هجوم غربي غير مسبوق على السيسي ونظامه العسكري.. لماذا الآن؟

- ‎فيتقارير

في توقيت متقارب وبإجماع أوروبي متنوع، صبت عدة دول أوربية غضبها على قائد الانقلاب ونظامه العسكري، وصلت لحد اتهامه مباشرة من قبل وزارة الخارجية الهولندية بأنه انقلابي ومجرم.

حيث اعتبرت وزارة الخارجية الهولندية، أن عبدالفتاح السيسي جاء إلى السلطة في مصر بعد انقلاب عسكري، ومن خلال انتخابات غير ديمقراطية.

جاء ذلك في تقرير نشرته الوزارة عبر موقعها على الإنترنت في نهاية نوفمبر الماضي.

وجاء التقرير في سياق وصف الخارجية الهولندي للوضع في مصر، الذي من المرجح أن يؤثر على تقييمها لطلبات اللجوء المقدمة من الأشخاص القادمين من مصر.

ووصف التقرير ثورة يناير2011، بأنها انتفاضة شعبية طالب خلالها مئات الآلاف من المتظاهرين باستقالة الرئيس الراحل حسني مبارك، وكان شعارها عيش وحرية وعدالة اجتماعية.

وعنون التقرير أحداث يوليو 2013 بـ”انتزاع السلطة من قبل الجيش”، حيث شرح كيفية إطاحة الجيش بالرئيس الراحل “محمد مرسي” واستيلاء السيسي على السلطة، ثم قيام التظاهرات والاعتصامات ردا على الانقلاب، والانتهاكات التي حدثت في تلك الفترة من قتل المتظاهرين.

وأكد التقرير أن نحو 1150 متظاهرا قُتلوا على يد الأجهزة الأمنية خلال فض رابعة والنهضة، منهم أكثر من 800 متظاهر تم قتلهم في فض رابعة في 14 أغسطس 2013، وأعقب ذلك إلقاء القبض على آلاف المتظاهرين، ثم حظر جماعة “الإخوان المسلمين”.

ووصف التقرير انتخاب السيسي في مايو 2014 بأنه “عملية غير ديمقراطية” أتت في سياق قمع المعارضين، مضيفا أنه في 2018 تمت إعادة انتخاب السيسي في انتخابات أعرب فيها خصمه الوحيد عن دعمه للسيسي. 

وأشار التقرير إلى أنه تم وضع تعديلات دستورية في 2019 أدت إلى مزيد من تركيز السلطة وسمحت لـلسيسي بالبقاء في منصبه حتى 2030.

وأكد أنه لا توجد حاليا أي معارضة سياسية مهمة في مصر، وذلك لأن أي آراء مخالفة يمكن أن تؤدي إلى مقاضاة جنائية وحتى السجن، كما يتم تقييد الحريات المدنية مثل حرية الصحافة وحرية التجمع.

واستطرد التقرير في الحديث عن التضييقيات التي يتعرض لها كل فئات المجتمع من صحفيين وحقوقيين وأكاديميين وأجانب، كما تناول الإخفاء القسري وحظر السفر وتصيد القادمين والعائدين في المطارات.

 

هجوم إيطالي 

في غضون ذلك كشفت استنتاجات لجنة برلمانية إيطالية نُشرت، مؤخرا، أن أجهزة الأمن المصرية (الانقلابية) مسؤولة عن تعذيب وقتل الطالب الإيطالي “جوليو ريجيني” عام 2016 في القاهرة.

وبحسب التقرير؛ فإن “المسؤولية عن خطف وتعذيب وقتل جوليو ريجيني تقع مباشرة على جهاز الأمن في جمهورية مصر العربية، وعلى وجه الخصوص على عناصر الأمن الوطني كما أظهر بدقة التحقيق الذي أجرته النيابة العامة في روما”.

وصدر التقرير النهائي للجنة الخاصة حول مقتل ريجيني بعد عامين من التحقيقات.

ونُشرت هذه الاستنتاجات بعد أسابيع فقط من تعليق المحاكمة الغيابية لـ4 ضباط هم اللواء “طارق صابر ” والعقيدان “آسر كامل محمد إبراهيم” و”حسام حلمي” والرائد “إبراهيم عبدالعال شريف” المتهم بتنفيذ عملية القتل.

ووجدت المحكمة أنه من المستحيل المقاضاة، فبموجب القانون، يجب أن يكون الرجال الأربعة قد أُبلغوا رسميا بالإجراءات المتخذة ضدهم، ولطالما رفضت مصر كشف عناوينهم للقضاء الإيطالي، الأمر الذي لا يمكن أن يقدم دليلا على أن الضباط تهربوا طواعية من واجبهم بالمثول أمام القضاء.

