لماذا أحرج بايدن السيسي وكشف جواسيسه ببيان رسمي على غير المعتاد؟

- ‎فيأخبار

لم يكن كشف أمريكا إرسال السيسي جواسيس مصريين للتجسس على المعارضين في أمريكا أمرا عاديا لعدة أسباب، أولها تعمد إدارة بايدن كشف الجاسوس المصري بيير جرجس عبر بيان من وزارة العدل، يتهم مصر على غير المعتاد في قضايا التجسس التي تكون سرية.

وثانيها، أن ذلك كشف حجم الخلافات بين السيسي وبايدن، وأن الإدارة الإمريكية لا تزال ترفض التعامل مع السيسي، سوى مجرد متعهد يخدم مصالحها في المنطقة ومنها حماية إسرائيل من المقاومة في غزة.

وثالثها، أن قضية تجسس بيير جرجس مختلفة، لأنها كشفت أن عباس كامل مدير المخابرات المصرية أو من ينوب عنه كضابط أول، يشرف بنفسه علي الجاسوس ويتواصل معه عبر تطبيق مشفر لذلك اتهمت وزارة العدل الأمريكية في بيانها الجاسوس بأنه أجرى محادثات مشفرة" مع "المسؤول-1".

والأكثر أهمية أن كشف الجاسوس أكد تجسس الأجهزة الأمنية المصرية علي بعضها البعض، وهو ما أكدته فضيحتي ديسكلوز ومعمل سيتيزن لاب.

كشف وزارة العدل الأمريكية وجود جاسوس مصري يعمل لصالح المخابرات المصرية، جاء ليلحق بكشف ألمانيا اعتقال جاسوس للسيسي في مكتب رئيس المستشارية السابقة ميركل.

 

لائحة اتهام فضيحة

فوفقا للائحة الاتهام، ناقش جرجس وضعه كعميل للحكومة المصرية مع مسؤول مصري (مسؤول مصري -1) باستخدام تطبيق مراسلة مشفر وخلال المحادثة، أعرب المسؤول المصري 1 عن إحباطه من لقاء جرجس مع موظفين من جهاز حكومي مصري آخر خلال رحلة قام بها جرجس مؤخرا إلى مصر.

 وحذر جرجس من أنه لا يمكن فتحه مع جميع الأجهزة ، وذكر أن المسؤول الأول المصري كان يسمح لجرجس بفتح معنا فقط.

لاحقا في تبادل الرسائل المشفرة، نصح المسؤول المصري الأول (عباس كامل) جرجس بأن الوكالات الحكومية المصرية الأخرى تريد مصادر لأنفسها، وأنت [جرجس] أصبحت مصدرا مهما لهم لجمع المعلومات.

أجاب جرجس "أنا أعلم وأرى وأتعلم منك"، ثم أبلغ المسئول المصري -1  "لن يتكرر مرة أخرى".

بالتوازي استمر نطاق التركيز علي التجسس على المصريين بكشف صحيفة «لا تريبيون» الفرنسية توقيع مصر عقد مع شركة «Airbus Space» لشراء قمر اصطناعي يستخدم في أغراض التجسس، في وقت لاحق من هذا العام.

وأوضحت وزارة العدل الأميركية -في بيان- أن العميل المتهم يدعى بيير جرجس (39 سنة) ويحمل الجنسيتين المصرية والأميركية ويعيش في مانهاتن، وأنه وافق على استهداف منتقدي الحكومة المصرية في الولايات المتحدة.

وتشير عريضة الاتهام إلى أن بيير جرجس عمل بناء على توجيه وسيطرة العديد من موظفي الحكومة المصرية لخدمة مصالحها في الولايات المتحدة.

وقال ممثلو الادعاء إنه "بالإضافة إلى مراقبة معارضي السيسي، فقد استخدم جرجس علاقاته مع سلطات إنفاذ القانون المحلية للحصول على معلومات لا تُنشر للعامة، ورتب مزايا للمسؤولين المصريين الذين يزورون مانهاتن، ونسق اجتماعات بين سلطات إنفاذ القانون الأميركية والمصرية".

ورد في لائحة اتهام من ست صفحات أن جرجس تصرف وفقا لـ "توجيهات وسيطرة" العديد من المسؤولين الحكوميين المصريين بين عامي 2014 و2019  على الأقل. ويقول المدعون إنه "قدم إلى مسؤولي إنفاذ القانون الأمريكيين معلومات عن معارضي السيسي تلقاها منهم مسؤولي حكومته المصرية، ثم عادوا إلى القاهرة".

