«في ذكرى أكتوبر».. كارثة انتقال الجيش من خط بارليف إلى سوق العبور

- ‎فيتقارير

"رائد مقاتل قائد خط الجمبري أحمد سامي، مقدم مقاتل قائد خط السمك أحمد إبراهيم"، تتزامن هذه الجملة الساخرة في أذهان المصريين مع ذكرى انتصار جيشهم في السادس أكتوبر عام 1973، ويعكر صفو هذه الذكرى تحويل عسكر الانقلاب جيش أكتوبر ومحطم خط بارليف إلى جيش الخضار والجمبري وسوق العبور.

وتأتي ذكرى أكتوبر التي انتصر فيها المصريون على قوات الاحتلال الصهيوني قبل أكثر من 4 عقود، في ظل محو كامل لروح الانتصار وعقيدة القتال، واستبدالها بالتغني بالتطبيع الدافئ بين عصابة الصهاينة وعصابة الانقلاب.

 

طمس الهوية

مع وصول السفاح السيسي لسدة الحكم في مصر بانقلاب عسكري في 3 يوليو 2013، سعى إلى توجيه قوة الجيش نحو معارك داخلية، وتوغله في السياسة، وحمايته للعصابة العسكرية الحاكمة.

وبدأت إشكاليات العلاقات المدنية العسكرية تظهر بقوة، مع الانقلاب العسكري الذي نفذه السفاح السيسي ضد الرئيس المنتخب الشهيد محمد مرسي في 3 يوليو 2013، وحدثت على إثرها انتهاكات وسقطات تاريخية، على سبيل المثال التفريط في جزيرتي تيران وصنافير والتنازل عنها للسعودية، بالإضافة إلى التنسيق الكامل مع كيان العدو الصهيوني.

وبعد مرور نحو ثماني سنوات على الانقلاب، هل نجح السفاح السيسي في تغيير عقيدة الجيش القتالية إلى منافسة المدنيين على الخضار والجمبري وبناء الكباري، أم أنه بات يواجه ممانعة وصعوبة في ذلك؟.

أسس السفاح السيسي لحقبة جديدة تختلف عن سابقيه من الرؤساء بدءا بالسادات مرورا بمبارك والشهيد مرسي، أعاد خلالها رسم خريطة العلاقات بين مصر وكيان العدو الصهيوني كحليفين إستراتيجيين في المنطقة بأجندات سياسية وعسكرية مشتركة.

تتعلق الأولى بالقضاء على التيارات والأحزاب الإسلامية ومحاربتها ومحاولة طمس الهوية الإسلامية لمصر التي استمرت لقرون طويلة، والثانية بمحاربة ما يسمى "الإرهاب" من أجل إفراغ شبه جزيرة سيناء من سكانها، والثالثة بالتحالف ضد دول وأنظمة ذات توجه إسلامي وديمقراطي كما في تركيا وليبيا وتونس والسودان وغيرها.

 

خطوطه الحمراء

تأتي ذكرى انتصار أكتوبر هذا العام 2021 بينما لا تراوح أزمة سد النهضة مكانها، وتمضي إثيوبيا في استكمال الملء الثالث للسد، وبينما لا تتوفر الدلائل على جدية تهديدات السفاح السيسي باستخدام الحل العسكري لردع إثيوبيا عن سرقة مياه النيل، في ظل تراجعه عن خطوطه الحمراء بالنسبة للسد.

وبعد انتهاء مناورات "نسور النيل 2" المشتركة مع السودان، بدون أي إعلان عن خطوات عسكرية قادمة، أطلق مغردون مصريون الوسم الساخر "ثور للنيل الجيش عنده عجين" لحث المصريين على النضال من أجل استعادة حقوقهم في مياه النيل، وعدم انتظار أية خطوات عملية من عصابة السفاح السيسي، ومن الجيش المنشغل بالمشاريع المدنية كالتعمير وزراعة الخيار وإنتاج الجمبري، ونشاطات ترفيهية مرتبطة بالعجين.

وفي عام 2018 أثارت مقارنة السفاح السيسي بين جيشي مصر، وكيان العدو الصهيوني، أثناء حرب أكتوبر 1973، غضب المصريين، عندما وصف الحرب ضد العدو الصهيوني بذلك الوقت بأنها كانت محاولة "انتحار" معللا قوله بالفارق الهائل بالقوة العسكرية لصالح الصهاينة.

وبمقارنة اعتبرت مهينة للجيش وصف السفاح السيسي، أيضا قوة الجيش المصري آن ذاك بسيارة من نوع "سيات" في مواجهة قوة الجيش الصهيوني الذي وصفها بسيارة ماركة "مرسيدس".

 

التقرب للعدو

وبالتزامن مع ذكرى حرب أكتوبر حطت أول طائرة تابعة لشركة "مصر للطيران" في مطار "بن غوريون" بفلسطين المحتلة في خطوة وصفها المتحدث باسم هيئة الطيران المدني الصهيوني عوفر ليفلر بأنها "سابقة تاريخية"، حيث ستقوم مصر للطيران بتسيير 4 رحلات أسبوعيا بين القاهرة وكيان العدو.

وهذه المرة الأولى التي تصل فيها طائرة تابعة لشركة مصر للطيران بشعارها الرسمي، فيما كانت في السابق تصل دون شعار أو تحت اسم شركة "طيران سيناء"، بهدف تسيير رحلات جوية بين مصر وكيان العدو، تجنبا لظهور شعارها الرسمي في إطار الرفض الشعبي للتطبيع.

تلك الخطوة اعتبرها البعض إسقاطا لآخر "الخطوط الحمر" للتطبيع التي كان السادات قد كتبها بخط يده، حيث شهدت الشهور الـ 12 الأخيرة أكبر عملية تحول تاريخي في العلاقات العربية الصهيونية، لدرجة أن هناك تنافسا عربيا على التقرب للعدو الصهيوني.

المسألة الأخطر في عقيدة السفاح السيسي العسكرية، يتمثل في التنسيق الكامل مع كيان العدو الصهيوني، ففي 31 يناير 2016 كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية النقاب عن معلومات تفيد بأن "إسرائيل قدمت دعما للجيش المصري في سيناء يتمثل في الصواريخ الاعتراضية والمعلومات الأمنية عن المسلحين هناك".

وذكرت أن "رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي يورام كوهين زار القاهرة خلال الحرب على غزة صيف 2014 وبعدها، وتباحث مع المصريين في قضايا تتعلق بغزة وحركة حماس".

 كما أضاف وزير البنى التحتية والطاقة الصهيوني يوفال شتاينتس أن "السيسي غمر الأنفاق على حدود بلاده مع قطاع غزة بالمياه بناء على طلب من إسرائيل، وأن التنسيق الأمني بين إسرائيل ومصر أفضل من أي وقت مضى".

كان الجيش بدأ في 11 سبتمبر 2015 ضخ كميات كبيرة من مياه البحر في أنابيب مدها على طول الحدود مع قطاع غزة لتدمير الأنفاق الموجودة أسفل الحدود عبر إغراقها، ولاستكمال مخطط إنشاء منطقة خالية من الأنفاق في الشريط الحدودي مع غزة الذي بدأت عصابة الانقلاب العمل فيه منذ أكتوبر 2014.