 

فرنسا على الخط

إلى ذلك، ندد برلماني فرنسي بمساعدة بلاده للنظام المصري بقيادة السيسي، على التجسس وقتل مدنيين بتمويل من الإمارات.

وقال باستيان لاشو النائب البرلماني عن حركة فرنسا الأبية في مداخلته “السيد رئيس الوزراء، منذ أسبوع يتوالى الكشف عن تقديم فرنسا لمعلومات استخباراتية لنظام السيسي في مصر، والذي استخدمها للقيام بضربات جوية استهدفت مدنيين وذلك عن طريق عملية ممولة من قبل الإمارات”.

وأضاف: “كان الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته ووزيرة جيوشه على علم بذلك، وقد قبلوا بهذه الجرائم من أجل بيع الأسلحة للنظام المصري الاستبدادي، لقد أهانوا فرنسا وشوهوا كلمتها”.

 

توقيت الهجوم على نظام الانقلاب ومغزاه

وتأتي الانتقادات المتوالية من قبل الأطراف الأوربية سواء الرسمية أو البرلمانية، بعد أيام من انكشاف فضائح التعذيب والقتل التي شاركت فيها فرنسا وجيشها ضد المصريين.

وكان موقع “ديسكلوز” الاستقصائي الفرنسي قد كشف قبل أيام أن فرنسا تقدم معلومات استخباراتية للسلطات المصرية، تستخدمها لاستهداف مهربين عند الحدود المصرية الليبية، وليس متشددين بخلاف ما هو متفق عليه، مستشهدا بـوثائق إلكترونية.

وبحسب “ديسكلوز”، فإن مهمة “سيرلي” الاستخبارية الفرنسية التي بدأت في فبراير 2016 لحساب مصر في إطار مكافحة الإرهاب، قد تم حرفها عن مسارها من جانب الدولة المصرية التي تستخدم المعلومات التي جمعتها من أجل شن ضربات جوية على آليات تشتبه بأنها لمهربين.

وقبل أيام، اتهم القضاء الفرنسي، شركة متخصصة في بيع معدات التجسس، بالتواطؤ في أعمال تعذيب وإخفاء قسري بحق معارضين مصريين.

وأكد مصدر قضائي، أن “نيكسا تكنولوجي” الفرنسية متهمة ببيع معدات مراقبة للنظام المصري كانت ستمكنه من تعقب معارضين، بحسب “أ ف ب”.

ويتيح البرنامج المُباع لمصر، والمسمى “سيريبرو”، إمكان تعقب الاتصالات الإلكترونية لهدف ما في الوقت الفعلي، من عنوان بريد إلكتروني أو رقم هاتف على سبيل المثال.

ويحقق القضاء الفرنسي، في القضية، منذ العام 2017 بعد شكوى قدمتها الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ورابطة حقوق الإنسان بدعم من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.

كما يأتي الهجوم في محاولة لتبرئة أطراف أوربية سبق وأن دعمت السيسي ونظامه، سواء بأسلحة أو معلومات استخباراتية أو دعم بالمواقف والمحافل الدولية.

كما يتوافق الانتقاد الهولندي الحاد مع تقارير أوربية وأمريكية تؤكد ضلوع السيسي في تمويل انقلاب السودان وسحق المتظاهرين كما جرى في مصر سابقا، وهو نفس الدور الذي مارسته مصر في  ليبيا، بالتوافق مع مثلث الثورة المضادة في الإمارات والسعودية.

ومن جهة أخرى، فان بعض المراقبين يرون ان السيسي ونظامه حينما ينزعجون من الانتقادات الدولية ، وخاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان والممارسات السياسية، فيتجهون سريعا نحو شراء الرضا الغربي بصفقات من الأسلحة ومشتريات الأجهزة أو تقديم خدمات لوجستية في المنطقة أو في مصر ، قد تكون تلك الدول بحاجة إليها، وذلك في إطار سسياسات دفع الثمن لإسكات الانتقادات.

ولكن بعض الآراء  ترى أن هناك شيئا ما قد يحدث قريبا فيما يتعلق بالمواقف الدولية إزاء مصر، ويدللون على ذلك بالموقف الأمريكي المتصلب والرافض لمقابلة السيسي أو دعوته لواشنطن من قبل إدارة بايدن، علاوة على زيارة غريبة واجتماع أجراه وزير الدفاع ورئيس الأركان المصري ببعض القيادات البرلمانية، مؤخرا، مؤكدين للنواب قدرة الجيش على الدفاع عن مصر وأنه المسئول الأول عن حماية مصر.

وكلها توقعات قد تتطور خلال الأيام المقبلة التي يبدو أنها حُبلى ببعض التطورات الحاسمة على الصُعُدِ كافة.