قال د. إسماعيل علي في ورقة بعنوان "موقف الرئيس مرسي من تطبيق الشريعة بين الإجحاف والإنصاف" إن "تطبيق الشريعة في واقع بلدانِنا يحتاج إلى إعدادات وجهود عظيمة، وأن الرئيس مرسي لا يُلام، وتساءل ، هل كان المطلوب من الرئيس مرسي أن يضغط على زِرّ فيزيل ذلك الواقع الضخم المغاير للشريعة، ويقيم على أنقاضه، بنفس الضغطة، أو بأخرى، واقعا جديدا منسجما انسجاما تاما كاملا مع الشريعة"؟
وأضاف لتساؤلاته "أليس تطبيق الشريعة في ظل هذا الواقع يحتاج إلى جهود كثيرة قانونية ولجان عديدة، وخبرات متخصصة متنوعة في شتى المجالات كي تُعدّل القوانين، وتعالَج الآثار، وتُغيّر المنظومة التشريعية والقضائية والتنفيذيةُ والإعلامية والتربوية والتعليمية، وغيرُها"؟
تسطيح غير مقبول
واعتبر أستاذ ورئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر (سابقا) في ورقته التي نشرها موقع "مسار للدراسات الإنسانية" أن تطبيق الشريعة لدى من يتهمون الرئيس فيه تسطيح غير مقبول، وقال "إذا تحاورتَ مع بعض الذين يلومون الرئيس مرسي بسبب أنه لم يطبّق الشريعة؛ وجدت – مع الأسف- تسطيحا للأمور، وعاطفة مجردة من العلم والفقه، وتصورا ساذجا لموضوع تطبيق الشريعة".
وأضاف أن "بلدا مثل مصر يُزاح الدين منه وتتسلل العلمانية إليه منذ قرابة قرنين من الزمان، لا شك أنه قد ترسخ فيه واقع فكري واجتماعي وقانوني وسياسي ابتعد كثيرا عن أحكام الشرع الحنيف، وهذا واقع لا يُنكَر".
محض ادّعاء
وأشار "د.علي" إلى أن تخلي الرئيس مرسي عن تطبيق الشريعة الإسلامية محض إدعاء، موضحا أنه منذ انقلاب الخائن السيسي على الرئيس الشرعي محمد مرسي- يرحمه الله- وجدتُ بعض الناس يسلقون الرجل بألسنة حِداد، بل منهم من ذهب إلى تكفيره؛ بحجة أنه تخلى عن تطبيق الشريعة الإسلامية".
وحمل أستاذ ورئيس قسم الدعوة أدعياء السلفية ومن يدورون في فلكهم هذه الاتهام، مستدركا أنه لا يطعن في نوايا البعض منهم ولا أنكِر أن بعض أولئك المنتقدين للرئيس مرسي في أمر تطبيق الشريعة لديهم غيرة صادقة على الدِّين، وإخلاص في حرصهم على أن يسود شرع الله ويحكم، لكن حسن النوايا والإخلاص مِن غير علم وفهم لا ينفع، بل ربما أدى إلى عواقب وخيمة، كما كان حال الخوارج قديما، ومن سار على دربهم حديثا".
مشروع إصلاحي
ولفت د.إسماعيل إلى أن "الرئيس مرسي صاحب مشروع إصلاحي يرتكز على الإسلام، موضحا أنه مما لا خلاف عليه أن الرئيس محمد مرسي-يرحمه الله- ليس علمانيا، بل أعلن أنه يحمل مشروعا إصلاحيا يرتكز على الإسلام، ويستمد تصوره ومضمونه من شريعته الغراء، وليس خافيا على أحد أنه مارس السياسة عقودا من الزمن، وَفق برنامج كان عنوانه وشعاره “الإسلام هو الحل”، وابتُلِي بسبب هذا في عصر مبارك، بالإضافة إلى أنه كان في شخصه وأهله ملتزما بأحكام الإسلام، حافظا متقِنا لكتاب الله، ذا غيرة على دينه، وعلى حرمات الله، حريصا على أن تكون الكلمة العليا لشريعة الإسلام، وعلى مناصرة قضايا المسلمين في شتى المحافل وجميع المناسبات، بل إنه لولا هذا التوجّه الإسلامي من الرئيس مرسي، ما وقع التآمر والانقلاب الأثيم عليه".
أسئلة مهمة
وطرح د.إسماعيل عدة إجابات حول الأسئلة المثارة وقال:
هل الرئيس مرسي لم يكن يؤمن بوجوب تطبيق الشريعة الإسلامية؟
وهل لم تكن لديه نية في أن يكون التشريع والقانون منطلِقا من الشريعة الإسلامية؟
أما السؤال الأول فالإجابة هي النفي- قطعا-، والشواهد أظهر من أن تخفى.
