تواصل حكومة الانقلاب تصفية شركات قطاع الأعمال العام وبيعها بتراب الفلوس، رغم أن هذه الشركات منتجة وكانت تحقق أرباحا كبيرة وتلبي حاجات المصريين، إلا أن نظام الانقلاب تآمر ضدها ويمنع عنها كل ما تحتاجه من مستلزمات ومعدات، بهدف تخسيرها لتكون الخسارة مبررا لسيناريو التصفية، وهذا ما حدث مع شركة الحديد والصلب في مايو 2021 والقومية للأسمنت عام 2017.
والآن يرتكب نظام الانقلاب نفس الحماقة، ويتجه لتصفية شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات، إحدى شركات قطاع الأعمال العام، حيث قرر وقف استيراد الفحم، مما اضطرت معه الشركة للعمل بأقل من ربع طاقتها، وهو الأمر الذي يهدد بتكرار سيناريو التصفية، كما حدث مع عدد من الشركات .
يشار إلى أن شركة الكوك تأسست عام 1960 وبدأت إنتاجها عام 1964، وكانت تعتمد في تصدير منتجاتها بشكل رئيسي، على جارتها شركة الحديد والصلب، التي تعتمد بشكل أساسي على منتجات الشركة، وخاصة فحم الكوك، في تشغيل وتدوير أفرانها، وهي الشركة التي قررت حكومة الانقلاب تصفيتها في النصف الأول من العام الحالي 2021.
وأُنشئت شركة الكوك بغرض توفير الفحم لإنتاج الحديد والصلب، ضمن حزمة الشركات المصرية التي أنشئت لخدمة الاقتصاد المصري المنهك بعد ثورة يوليو 1953.
أوضاع شركة النصر دفعت عمالها الذين يصل تعدادهم إلى نحو 1250 عاملا يواجهون مصيرا مجهولا، إلى شن هجوم قاس على حكومة الانقلاب واتهموها بتخريب الاقتصاد المصري وبيع الشركات وتسريح العمال، خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولي .
وأعرب العمال عن تخوفهم من تكرار سيناريو التصفية، الأمر الذي يتسبب في تسريحهم في ظل قانون التأمينات الجديد الذي يمنع المعاشات المبكرة، وهو ما يضاعف من الآثار السلبية.
الشركة الوحيدة
وقال أحد العاملين بالشركة يدعى أحمد وهو فني تشغيل غلايات وأخصائي إنتاج تشغيل البخار إن "شركة الكوك المصرية هي الوحيدة على مستوى الشرق الأوسط المتخصصة في إنتاج الفحم".
وأضاف أحمد، في تصريحات صحفية أن أزمة الشركة بدأت منذ 2013 و2014 بسبب تعيينات مجلس الإدارة وعدم مراعاة الكفاءة في اختيار هؤلاء الأشخاص ما يؤدي إلى هذه الخسائر.
وحول تعنت وزارة بيئة الانقلاب في التصاريح الخاصة بالشركة، أكد أنهم لم يواجهوا مشكلات مع وزارة بيئة الانقلاب من قبل، لكن في الوقت الحالي يتم التشديد على الموافقات البيئية، فضلا عن أنه حينما نطالب بأموال من أجل الحصول على الفحم يشترطون موافقة البنك المركزي، موضحا أن الشركة كان لها احتياطي عملة صعبة استولى عليه البنك المركزي، فضلا عن أخذ ميناء القباري في الإسكندرية وهو الميناء الذي تستخدمه الشركة في التصدير.
وتابع أحمد، بيئة الانقلاب دخلت كطرف ثالث في الموضوع حاليا، إحنا عندنا أفران قليلة شغالة في الشركة، فيه بطارية خط أول وأخرى خط ثان، الأولى شغال فيها حوالي 15 أو 20 فرنا والخط الثاني بنفس العدد، ولا يوجد لدينا نسبة تلوث، بسبب عدم وجود قوة إنتاج كاملة.
شروط تعجيزية
وقال "البيئة وضعت شروطا تعجيزية لبناء بطارية ثالثة وهي حاصلة على موافقة من 2017 لشركة فاش ماش، وتم دفع نحو 3 ملايين دولار، وهناك شرط جزائي بسبب التاخير في تفعيل تشغيل البطارية أو البدء في بنائها خلال فترة زمنية محددة، البيئة مشترطة بناء بطارية ثالثة، والشركة ليس لديها القدرة المالية، فضلا عن مشكلات توريد وأسعار الفحم للشركة".
