“لا تنظر إلى أعلى”.. عندما تلعب السينما دورها في حماية الوطن وتهاجم فساد المسئولين

- ‎فيأخبار

تجد السينما أذانا مصغية كي تراقب وتكشف للمشاهد الحقائق، فالسبيل إلى دخول عقل وقلب الفرد له مهارات فنية عالية، وصدق يدعو للدهشة كأنك في أمر حقيقي، وليس مجرد مشاهد من فيلم سينمائي.

"لا تنظر إلى الأعلى"  أو بالإنجليزية: Don't Look Up ،‏ فيلم أمريكي جديد عُرض مؤخرا على شبكة نفتليكس، يضم طاقم تمثيل فيه كوكبة من نجوم هوليود، تدور قصته إلى ليوناردو دي كابريو والذي  يقوم بدور عالم فلك يحذر البشرية من خطر اقتراب كويكب سيدمر كوكب الأرض.

 

ليس مجرد صدفة

الفيلم يُصّنف ضمن أفلام الكوميديا السوداء، الأفلام التي تتحدث عن خطر داهم، يوشك على إنهاء الحياة على الأرض، لكنه هنا يوثق الصلة بين السياسة والإعلام والعلم، ويجعل الجماهير مجرد جماهير من الغوغاء، تستثيرها الخطابات السياسية، كما تحركها قصص الفنانين التافهة وفضائحهم، أكثر من اهتمامهم بمصيرهم، خاصة حين تتقدم التفاهة والتافهون صدارة الإعلام، ولا يعود أحد يصغي للعلماء.

يتطرق الفيلم إلى نوع السخرية من أعظم رئيس دولة بالعالم رئيسة الولايات المتحدة وتقوم بدورها الممثلة ميريل ستريب ، والتي لاتزال تصرخ وتسخر من الحدث الذي دخل به العالم على مكتبها البيضاوي، ليقول لها "أنقذوا العالم، ولكنها تخرجه من تلك الحالة إلى نوع جديد من السخرية والتعجب والكثير من تكرار كلمة " إذا سنموت كلنا، إذا سنموت كلنا".

 

الفساد وقمة المصالح

ويكرر الفيلم حديثه بالسخرية من آليات تفكير الأنظمة الحاكمة ، فضلا عن شبكة المصالح التي تربطه بأفراد وشركات عملاقة، تمول السلطة، وتتداخل معها في شبكة فساد ومنها شبكة صناعة إلكترونية كبرى تمول الحملات الدعائية لها، ومن هذا القبيل تنقلب الحدث من طلب الإنقاذ إلى طلب رجاء من تلك الشركة كي تساعد على تحمل نفقات العلماء وخلافه.

تبدو نهاية الفيلم مخيفة بقدر سخريتها، كما أن الفيلم بشكل عام، يقدم تحية حقيقية للعلم والعلماء، لدورهم في إنقاذ البشرية من مخاطر لا حصر لها، في الوقت الذي يعزز المخاوف من سيطرة شركات وأدوات التواصل الاجتماعي، وكأن نهاية البشرية، ستكون على أيدي هؤلاء.

 

ريش مصري

الأمر يأخذ بالفعل إلى الحديث عن فيلم مصري حاز على جوائزفي مهرجانات دولية وكان أخرها مهرجان "الجونة" السينمائي الدولي وهو فيلم "ريش"،والذي كان بين عشية وضحاها، عنوانا للساعة وهدفا للمتابعات الصحفية والبرامج التلفزيونية ، لكنه أيضا نال من الإهانة والتشهير ، عدد من الضرائب دفعها لأنه كشف جانبا من المآسي التي يعيشها المصري الآن.

"ريش"  الذي أراد مخرجه الشاب الغير مشهور أن يسلط الضوء على حياة الفقراء في مصر، من منزلهم إلى ملابسهم ،وحتى مأكلهم ومشربهم وطريقة عيشهم الصعبة التي تزداد كل يوم في مصر.

 

ريش أمريكي

"ريش" مثل "لاتنظر إلى أعلى" كلٌ يهاجم المسئولين بطريقته ،وهذا هو الذكاء في التعامل السينمائي بين الداخل والخارج الذي يستطيع أن يهاجم رئيس الولايات المتحدة ويصفها بالكاذبة الغير دقيقة والفاسدة إلى حد كبير، وبين فيلم داخلي يتم توبيخ مخرجه كونه أرد فقط أن يصل بالمشاهد إلى حقيقة المعاناة التي يمكثها المصريون طوال عشرات السنين في ظل أنظمة ديكتاتورية فاسدة لاهم لها ولامصلحة سوى بناء القصور والمنتجعات، أما الفقراء فلاحياة لهم في الوطن  الذي قد ينتهي بمجرد وصول نيزك كبير مثل جبل إيفرست وينهي وجوده كما يقول فيلم "لاتنظر إلى أعلى".

 

خلاصة المجتمعات

يقدم فيلم "لاتنظر إلى أعلى" الخلاصة ،فيؤكد أن الكون يتمحور في متلقي وصانع، فيلم يجري على الهواتف والأجهزة الذكية ، هنا يقضي البشر كل وقتهم. وحتى في أصعب المواقع يخرج من يقول "أنا مستمر في الكارثة كي يجري تصحيح المسار، حتى استولت شركة اتصال كبرى على الخطر لتستثمر فيه لصالح رجل الأعمال، صار الخطر فرصة تسوق، والتسويق هو كل شيء،عصر رجال الأعمال والفاسدين والمتحكمين في أرواح المواطنين وما أكثرهم في هذا الزمان".