تورط قيادات أمنية.. هل تعمد الانقلاب نشر مخدرات “الشابو” و”الآيس” لأغراض سياسية؟

- ‎فيتقارير

رغم التوحش الأمني لنظام الانقلاب واعتقاله لعشرات الآلاف من المصريين لأسباب سياسية، إلا أن العديد من الممارسات غير الأخلاقية الخارجة عن إطار القانون والأخلاق تنتشر بصورة مفزعة في أوساط المصريين، كالقتل والزنا وشبكات الدعارة والمخدرات بأنواعها التي باتت تُباع علنا في وسائل المواصلات العامة.

وفي رسالة واضحة فإن نظام الانقلاب غير مهتم بأي جرائم أو مخالفات أو أزمات أخلاقية ومجتمعية، بعد أن انصب كل اهتمامه وتركيزه الأمني على ملاحقة السياسيين أو المعارضين أو الأكاديميين المستقلين وأصحاب الرأي، الذين تصورهم آلته الإعلامية والأمنية بأنهم هم الخطر الداهم على مصر، في تلبيس مقيت واختزال لكل مصر "الشعب والحضارة والتاريخ والدولة" في شخص النظام ومن يرأسه ويتحكم فيه، وهو ما بات جليا في تعدد وتكرار الجرائم الوحشية من قتل وإتجار في الأعضاء البشرية التي تحتل مصر فيها مرتبة عالمية، ومؤخرا انتشار أنواع جديدة وقاتلة من المخدرات هي الأشد فتكا بالشباب المصري، والغريب أنها تتم تحت سمع وبصر النظام العسكري.

 

مخدرات "الشابو "و"الآيس"

حيث تزايد انتشار مخدرات "الشابو" و"الآيس" بين الشباب في مصر، وتسببها في ارتكاب العديد من الجرائم المروعة خلال الفترة الأخيرة.

وتلك الأنواع الجديدة هي من المخدرات المركبة التخليقية ذات الأصول النباتية، كما أن خطورتها تفوق جميع أصناف المواد المخدرة الأخرى، بما في ذلك مخدر الهيرويين.

هذه الأنواع من المخدرات تدفع متعاطيها إلى تصرفات غير متزنة، وسلوكيات عنيفة، وفي كثير من الأحيان يصاب بالهلوسة.

ووفق بيانات  صندوق مكافحة وعلاج الإدمان فقد تقدم قرابة 17 ألف شخص للعلاج من المخدرات التخليقية خلال العام الحالي.

كما أن هذه المخدرات ليست ذات صبغة دوائية، وبالتالي فليس لها أي تأثير علاجي، إذ تُصنّع وتُباع على أنها مخدرات، بخلاف أقراص الترامادول التي تمثل علاجا لأحد الأمراض حسب تشخيص الطبيب.

ومن ضمن أنواع المخدرات التخليقية المنتشرة في مصر مؤخرا، تحت سمع وبصر وزارة الداخلية، الشابو والآيس والميث والكريستال جميعها مسميات لمخدر واحد هو "الميثا أمفيتامين" والذي يندرج تحت فئة المخدرات المُخلّقة، وهي منشطات شديدة التأثير، وسريعة الإدمان، وتسبب حالة من الهلوسة السمعية والبصرية، فضلا عن فقدان الذاكرة الجزئي، وضعف المناعة، وانفصام الشخصية.

 

تورط قيادات  الداخلية

ومؤخرا نشر موقع عربي 21 وثائق حول تورط قيادات وزارة داخلية الانقلاب ونحو 40 من ضباط وأمناء الشرطة في إدارة دواليب مخدرات بمنطقة الأميرية بالقاهرة، بجانب تلقيهم رواتب شهرية من تجار مخدرت ، كما اتهمت تقارير عديدة نجل السيسي الضابط بالمخابرات محمود السيسي، بتجارة الهيروين بسيناء والتي تعتبر معبرا رئيسا للهيروين والكوكايين، بل إن أحد أكبر تجار المخدرات بسيناء اجتمع مع السيسي نفسه خلال لقائه مع قيادات قبلية ممثلين عن عوائل سيناء، تحت مسمى مكافحة الإرهاب.

