«لا تخاطر بصحة أطفالك».. حملة ضد التسول تثير السخرية من عصابة الانقلاب وتفضح تفشي الفقر

- ‎فيتقارير

"صحة أطفالك أمانة ..لا ترسلهم للتسول إلا في مناخ آمن وبيئة صالحة للتسول" عبارة ساخرة علق بها نشطاء على حملة ضد التسول يقوم بها أحد الأحزاب المخابراتية في منطقة الشيخ زايد، يقول شعار الحملة "لا للتسول.. لا تخاطر بصحة أطفالك" وهو ما يفضح بشكل واضح حالة تفشي الفقر بين المصريين، وهو الوضع الذي جعلهم يخاطرون بعمالة الأطفال للحصول على الطعام.

وما لبثت لهجة السفاح السيسي أن تغيرت تجاه المصريين، الذين قال عنهم في خطاب الانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب، الشهيد  لمحمد مرسي إنهم لم يجدوا من يحنو عليهم، فقد تغيرت لغة الخطاب سريعا من أنتم نور عينينا إلى أنتم عالة علينا.

 

النصاب..!

جالس على مقهى فى مكان هادئ، ترتشف قدح القهوة وأنت تتأمل ما حولك بنصف انتباه، ليقاطعك طفل صغير يبدو عليه الفقر وسوء التغذية ليسألك فى استكانة ''جنيه أجيب حاجة اتعشى'' قد تعطيه ما طلبه أو تتتم بصوت خفيض ربنا يسهلك أو حتي تتظاهر بعدم الانتباه، ليبتعد الصغير ويكرر محاولته مع آخرين.

الواقع أن هذا المشهد الذي نصادفه عشرات المرات يوميا، لا يمثل واقعا فرديا بقدر ما يمثل حال دولة أصبح التسول هو طابعها المميز، فمصر  مثل هذا الطفل تماما ، اعتادت منذ زمن بعيد على التجول وسط الدول الغربية لمحاولة الاقتراض والاستدانة أو حتى الحصول على منح وهبات، ولكن بينما يفعلها الطفل في هدوء واستكانة، يخرج المسؤولون في رحلات خارجية تتكلف الآلاف من الجنهيات وسط مواكب وتفخيم.

ويحذر علماء اجتماع من أن ظاهرة التسول تعد خطرا على المجتمع من الناحية الأمنية والاقتصادية والمجتمعية، لارتباطها بجرائم أخرى، تتنوع بين خطف الأطفال، وتنظيم مافيا الشوارع، للسيطرة على عوائد التسول والسرقات، وتوزيع الممنوعات، والإثراء دون تقديم عمل حقيقي يفيد المجتمع عبر استجداء مشاعر المواطنين.

ولكن كيف انتشرت وتضخمت ظاهرة التسول فى شوارع مصر، وكيف أصبحت الدولة بأكملها تعتمد على الاقتراض الخارجي والداخلي بشكل شبه رئيسي، كيف تحولت مصر من أغني دول المنطقة إلى دولة يتقرب العجز في موازنتها من نسبة 10% من الناتج الكلي، دولة يعيش أكثر من 50% من مواطنيها تحت خط الفقر، فلولا بعض من كرامة لوجدنا 40 مليون مصري يتسولون في شوارع القاهرة.

والإجابة في تعمد السفاح السيسي أن يفتتح عهده بجملته الشهيرة "أنا مش قادر أديك" لكي يسهل عليه فيما بعد مطالبة المصريين بدعم الدولة التي يفترض أن تدعمهم، وبدلا من أن يحاول تعظيم الاستفادة من طاقة المصريين البشرية وموارد مصر الكبيرة، آثر اللجوء للاقتراض والاستدانة أو التسول، كما يصفه البعض.

وبلغة الأرقام فقد تسلم السفاح السيسي أكثر من 20 مليار دولار من دول الخليج عقب الغدر بالرئيس الشهيد محمد مرسي في 2013، وهي مساعدات تتراوح بين 23 مليار دولار حسب أرقام رسمية، و30 مليار دولار حسب تسريبات مكتب السفاح السيسي.

 

فلوس في الهواء ..!

ورغم هذه المبالغ الضخمة زاد العجز بعد وصول المساعدات لعصابة الانقلاب بمصر، لتصل قيمته إلى 253 مليار جنيه في العام المالي الأول للانقلاب 2014/2013، مقابل 239 مليار جنيه في العام الذي حكم فيه الشهيد محمد مرسي البلاد 2013/2012، كما لم تنعكس المساعدات في شكل تحسن في الأحوال المعيشية للمواطنين، بل حدث العكس، حيث زادت معدلات الفقر والبطالة وشهدت الأسعار ارتفاعات قياسية، واستمر تراجع احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري، وهو ما يعني عدم تغذيتها بالمساعدات المقدمة لمصر.

خرج السفاح السيسي معلنا أنه أنفق 3 تريليونات جنيه مصري على المشروعات القومية، خلال أول عامين من انقلابه، لكنها مشاريع لم يلمس المواطن ولا الاحتياطي النقدي آثارها.

وفي بلد يتجاوز معدل البطالة فيه نسبة ، وتتجاوز نسبة الفقر الـ 26%، إضافة إلى احتلاله مراكز متقدمة في عدد مرضى الفيروسات الكبدية والسرطان مقارنة بمراكز أخيرة أو قبل أخيرة في جودة التعليم ومكافحة الفساد.

قرر قائد الانقلاب اقتراض 25 مليار دولار من روسيا لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء، العام 2015 كان الأكثر إنفاقا على شراء الأسلحة منذ 20 عاما، حيث بلغت فاتورة شراء الأسلحة 81 مليار جنيه، بحسب وسائل إعلام تابعة للانقلاب.

وإن كان الرجال يبدون أطول وهم يحملون البنادق، غير أن هناك تقارير تشير إلى أن 3 من كل 10 أطفال مصريين تحت سن الخامسة يعانون من التقزم؛ بسبب عجز عائلاتهم عن توفير ما يكفي حاجتهم من الخبز، أو لأنهم لا يمتلكون الخبز على الإطلاق.

وبدلا من أن يسلك السفاح السيسي طريقا يصل به إلى حل مشكلات مصر التي فاقمها انقلابه على أول تجربة ديمقراطية، سلك طريق الهجوم على البسطاء، وجلدهم بقوانين قاسية للتغطية على فشله، وكأنهم هم من ألقوا بمليارات الدولارات في صفقات أسلحة لا حاجة لها؛ في ظل حالة الوئام غير المسبوقة مع العدو التاريخي إسرائيل.