بالفتاوى والتطبيل.. حكومة الانقلاب تبدأ حملة تشريد سكان “الإيجار القديم”

- ‎فيتقارير

بدأت حكومة الانقلاب توجه حملات لحشد أصحاب العقارات والملاك وتوظيف الدين وفتاوى شيوخ العسكر للتكتل ضد منتفعي الإيجار القديم بما يؤدي في النهاية إلى إلغاء إيجار وحداتهم السكنية وتشريدهم حيث أنهم لا يملكون أموالا لشراء وحدات سكنية، ولا يستطيعون الحصول على وحدات بنظام الإيجار الجديد لأنه غالي الثمن ولا يتناسب مع إمكاناتهم.

يشار إلى أن مجلس نواب السيسي قرر مناقشة  قانون الإيجار القديم خلال دور الانعقاد الحالي وحسمه لصالح ملاك العقارات.

 

شيوخ العسكر

ومن أجل تحقيق هذا الهدف لجأ الانقلاب إلى شيوخ العسكر وفتاوى التطبيل لتبرير إلغاء الإيجار القديم وفي هذا السياق قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إن "كلمة عقارات في عقود الإيجار القديم تشمل المنازل والأرض الزراعية، موضحا أن هذه العقود في الأصل تأبيد، والتأبيد في هذه العقود مخالف للشريعة الإسلامية وفق زعمه".

وعلل كريمة في تصريحات صحفية، سبب مخالفة هذه العقود للشريعة الإسلامية، قائلا إن "كل العقود في التشريع الإسلامي تقبل التأقيت إلا عقد الزواج، موضحا أن تأبيد هذه العقود في الحقبة الاشتراكية قلب هذه العقود من إيجارات إلى شبه تمليك، وهذا ظلم للورثة في أغلب الأحيان".

وطالب بضرورة إلغاء هذه العقود الإيجارية القديمة لمخالفتها للشريعة الإسلامية، ولأنها تسببت في عمل خلل مجتمعي و أزمة في الإسكان بحسب زعمه".

 

الإفتاء: باطلة

وقال الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في فتوى له إن "قانون الإيجار القديم جائز شرعا طالما ارتضى عليه الطرفان من قبل، ولا يتعارض مع الشريعة الإسلامية".

ودعا ممدوح في تصريحات صحفية إلى "إعادة النظر قانونا وليس شرعا في قانون الإيجار القديم، لأنه يتفق مع الدين، ولكنه في الوقت الحالي قد يضر مالك العقار الأصلي الذي أجرّه، فعلى الدولة إعادة النظر فيه مرة أخرى".

 

غير محددة

وقال علي جمعة، مفتي العسكر إن عقد الإيجار في الشريعة الإسلامية يجب أن يكون مؤقتا بمدة، ولا يجوز أن يكون من غير أجل محدد على التأبيد، فإذا نُص في العقد أنه مؤبَّد بطل، وإذا نُص فيه على مدة محددة يجب الالتزام بها ".

وأضاف جمعة في تصريحات صحفية "إذا صدرت قوانين تمد أجله بشروط معينة فإن لولي الأمر أن يقيد المباح، وتُنزَّلُ حينئذ مدة العلاقة الإيجارية منزلة المدة الطويلة التي تمتد إلى خمسين سنة عند بعضهم، وإلى تسعين عند آخرين، والعلاقة بين المؤجر والمستأجر لازمة من طرف المؤجر، جائزة من طرف المستأجر".

وزعم أن "للمستأجر أن يبيع باقي المدة التي بين بدء عقده وبين التسعين سنة المذكورة لصاحب المِلك أو للغير بحسب الحال، وهذا النظر يصحح عقود الإيجار المعمول بها الآن في عصرنا، ولا يُبطِل على الناس جُلَّ عقودهم من ناحية، ولا يعارض ما ارتآه ولي الأمر لتحصيل المصالح الاقتصادية والاجتماعية لاستقرار الأمن في البلاد من ناحية أخرى، والأخير غرض شريف مطلوب في الشريعة، ومرغوب إليه فيها وفق تعبيره".

 

جمعية المضارين

كما تعمل حكومة الانقلاب على حشد ملاك عقارات الإيجار القديم، زاعمة أنها تبحث لهم عن طوق نجاة من أجل حل أزمة مستمرة منذ سنوات.

