تعويض أسرة خالد سعيد بمليون جنيه.. هل تأكد الشعب من كذب روايات الداخلية ضد مناهضي الانقلاب؟

- ‎فيتقارير

منذ اللحظات الأولى لاغتيال الشاب خالد سعيد بالإسكندرية أصدرت وزارة داخلية نظام مبارك بيانا تقول فيه إنه "قُتل إثر ابتلاعه لفافة من مخدر البانجو أثناء مطاردة الشرطة له". وهي نفس الرواية التي يسوقها نظام المنقلب السفاح السيسي بعد أن كشف عن كراهيته لثورة يناير، وزعم بأنها سبب خراب مصر وسبب بناء سد النهضة وغيرها من الأوصاف المقيتة التي يلوكها السيسي وإعلامه بصورة يومية. وذلك في محاولة لوأد أي تعاطف شعبي مع الثورة والتفكير في ثورة جديدة ضد الأوضاع المتردية التي يعيشها المصريون في ظل الانقلاب العسكري. 

وفي مفاجأة لكافة المتابعين؛ قضت محكمة بتعويض قيمته مليون جنيه لأسرة الشاب خالد سعيد، المعروف بـ"أيقونة ثورة يناير"، وقال "المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" إن "الدائرة الثالثة تعويضات كلي القاهرة الجديدة، أصدرت الخميس 30 ديسمبر الماضي، حكمها في الدعوى رقم 152 لسنة 2018، المقامة من محامي المركز نيابة عن اثنين من أشقاء خالد سعيد، بتعويضهما قدره مليون جنيه".

وقال "المركز" إن "صدور هذا الحكم يعد بمثابة إسدال الستار على واحدة من أهم القضايا في مصر خلال العقدين الأخيرين، والتي كانت محطا لأنظار قطاع كبير من المواطنين والمؤسسات الحقوقية والصحفية والقانونية".

وأعلن المركز أن محاميه سوف يقوم بالطعن على هذا الحكم بالاستئناف لزيادة مبلغ التعويض المقضي به، ليتناسب وفداحة الضرر الذي لحق بأسرة خالد سعيد.

وبحسب حقوقيين، فإن الحكم يعد إدانة لنظام الحكم العسكري بعهد مبارك ومن بعده السيسي، وكل من اتهم ثورة يناير بالمؤامرة أو تكذيب روايات الثوار والمصريين عن غضبهم العارم ضد الفساد والإفساد، إذ يمثل الحكم براءة لخالد سعيد من تهمة المخدرات، الذي حاولت به وزارة الداخلية ونظام مبارك ونظام السيسي من بعده تشويهه، وتكرس صورة سلبية عنه  لضرب ثورة يناير الشعبية في مقتل.

 

أكاذيب الداخلية 

يمكن القياس على كذب رواية الداخلية وتعويض أسرة خالد سعيد للتدليل على أكاذيب رواية أمن الانقلاب في الاتهامات التي يتم تلفيقها يوميا ضد رافضي الانقلاب العسكري، وكذلك تفضح التصفيات التي تنفذها داخلية الانقلاب ضد معارضي الانقلاب ورافضيه والتي تدعي أنهم قاوموا السلطات لتبرير قتلهم بالشوارع والميادين والمنازل وتصويرهم وبحوارهم أسلحة، وغيرها من مستلزمات الإخراج المفضوح لتلك الجرائم التي ثبت تلفيقها وفضحتها التسريبات المذاعة على الفضائيات من إقبال ضباط بقتل سجناء بسيناء رميا بالرصاص بعد تعذيبهم وإجبارهم على الزحف كالحيوانات، والركوع للضباط وغيرها من الممارسات الوحشية، التي كشف عنها الإعلامي عبد الله الشريف مؤخرا.

وعلى غرار الشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي تسبب انتحاره حرقا في إشعال الثورة التونسية، أشعلت قضية خالد سعيد ثورة يناير في مصر، بعدما تعرض للتعذيب والقتل على يد أفراد من الشرطة بمحافظة الإسكندرية، قبل 6 أشهر من اندلاع الثورة.

وفارق "خالد" الحياة في 6 يونيو 2010، بعد تعرضه للتعذيب على يد أمين شرطة ورقيب شرطة بقسم سيدي جابر في الإسكندرية، وتضامن ناشطون ومغردون مع قضية خالد ونظموا وقفات احتجاجية للمطالبة بمعاقبة المتهمين، بينما ردت السلطات وقتها بأن خالد سعيد توفي نتيجة ابتلاعه لفافة مخدر "البانجو" عند ملاحقته من قبل الشرطة.

 

صفحة "كلنا خالد سعيد"

ودشن ناشطون صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك باسم "كلنا خالد سعيد"، أطلقت دعوة للتظاهر في عيد الشرطة يوم 25 ينايرللمطالبة بإقالة وزير الداخلية وقتها حبيب العادلي، ووقف التعذيب وانتهاكات الشرطة، وهي الدعوة التي تطورت لاحقا للمطالبة برحيل نظام مبارك.

وبعد الإطاحة بنظام  حسني مبارك في 11 فبراير 2011، أحالت النيابة العامة المتهمين للمحاكمة الجنائية، التي قضت -في 26 أكتوبر 2011- بمعاقبة كل منهما بالسجن المشدد 7 سنوات، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة، وطعن المحكوم عليهما والنيابة العامة على الحكم بطريق النقض.

وفي 20 ديسمبر 2012، قضت محكمة النقض بقبول طعن المحكوم عليهما والنيابة العامة ونقض الحكم، وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى، وقررت محكمة الإعادة في 3 مارس 2014 بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن المشدد 10 سنوات عما أسند إليهما.

وطعن المتهمان مرة أخرى على الحكم بطريق النقض في 26 إبريل 2014، وقضت محكمة النقض برفض الطعن موضوعا في 4 مارس 2015.

وفي مارس 2018، تقدم اثنان من أشقاء خالد سعيد ووالدته بدعوى قضائية للمطالبة بإلزام المتهمين ووزير الداخلية بصفتهم متضامنين، بأن يؤدوا مبلغ مليوني جنيه مصري، تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهم جراء ما أصاب مورثهم.

وعقب الانقلاب العسكري، استل السيسي ونظامه سيف الانتقادات والتشوية للثورة والثوار، باتهامها بأنها عرت كتف مصر وجعلتها عرضة لأي انتهاك خارجي، كما وصفها بأنها السبب وراء إقدام أثيوبيا على بناء سد النهضة ، وأن ثورة يناير قام بها متأمرون، وغيرها من الأوصاف المشينة.