حبس الصيدلانية “إيزيس” بعد الاعتداء عليها.. هكذا يفرق المنقلب المصريين بمزاعم الإرهاب

- ‎فيتقارير

 منذ الانقلاب العسكري طفت على المجتمع المصري العديد من الظواهر والجرائم الاجتماعية ، من تشرذم  وانقسامات مجتمعية، وصلت لأن يُبلّع الرجل عن ابنه في الشرطة يتهمه بالإرهاب، إثر خلافات أسرية ، وهو ما حدث بين رجل وزوجته حيث أبلغت الداخلية بأنه "إرهابي"، وتم القبض عليه بمحافظة القاهرة، ثم أُخلي سبيله بعد التاكد من كيدية البلاغ.

وفي سياقات اجتماعية مضطربة استغل الكثير من الجيران وزملاء العمل حالة الإرهاب المجتمعي ونشر الخوف الذي ترعاه سلطات السيسي ، مزاعم الإرهاب كوسيلة لتصفية الحسابات الشخصية بين أفراد المجتمع المصري.

وفي سياق الإرهاب المجتمعي الناجم عن الاضطرابات الاجتماعية بالمجتمع المصري، جرى حبس  الصيدلانية إيزيس بمحافظة الشرقية، إثر خلافات في العمل مع زملائها فما كان منهم إلا أن اتهموها بالإرهاب، وهو ما تعاملت معه السلطات الأمنية بعجرفة وإهدار لحقوق الصيدلانية، التي جرى حبسها، في تصرف خطير يشق المجتمع المصري.

 

فلول الأمن 

وبتاريخ 16 أكتوبر الماضي كانت الصدمة، ففي أثناء وجود إيزيس أمام صيدليتها، فوجئت بقوة من الأمن اصطحبتها إلى قسم الشرطة حيث مكثت لمدة يومين حتى تم عرضها على نيابة أمن الدولة العليا، والتي أصدرت قرارا بحبسها لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات بتهمتي "الانضمام لجماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة" على الرغم من أنها لا تنتمي بأي شكل من الأشكال لأي كيان سياسي، ولم تنشط سابقا في أي من منظمات المجتمع المدني أو السياسي.

والأغرب في قصة إيزيس التي تحولت من ضحية إلى متهمة، هو التعسف بحق الضحية، بشكل يعد اعتداء صارخا على حقها الدستوري في اللجوء للقضاء حال الاعتداء عليها، الطبيبة والصيدلانية الشابة إيزيس تبلغ من العمر 27 عاما وتعمل في الوحدة الصحية الخاصة بقرية كفر عطا الله سلامة التابعة لمحافظة الشرقية.

 

دفتر الحضور 

وبحسب إيزيس، كانت الأمور مستقرة منذ بداية عملها في تلك الوحدة المذكورة، حتى فترة قريبة عندما تم تعيين موظفة جديدة "كاتبة" مسؤولة عن دفتر الحضور والانصراف، والتي كانت تتعمد مضايقة إيزيس والتعليق المستمر بشكل مهين على ملابسها وأن ابنتها – وهي صيدلانية أيضا – أحق من إيزيس بالتعيين وأن إيزيس لا تستحقه، وظهرت إيزيس بنيابة أمن الدولة العليا أمس الأول، وتم التحقيق معها بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، وقررت النيابة حبسها على ذمة القضية رقم ٢٢١٤ لسنة ٢٠٢١ حصر أمن الدولة عليا. مما دفع إيزيس إلى التقدم للنيابة الإدارية بشكوى ضد هذه الموظفة.

ولما علمت الموظفة المذكورة بأمر هذه الشكوى قامت بالاعتداء عليها بالضرب هي والممرضات اللاتي كن يضطهدنها كذلك.

كما هددتها بأنها ستقوم بحبسها، ذلك أن لديها الكثير من الأقارب "ذوي النفوذ والسلطة".

كما قام أحد العاملين أيضا بالتحرش بها أثناء ضربها.

وثقت إيزيس ما حدث لها بفيديو مصور للحظة الاعتداء عليها، واتخذت الإجراءات القانونية التي من المفترض أن تحميها، وذلك بحسب توجهات الدولة في تشجيع الفتيات والنساء على توثيق جرائم العنف والتبليغ عنها، طامعة في الحصول على حقها العادل. فذهبت إلى مركز شرطة الزقازيق، وحررت المحضر رقم 38399 لسنة 2021 جنح مركز الزقازيق، والذي بموجبه اتهمت زملاءها الإداريين في العمل بالاعتداء عليها بالضرب والتحرش.

 

توثيق الواقعة

انتشر الفيديو الخاص بتوثيق إيزيس للواقعة انتشارا واسعا، وأثار غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وطالب الكثيرون برد اعتبار الصيدلانية المُعتدى عليها، إذ طالبت إيزيس في نهاية الفيديو الذي نشره الدكتور هشام مسعود وكيل وزارة الصحة بمحافظة الشرقية بالتدخل والتحقيق في الواقعة، وبالفعل التقت الصيدلانية إيزيس بكل من ممدوح غراب محافظ الشرقية، والدكتور هشام مسعود وكيل وزارة الصحة، والدكتور عصام أبو الفتوح نقيب الصيادلة بالشرقية.

واليوم أصدرت ثلاث منظمات حقوقية مصرية بيانا مشتركا، استنكرت فيه الحبس وطالبت بإخلاء سبيلها فورا دون قيد أو شرط. كذلك ناشدت المنظمات النائب العام  بسلطة الانقلاب حمادة الصاوي، بضرورة الإفراج الفوري عن الصيدلانية وإسقاط كل التهم الموجهة إليها، والتعامل معها وفقا لوضعها القانوني كضحية عنف وليس كمتهمة، مع وجوب تقديم الدعم المناسب ضمانا لحقها في إنفاذ القانون ضد كل من اعتدى عليها. المنظمات الموقعة على البيان هي "بلادي جزيرة الإنسانية"، و"مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان"، و"مؤسسة المرأة الجديدة".

ومع استمرار الانقلاب العسكري يبقى المجتمع المصري مرشحا لمزيد من الانشقاقات والانقسامات التي تهدد حياة أبنائه في ظل سيادة مفاهيم القمع والتخوين والإرهاب المجتمعي الذي يغذيه العسكر لضرب المصريين بعضهم ببعض، لإبعادهم عن هموم السياسة والاقتصاد المتردية أصلا.