تدريبات مشتركة وصفقات سلاح.. ماكرون يكافئ السيسي برئاسة منتدى الإرهاب

- ‎فيتقارير

خلال أسبوع واحد فقط أجرت القوات المسلحة المصرية تدريبين عسكريين مشتركين مع القوات الفرنسية، الأول السبت 22 يناير 2022م حيث جرى تنفيذ تدريب بحري مشترك بنطاق الأسطول الشمالي في البحر المتوسط، بمشاركة الفرقاطة المصرية (بورسعيد) والفرقاطة الفرنسية (LA PROVENCE). وكانت القوات البحرية المصرية والفرنسية قد نفذتا تدريباً بحرياً  مشتركا عابراً بنطاق الأسطول الجنوبي في البحر الأحمر، في 18 يناير 2022م، باشتراك الفرقاطة المصرية (الإسكندرية) وفرقاطة الدفاع الجوي الفرنسية (CHEVALIER PAUL). واشتمل التدريب على مجموعة من الأنشطة القتالية البحرية، منها القيام بتشكيلات الإبحار التكتيكية لإظهار قدرة الوحدات البحرية المشتركة لكلا الجانبين، على إدارة العمليات القتالية.

وبحسب بيان للجيش فإن التدريب بين القوات البحرية المصرية والفرنسية هو الثاني خلال فترة زمنية وجيزة لا تتجاوز الأسبوع؛ بما يسهم في تبادل الخبرات المشتركة مع الجانب الفرنسي، والاستفادة من القدرات الثنائية بغرض تحقيق المصالح المشتركة للدولتين، وتعزيز التعاون العسكري بين القوات البحرية المصرية ونظيرتها الفرنسية". وفي أغسطس 2021م، أعلنت القوات المسلحة المصرية عن تنفيذ عناصر من القوات الجوية المصرية والفرنسية تدريباً جوياً مشتركاً، بمشاركة عدد من الطائرات متعددة المهام من طراز "ميراج 2000"، و"رافال"، و"F16" المصرية. وتضمن التدريب، بحسب المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية، قيام الجانب المصري والفرنسي بتنفيذ تمرين إعادة التزود بالوقود في الجو وذلك باشتراك طائرة التموين في الجو الفرنسية طراز (MRTT).

وتأتي التدريبات العسكرية المشتركة بين البلدين بعد شهور قليلة من التحقيق الاستقصائي الذي نشره موقع "ديسكلوز" الفرنسي في 22 نوفمبر 2021م، حول مساهمة فرنسا في دعم دكتاتورية نظام السيسي؛ عبر قصف مدنيين على الحدود مع ليبيا بدعوى أنهم إرهابيون، بسبب حدوث انحراف في عملية الدعم الاستخباراتي".

من جانب آخر، تحتل مصر المرتبة الثالثة في قائمة صادرات المعدات الحربية الفرنسية بأكثر من 6.6 مليارات يورو، خلال الفترة من 2011 إلى 2020. وسبق أن اتهم القضاء الفرنسي شركة "نيكسا تكنولوجي" الفرنسية بـ"التواطؤ في أعمال تعذيب وإخفاء قسري بحق معارضي السيسي، على إثر بيع معدات ونظم مراقبة للنظام المصري". وصدر الاتهام في 12 أكتوبر2021، بعد حوالي أربعة أشهر من اتهام أربعة مديرين تنفيذيين ومسؤولين في الشركة بالملف ذاته، فيما وصفت مصادر دبلوماسية مصرية وفرنسية العلاقة بين فرنسا ومصر بـ"الاستراتيجية على كل المستويات: الأمنية والاقتصادية والسياسية؛ والتي يصعب أن تتأثر بتداعيات القضية التي نظر فيها القضاء الفرنسي". وبحسب مصادر مصرية وفرنسية فإن "باريس قد تستغل القضية في علاقاتها التجارية مع مصر، التي تعتبر من أكبر مستوردي الأسلحة من فرنسا، وتضغط أكثر على النظام من أجل الدخول في صفقات سلاح وصفقات اقتصادية أكبر معها". وأضافت أن "فتح ملف تردّي الأوضاع الحقوقية في مصر من آن لآخر يستهدف الضغط على نظام السيسي لشراء المزيد من الأسلحة الفرنسية؛ بما يزيد من أعباء الدين الخارجي المصري، باعتبارها صفقات ممولة بقروض فرنسية في الأصل".