في هذا السياق دافع أحمد البحيري المستشار القانوني لجمعية المضارين من قانون الإيجار القديم، عن حقوق أصحاب تلك العقارات قائلا "مشكلة الملاك مع المستأجرين فقط هي القيمة المادية المدفوعة على الوحدة المستأجرة التي لا تناسب أسعار اليوم، وأضاف البحيري، في تصريحات صحفية، ليس من المنطق أن يتعامل المستأجر مع قيمة العقار الإيجارية بسعر منذ 60 عاما، في المقابل أن المستأجر نفسه يعيش حياته ويتقاضى راتبه بقيمة هذه الأيام ".

وشدد على أن "المحال التجارية والإدارية والوحدات السكنية المغلقة، لابد من إخلائها فورا و تحرير عقود جديدة بالقانون المدني، والوقف الفوري بالعمل بقانون الإيجار القديم، الذي يعد قانونا استثنائيا".

وزعم البحيري أن "دولة العسكر قادرة على التعامل مع الملف بخصوص غير القادرين و توفير سكن بديل لهم وفق تعبيره.

وتابع لا حجة لمستأجر إيجار قديم قام بغلق وحدته ولا ينتفع بها أحد ولا حتى ملاكها وكذلك الوحدات المستأجرة في الأماكن الراقية، التي يستأجرها الأغنياء ويمثل تركها أو الدفع بأسعار الإيجار الجديد ضررا لهم، مشددا على ضرورة إلغاء قانون الإيجار القديم، وليس تعديله كما يطالب البعض".

 

حقوق الإنسان

وقال حسين الجنايني أحد المتضررين من قانون الإيجارات القديمة إن "العمل بقانون الإيجار القديم يعد خرقا لقوانين حقوق الإنسان المكفولة في الدستور المصري، التي تنص على حرية التصرف في الأملاك، عكس القانون الذي يسلب من المالك حرية التصرف في ملكه مما يخل بمبدأ المساواة بين المواطنين وفق تعبيره".

وطالب الجنايني في تصريحات صحفية "بالعودة إلى القانون المدني الذي يعد الأصل والمعمول به وإلغاء القانون الاستثنائي، مؤكدا أن الاستثناء لا يجب أن يكون مطلقا ويطبق في نطاق مستحقيه وليس في المناطق والأحياء الراقية والسفارات والمحلات التجارية التي تتعامل بأسعار السوق".

 

غير قانونية

في المقابل، أكد عدد كبير من المستأجرين، أن مطالب الملاك غير قانونية، وحذروا من إصدار أي قانون أو حكم مخالف للمحكمة الدستورية.

وقال المستشار ميشيل حليم، من المدافعين عن حقوق مستأجري الإيجار القديم إن "مطالبات الملاك جميعها غير قانونية بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا، لافتا إلى مناداة البعض بالإخلاء الفوري أو بعد مدة مخالفة لأحكام المحكمة الدستورية، التي فصلت في هذا الأمر، وأكدت أن الامتداد في عقود الإيجار القديم يكون لجيل واحد بشروط ومنها الإقامة المستمرة بالوحدة".

وأضاف حليم في تصريحات صحفية  "يجب مراعاة التوقيت في الطلب بزيادة قيمة الإيجار للوحدات خاصة السكنية، التي ستشكل عبئا ماديا آخر في ظل الأزمات الاقتصادية التي يواجهها المواطن المصري والتي لا مجال لمناقشتها الآن".

وقالت رنا القاضي "مستأجرة بقانون الإيجار القديم" إن "هناك اتفاقا وُقِّع بين الطرفين بموجب عقد بقيمة مالية متفق عليها، ولا يُسمح بتغيير هذه القيمة".

وكشفت رنا في تصريحات صحفية أنها "تعرضت للطرد عندما كانت قيمة العقد بمبلغ 60 جنيها في الشهر، إلى أن تمت زيادة قيمة الإيجار المثبتة في العقد إلى 120 جنيها للشهر، ولكنها فعليا تدفع 500 جنيه قابلة للزيادة بسبب ضغط المالك وتهديده بالطرد".