الشركات القائمة على الأنشطة الدعائية والفنية والإعلامية، على قنوات "سي بي سي" و"دي إم سي" و"الحياة" و"إكسترا نيوز" و"أون" و"تايم سبورتس" و"الناس" و"المحور" و"النادي الأهلي" و"نادي الزمالك"، وجميعها تُعرف بـ"الأذرع الإعلامية" لنظام السيسي.

https://www.youtube.com/watch?v=jlMXBvgMmOY&feature=emb_title