وأضاف أحمد ، كل ما نتكلم مع أحد يقول إن "ملف الشركة كله تحت الدراسة مع رئيس وزراء الانقلاب وذلك منذ شهر أبريل الماضي، وهذا يؤدي إلى تخوف العمال من مصير الإغلاق للشركة، ونحن بحاجة إلى الاستمرار في العمل في ظل الظروف الحالية ونعمل بجد لتحقيق مكاسب".
وأكد أن متوسط الأعمار للعاملين بالشركة 40 عاما وهذا السن لن يجد أي فرصة عمل في الشركات الأخرى خاصة القطاع الخاص، والأزمة أن حكومة الانقلاب ووزير قطاع أعمال الانقلاب يفضلون الغلق ووقف النشاط استسهالا منهم، و طلعونا خاسرين السنة دي 30 مليون جنيه رغم أن الشركة محققة أرباحا 46 مليون جنيه في موازنتها، فضلا عن وجود نحو 150 مليون جنيه رصيد أموال في موزانة الشركة حاليا.
وتابع أحمد، الآن يقولوا اشتغلوا بالغاز الطبيعي بسبب عدم وجود غاز الكوك لتشغيل أقسام أخرى في الشركة، وحاليا لا يوجد كوك وبستهلك غاز طبيعي في البطاريات والاستهلاك الشهري من 15 إلى 17 مليون جنيه من الغاز الطبيعي وسعر مركب الفحم الـ 60 أو 70 ألف طن يتراوح من 12 لـ 15 مليون دولار، وكانت توفرها شركة الكوك بدون مساعدات من الشركة القابضة دون تحميل دولة العسكر أعباء جديدة.
بطارية جديدة
وقال إبراهيم عادل، أخصائي صيانة كهربائية، إنهم "يشعرون بوجود توجه من دولة العسكر لإغلاق شركة الكوك، رغم أنها تخدم الكثير من الشركات العاملة في مصر".
وأضاف عادل في تصريحات صحفية، هناك تعنت من قبل وزارة بيئة الانقلاب في استيراد الفحم من الخارج حيث يتم استيراد الفحم لتحويله إلى فحم الكوك.
وتابع ، كان يوجد عرض من شركة ألمانية لإنشاء بطارية ثالثة في الشركة في عهد المهندس مدحت نافع، والآن توجد نزاعات مالية مع الشركة، حيث تطالب بالتعويض والشرط الجزائي الموقع في العقود نتيجة التأخير في تنفيذ البطارية الجديدة.
وحول عمل الشركة في الوقت الحالي، قال عادل "العمل يتركز على إنتاج طلبات النترات وبعض المنتجات الأخرى بخلاف إنتاج فحم الكوك، مؤكدا أن الملف الخاص بالشركة معروض في الوقت الحالي على مجلس وزراء الانقلاب ومن المنتظر إصدار قرار بشأنه".
وعبر عن تخوفه من التوجه لتصفية الشركة، وإصدار قرار بإغلاقها ووقف النشاط، مؤكدا أنه يوجد في الشركة نحو 1250 عاملا حاليا يواجهون مصيرا مجهولا في ظل عدم استقرار وضع الشركة.
وحول الاشتراطات البيئية، قال عادل إنه "لا يوجد تجاوز في الاشتراطات البيئية مقارنة بما كان في الماضي، فضلا عن وجود شركة سماد مجاورة للشركة في منطقة التبين ينتج عنها كميات أكبر من التلوث مقارنة بشركة الكوك".
سيناريو الحديد والصلب
وكشف عن اعتقاده بتوجه دولة العسكر لإغلاق شركات قطاع الأعمال وأن الأمر ليس متعلقا بخسائر الشركة أو مخالفاتها البيئية، موضحا أنه لا توجد نية لدى وزارة قطاع أعمال الانقلاب لإصلاح الأوضاع أو تطوير طريقة عمل الشركة.
وأضاف عادل، لدينا الكثير من التعاقدات الحالية بملايين الجنيهات مهددة بسبب أزمة استيراد الفحم من الخارج، وهذه المشكلة مستمرة منذ عامين ، ونواجه صعوبات كبيرة جدا في الحصول على الفحم .
وأعرب عن تخوفه من تكرار سيناريو شركة الحديد والصلب لتتم تصفية شركة الكوك المصرية، ليصبح عمالها في الشارع دون عمل مع بحث طرق استثمارية أخرى لأصول الشركة.
وطالب عادل حكومة الانقلاب بضرورة الحرص على مصير عمال الشركة في حال تم اتخاذ قرار التصفية، على أن يتم توفير عمل بديل لهم أو أن يتم توزيعهم على باقي شركات قطاع الأعمال حرصا على مصيرهم ومصير أسرهم.