وأما الثاني فالرجل قدم برنامجه الإصلاحي، وحرص على أن يكون دستور البلاد منسجما مع الشريعة الإسلامية، وهذا ما أهاج عليه العلمانيين والشيوعيين وفسقة المسلمين.
إذا ليس من شك في أن الرجل كان يؤمن بتطبيق الشريعة الإسلامية، ويسعى لتحقيق هذا الأمر.
هل كان باستطاعة الرئيس مرسي أن يطبق الشريعة، ويمنع كل ما يخالفها؟
ثم إن هنالك سؤالا في غاية الأهمية، وهو:
هل كان الرئيس مرسي قادرا على فرض تطبيق الشريعة، ومنع كل ما يخالفها من القوانين والأعمال، ولديه الأدوات التي تمكنه من ذلك؛ ثم امتنع عن التطبيق؟
الواقع أن الرجل لم يكن لديه القدرة على هذا، بل حيل بينه وبين أن يفعل شيئا في هذا الشأن، بكل الطرق.
تواطؤ العسكر
واتهم "د.علي" العسكر والقضاء بالتحيز ضد ثورة 25 يناير وحل مجلس الشعب المنتخَب قبل أن يمارس الرئيس مرسي رئاسته، وتسلم الرجل الرئاسة بدون برلمان، وكان كلما أصدر قانونا أو إعلانا دستوريا يتم إشعال الأرض نارا وإفسادا، وتسيير مليونيات تلو الأخرى، وتدبير مؤامرات لا تتوقف ولا تهدأ، مع وجود سلطة تنفيذية وشرطة سيئة تقاعست وتوقفت عن عملها في تنفيذ الأحكام، وإعمال القانون، وسلطة قضائية غير محايدة تتربص به، وتُلغِي ما يصْدره من قوانين، وعسكر متآمرين، ولاء الكثير منهم لأعداء الله والوطن، دينهم هو دنياهم ومكاسبهم ومشروعاتهم الاقتصادية التي تصب في جيوب وبطون ثلة فاسدة، بالإضافة إلى إعلام منحط متآمر فاجر، يحاد اللهَ ورسوله والمؤمنين.
واعتبر أن المؤامرة التي حيكت ضد الرئيس ترفع اللوم الشرعي عن الرئيس بسبب وجود الموانع والعوائق الجبارة العاتية، وانعدام أسباب القدرة والتمكين.
مسترشدا بما قاله الفقهاء والأصوليون من أنه لا تكليف مع العجز، قال القرافي في فروقه «واعلم أنه يشترط في خطاب التكليف علم المكلَّف، وقدرته على ذلك الفعل».
وأوضح أنه "إذا كان الشخص لا يُكلّف إلا بما يستطيع، ولا يؤاخذ بما يعجز عنه في الأمور الفردية أو الشخصية؛ فكيف بالأمور المتعلقة بالأحكام السلطانية والسياسة الشرعية، وأمور الأمة والدولة، التي تتشابك، بل تتعارض فيها المصالح مع المفاسد، وتخضع لمؤثرات وتحديات محلية وإقليمية ودولية لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها".
شهادة عالم
ومن موقعه العلمي وقرب الاحتكاك بالإخوان المسلمين، قال د.إسماعيل علي "والذي نُشهِد الله عليه أن الرئيس مرسي قد عمل على تطبيق شرع الله في خاصة نفسه وأهله، ثم حاول بقدر استطاعته العمل على تطبيق ما يمكنه من شرعِ الله في الدولة، وإعلاء كلمة الله في جميع الميادين والمحافل، ونصرة قضايا الإسلام والمسلمين، بحسب ما كان لديه من إمكانات".
مراعاة الواقع
وطالبت الورقة التي قدمها ب"مراعاة الواقع واعتبار المآلات في الإصلاح لا يمكن إغفاله إلا من جهول ساذج، ومتهور أحمق.
وأعتبر أن قول البعض أنه "على الرئيس مرسي أن يترك الحكمَ؛ ما دام لم يستطع تطبيق الشرع" لا يستقيم عقلا ولا شرعا.
وأضاف ، تطلبون تنحية حاكم مسلم، وهو مقسط يغار على دين الله، ويُلزم نفسه وخاصته بشرع الله، ويحمل برنامجا إصلاحيا مرجعيته ومنطلقه الشرع الحنيف، ويحرص ما وسعه الجهد على إعلاء كلمة الله .
وتابع، ولمن كان يتركها؟ أيتركها للعلمانيين، والفسدة، الذين أحالوا نهار بلادنا إلى ظلام دامس دهرا من الزمن، وعملوا جاهدين على طمس أي مَعلم من معالم الدين فيها، وجعلوها ذيلا تابعا للغرب، ومطية ذَلولا في خدمة أعداء الله والأوطان".
https://almasarstudies.com/president-morsis-position-on-the-implementation-of-sharia/