وهو ما يمكن فهمه بأن التوسع في نشر المخدرات قد يكون أحد آليات النظام العسكري في إلهاء المجتمع المصري وخاصة قواه الشبابية أكثر المقبلين على المخدرات مؤخرا، بفعل الأزمات الاقتصادية والبطالة وتأخر سن الزواج وتكاليف الحياة التي باتت صعبة لحد كبير.

 

حجم تجارة المخدرات 45 مليار دولار

يشار إلى أن حجم تجارة المخدرات قفز إلى نحو 45 مليار دولار، وهو ما يعادل 51% من موازنة مصر العامة لعام 2015-2014 وذلك وفقا لتقرير صادر عن مركز بصيرة للدراسات في 2016 ومما يؤيد ما ورد في تقرير مركز بصيرة بشأن المخدرات في مصر، ما ذكرته شبكة المعلومات العالمية للمخدرات (جناد) بأن مصر باتت في المرتبة الـ12 بين أكثر الدول استخداما للحشيش.

ويفسر تقرير هيئة الرقابة على المخدرات وقوع مصر ضمن حزام المخدرات بحدودها الطويلة مع جيرانها، وبلغت سهولة وانتشار تجارة المخدرات بمصر لدرجة أن مصور أحد البرامج المُذاعة على إحدى الفضائيات تمكن من تصوير عمليات الإتجار والتعاطي في عدة شوارع ومناطق بمصر.

وفي تقرير نشره الموقع الفرنسي WorldCrunch  تحت عنوان انهيار السياحة المصرية يعطي دفعة لتجارة الأفيون، أشار إلى أن عددا من البدو الذين كانوا يعملون في السياحة انتقلوا إلى زراعة الأفيون بحثا عن مورد للرزق.

ويعود  انتشار المخدرات في مصر لعدة أسباب منها الاضطهاد والظلم السياسي، حيث يلجأ مواطنون للهروب من الواقع الضاغط.

كما أن تجارة المخدرات تتسبب في ظهور ما يسمى الاقتصاد الخفي، إذ أن مصر دولة غير منتجة للمخدرات بل دولة عبور، وهو ما يجعل استيرادها عبئا على اقتصاد الدولة حيث يتم استيرادها بالعملة الصعبة ككل المنتجات المستوردة.

وعلى أية حال، وسواء كان انتشار المخدرات عائد لسياسات النظام العسكري القائم، والذي يخشى من فعالية الشعب بصفة عامة لما يمثله ذلك من تهديد، فإنه لاتكلفه المشاكل الناجمة عن الإدمان كفقد أو نقص الإنتاجية يؤثر على الناتج العام، وهو ما قدره تقرير المخدرات العالمي في أمريكا فقط عام 2014 بنحو مائة وعشرين مليار دولار بما يمثل 60% من حجم المشكلة، يضاف لذلك كُلفة حوادث الطرق والمشاكل المترتبة عنها مثل الإعاقة والوفاة نتيجة تعاطي المخدرات، فضلا عن عبء وتكلفة السجون والتأهيل ومشاكل الطلاق ومشاكل أخرى كثيرة، ينبغي إدراجها عند تقدير حجم المشكلة.

أما تكلفة عمليات العلاج والتأهيل فتشمل عدد الأسرة اللازمة لعلاج المدمنين والأدوية والفرق العلاجية وخدمات التأهيل وكذلك تكلفة حملات التوعية، لمنع الوقوع في تعاطي المخدرات، بالإضافة للمشاكل الصحية الناتجة عنها.

كما أن تجارة المخدرات تتسبب في ظهور ما يعرف بالاقتصاد الخفي، الذي يصعب مراقبته وهو من الأسباب المهمة لانتشار الفساد المالي والإداري، وتبقى مصر هي الخاسر الأكبر في تدمير قواها البشرية والاقتصادية والمجتمعية.