وتشير وثائق حكومية إلى استيراد مصر حوالي (40%) من أسلحتها في السنوات الخمس الأخيرة من فرنسا، تليها الولايات المتحدة وروسيا على الترتيب. ومن المتوقع أن تدخل إيطاليا في المركز الثالث على اللائحة بدلاً من روسيا، جراء التوسع في صفقات التسليح بين البلدين؛ الأمر الذي يشكل مصدر قلق للفرنسيين الذين يرغبون في الاحتفاظ بالريادة في هذا المجال. وبحسب وكالة فرانس برس فإن مصر طلبت 30 مقاتلة إضافية من طراز "رافال".

ويسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مكافأة الدكتاتور عبدالفتاح السيسي، وذلك من خلال تقديم ملف الرئاسة المشتركة للإتجاد الأوروبي ومصر لقيادة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب؛ الأمر الذي يثير تساؤلات بشأن سعي ماكرون لمساعدة نظام متهم دولياً بانتهاك حقوق الإنسان تحت ذريعة محاربة "الإرهاب". وبحسب موقع Middle East Eye البريطاني، تقدّمت فرنسا، التي ترأس حالياً مجلس الاتحاد الأوروبي، بالملف الذي يقترح رئاسة مشتركة بين أوروبا ومصر للمنظمة الدولية النافذة في مجال صياغة سياسات مكافحة الإرهاب العالمية.

ويأتي الدعم الفرنسي للسيسي في الوقت الذي يواجه فيه النظام العسكري في مصر انتقادات حادة بسبب الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان. وكان آخر تقرير حول الإرهاب لوزارة الخارجية الأمريكية قد أدرج مصر ضمن الدول التي "تُؤثر فيها قضايا حقوق الإنسان المهمة على حالة النشاط الإرهابي في البلاد، وربما كان لها دورها في إعاقة سياسات مكافحة الإرهاب الفعالة". وفي سبتمبر 2021م، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن حكومة السيسي استغلت سياق مكافحة الإرهاب لمنح قوات الأمن "حرية التصرف في قمع كافة أشكال المعارضة، بحصانةٍ شبه مطلقة من العقاب على الانتهاكات الجسيمة". وفي ديسمبر 2020، مرّر البرلمان الأوروبي مشروع قانون يدعو إلى "مراجعةٍ عميقة وشاملة" لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر، كما استنكر استخدام السلطات المصرية تشريعات مكافحة الإرهاب ضد نشطاء حقوق الإنسان ومعارضي السيسي.

وأدانت أوزليم ديميريل، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب اليسار الألماني، ملف الاتحاد الأوروبي المشترك مع مصر لرئاسة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، مشيرة إلى واقعةٍ أخيرة للناشط المصري حسام منوفي محمود سلام، الذي تم اعتقاله أثناء رحلته من السودان إلى إسطنبول، بعد إجبار الطائرة التي كان يستقلها على الهبوط اضطرارياً في مطار الأقصر.وصرحت أوزليم لموقع ميدل إيست آي قائلة: "نظام السيسي معروفٌ بانتهاك حقوق الإنسان. والتعاون مع زعيم الانقلاب الأوليغارشي، السيسي، بمثابة خيانة لكل أولئك الذين يُكافحون من أجل الحقوق الاجتماعية والديمقراطية في مصر".

تتضمن مسؤوليات الرئيس المشارك للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب "توفير التوجيه والإدارة الاستراتيجية الشاملة لأنشطة المنتدى". وتمت الموافقة على الملف في الـ12 من يناير2022، بواسطة لجنة الممثلين الدائمين في مجلس الاتحاد الأوروبي، التي تُمثل الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة.

وأكّد بيتر ستانو، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، لموقع ميدل إيست آي، أن الاتحاد الأوروبي تقدّم مع مصر بملفٍ مشترك لرئاسة المنتدى العالمي، ومن المقرر أن يُسجل المرشحون المحتملون للرئاسة المشتركة اهتمامهم، بحلول نهاية الأسبوع الجاري.

لكن أحمد مفرح، المحامي الحقوقي المصري ومدير منظمة Committee for Justice بجنيف، قال لموقع Middle East Eye البريطاني، إن الملف الذي تم التقدُّم به يبدو محاولةً من الاتحاد الأوروبي "لمساعدة نظام السيسي على تجميل صورته، وأضاف أن الخطوة تُشير إلى استعدادٍ من جانب بعض مؤسسات الاتحاد الأوروبي لغضّ الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان، رغم المخاوف التي أُثيرت في الأمم المتحدة حول انتهاك مصر قوانين مكافحة الإرهاب.