 

دلالات التجسس

وقد نقلت قناة abc نيوز عن محللين تعليقه على واقعة التجسس، بأنها أحدث دليل على زعيم استبدادي بسط قبضته خارج حدوده لسحق المعارضة السياسية، وهي اليد التي امتدت في السنوات الأخيرة إلى الولايات المتحدة".

وأكدوا أن السيسي شن حملة واسعة النطاق ضد حقوق الإنسان في مصر، التي تعد من بين أقل البلدان حرية في العالم، وفقا لمركز أبحاث فريدوم هاوس، وسجنت حكومة السيسي عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، وجرمّت حق التعبير للمعارضة وسمحت لقوات الأمن بالإفلات من العقاب على الجرائم التي ارتكبتها في حق حقوق الإنسان.

وقالت أليسون مكمانوس، مديرة الأبحاث في مبادرة الحرية لحقوق الإنسان التي أسسها محمد سلطان، إن "أساليب السيسي القمعية تمتد الآن إلى ما وراء حدود مصر لاستهداف المعارضين في الخارج".

ونقلت شبكة ABC News عن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس قوله "نحن نسعى إلى محاسبة الدول التي تلاحق المعارضين والمنشقين، على أرضنا وخارج الحدود الإقليمية، مشيرا لنمو هذا النوع من النشاط من قبل الحكومات الاستبدادية في السنوات الأخيرة".

وبينت أنها ليست الحالة الأولى لعميل أجنبي يتجسس على منشقين في الولايات المتحدة.

وقالت إن "منتقدي إدارة بايدن يرون إنه لم يتم فعل الكثير لمعاقبة مصر، أحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط والمستفيد الرئيسي من المساعدات العسكرية، ويجب ألا تمر فضائح التجسس دون عقاب".

وقال ممثلو الادعاء إنه "بالإضافة إلى مراقبة معارضي السيسي، فقد استخدم جرجس علاقاته مع سلطات إنفاذ القانون المحلية للحصول على معلومات لا تُنشر للعامة، ورتب مزايا للمسؤولين المصريين الذين يزورون مانهاتن، ونسق اجتماعات بين سلطات إنفاذ القانون الأميركية والمصرية".

وأوضح ممثلو الادعاء أن "من بين أنشطة المواطن مصري الأصل محاولة في مارس 2019 لمساعدة مسؤولين مصريين زائرين على حضور تدريبات للشرطة في مانهاتن مخصصة فقط لرجال إنفاذ القانون"

وكشفت وزارة العدل الأمريكية أنه في 8 مارس 2019 وفي سياق عمليات جرجس المستمرة كوكيل مصري، ناقش مع "المسؤول-1" رحلة لبعض المسؤولين المصريين إلى الولايات المتحدة.

وخلال تلك المحادثة الهاتفية ، قال جرجس "أخبرني ماذا تريد مني أن أفعل"، ورد المسؤول المصري بالاستفسار عن علاقة جرجس مع ضابط تنفيذ قانون أميركي معين.

ثم أصدر المسؤول المصري تعليمات إلى جرجس "أن يطلب من ضابط إنفاذ القانون الأميركي شيئا ما"

قال له "نُريدك أن تعرف ما إذا كانت هناك أي تدريبات للشرطة ستجري في مانهاتن في الأيام المقبلة، وإذا كان الأمر كذلك، فمن هم المسؤولون عن هذه التدريبات؟ نود الحضور"

لاحقا، سأل جرجس مرة أخرى، ماذا تريد مني أن أفعل؟ قام المسئول المصري بتنبيه جرجس قائلا "نود متابعة النقاشات السابقة، حسنا، ووافق جرجس بالرد "أجل".

ويواجه جرجس الآن، تهمة التآمر للعمل كوكيل لحكومة أجنبية دون إخطار النائب العام، والتي تصل عقوبتها إلى السجن خمس سنوات، وتهمة واحدة بالتصرف كوكيل لحكومة أجنبية دون إخطار السلطات، والتي تصل عقوبتها إلى السجن 10 سنوات.

وسيحدد قاضي محكمة المقاطعة الفيدرالية الحكم بعد النظر في إرشادات إصدار الأحكام الأميركية والعوامل القانونية الأخرى.