في خطوة صريحة تكشف عن مواصلتها الحرب ضد الفلاحين، فقد أعلنت حكومة الانقلاب، أنها تدرس تحرير أسعار الأسمدة الزراعية بحيث تخضع للعرض والطلب أو ما يعرف بآليات السوق.
وزعمت حكومة الانقلاب أنها تبحث عن إيجاد منظومة جديدة لتوزيع الأسمدة، مشيرة إلى أن هناك رغبة مُلحة من قبل الشركات المُصنعة للأسمدة، في تحرير أسعارها، خاصة بعد تحرير أسعار الطاقة وزيادة تكاليف الإنتاج، وزيادة أسعار الأسمدة عالميا وفق تعبيرها .
كانت اللجنة التنسيقية للأسمدة بوزارة زراعة الانقلاب، قد قررت زيادة أسعار الأسمدة من 3200 إلى 4800 جنيه للطن قبل أقل من شهرين، ويعمل لوبي شركات الأسمدة بدعم من نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، على تحرير أسعارها لتخضع لأحكام العرض والطلب بالسوق المحلي دون اعتبار لما سيترتب على ذلك من ارتفاع تكلفة زراعة المحاصيل، وعدم قدرة الفلاح بإمكاناته الضعيفة على شراء الأسمدة، ما يهدد بتبوير الأراضي الزراعية
القطاع التعاوني
من جانبهم حذر العاملون في القطاع الزراعي والتعاونيون الزراعيون من أن الإقدام على تحرير أسعار الأسمدة، سوف يُولّد الكثير من المشكلات التي قد تصل إلى كتابة نهاية القطاع التعاوني الزراعي في مصر، الذي اقتصر دوره على توزيع الأسمدة للفلاحين وفقا للمقررات الواردة من وزارة زراعة الانقلاب .
وقالوا إن "هذه الخطوة سوف تجعل الجمعيات التعاونية مجرد منافذ كمنافذ التجار والبنك الزراعي المصري لتوزيع الأسمدة للفلاحين".
واتهموا الشركات المُصنعة للأسمدة، بأنها السبب في الأزمة الحالية، مؤكدين أن هذه الشركات لم تتوانَ لحظة في افتعال الأزمات، بعدم التزامها بتسليم الحصص المقررة عليها للسوق المحلي ممثلا في الجمعية العامة للائتمان الزراعي، وعدم قدرة تنسيقية الأسمدة بوزارة زراعة الانقلاب على إقناعها بتسليم الحصص المقررة عليها، لرغبتها المستمرة في التصدير للخارج أملا في تحقيق المزيد من الربح.
عبء جديد
واعتبر حسن بيومي، عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي، وعضو الجمعية العامة للبطاطس، أن تحرير أسعار الأسمدة بمثابة عبء جديد على الفلاحين، في ظل الارتفاع الكبير لأسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، محذرا من أن تحرير الأسعار سوف يؤثر سلبا على قدرة المزارعين على تلبية احتياجات أراضيهم من الأسمدة، وبالتالي ضعف الجودة والإنتاجية المحصولية لمختلف الزراعات.
وقال بيومي في تصريحات صحفية إن "اللجنة التنسيقية للأسمدة بوزارة زراعة الانقلاب، والتي تضم في عضويتها مسئولين بالوزارة والشركات المُصنعة والقطاعات التعاونية الزراعية، قررت منذ شهر زيادة أسعار الأسمدة الآزوتية من 3200 إلى 4800 جنيه للطن رغم اعتراض الفلاحين وشريحة كبيرة من القيادات التعاونية الزراعية، متسائلا ، لماذا الآن الحديث عن تحرير سعر الأسمدة الذي يضيف أعباء جديدة لا يقدر المزارعون على تحملها؟.
وشدد على ضرورة إعادة النظر في طبيعة القطاع الزراعي، كقطاع إنتاجي خدمي فى المقام الأول، موضحا أنه إذا كان الحديث لا يتوقف على السوق الحُر وتحكمات العرض والطلب، فلابد أن يسبق ذلك منظومة تسويق محكمة لجميع الحاصلات الزراعية، تضمن للمزارعين تسويق محاصيلهم بأسعار عادلة تحقق لهم هامش ربح مناسب وتعوضهم عما يتحملونه من خسائر بفعل الأحوال الجوية الناتجة عن التغيرات المناخية وكذلك انخفاض أسعار المحاصيل بفعل زيادة العرض عن الطلب.
الأمن الغذائي
وقال شعبان عبد المولى، عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي، إن "أي زيادة في أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، تمثل عبئا جديدا على المزارعين وعلى قدرة القطاع الزراعي على القيام بدوره في تلبية احتياجات السوق المحلي من المحاصيل الزراعية والخضر والفواكه".
وأكد عبدالمولى في تصريحات صحفية أن القطاع الزراعي يمثل أهمية قصوى لتحقيق الأمن الغذائي، وبالتالي لابد من دعمه ومساندته وليس فرض المزيد من الأعباء عليه.
وشدد على ضرورة دعم ومساندة القطاع الزراعي، وحل مشكلاته العالقة التي يعاني منها، وعلى رأسها مشكلات نقص الأسمدة وارتفاع أسعارها.
وقف الامتيازات
وقال محمد جبر رئيس الجمعية العامة لمنتجي بنجر السكر، أن "الأسمدة هي السلعة الوحيدة المدعمة للمزارعين، محذرا من أنه في حالة تحرير أسعارها سيصبح المزارع المصري بلا دعم تماما ".
وأضاف جبر في تصريحات صحفية أن تحرير أسعار الأسمدة وارتفاع أسعارها، سوف يترتب عليه زيادة في أسعار المنتجات الزراعية من خضر وفواكه وحبوب.
وأكد أن فئة المزارعين هي الأقل استفادة من منظومة دعم الأسمدة، فهناك كيانات كبرى وتجار وجمعيات تحقق مكاسب طائلة سنويا من خلال منظومة دعم الأسمدة، موضحا أنه إذا كانت هناك نية لإلغاء دعم الأسمدة وتحرير أسعارها، فلابد أيضا أن يتم وقف الامتيازات التي تقدمها دولة العسكر للمصانع المنتجة للأسمدة، حيث تحصل تلك الكيانات على امتيازات خاصة في الطاقة الكهربية والغاز الطبيعي.
وطالب جبر بضرورة وضع منظومة تسويقية عادلة للحاصلات الزراعية، بحيث يتم التسويق وفقا لأسعار تتناسب مع تكاليف الإنتاج، في ظل الارتفاع الكبير في أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، مشيرا إلى أن هامش الربح الأكبر تحققه الشركات وليس الفلاحين، كما هو الحال في محصول بنجر السكر، فبعد زيادة سعر استلام طن البنجر من المزارعين إلى 575 جنيها بدلا من 500 جنيه، رفعت شركات السكر سعر الكيلو 3 جنيهات لتحقق بذلك أرباحا إضافية طائلة معللة رفع الأسعار برفع قيمة استلام طن البنجر من الفلاحين.
وأشار إلى أن القطاع الزراعي يمثل أهمية قصوى في تحقيق الأمن الغذائي المصري، حيث تمكن القطاع الزراعي بجهود القائمين عليه من فلاحين ومزارعين من توفير احتياجات السوق المحلي من الخضر والفواكه والحبوب بالكميات اللازمة والأسعار المناسبة، وهو ما يؤكد ضرورة دعم القطاع الزراعي ومساندة القائمين عليه لضمان استمرار الإنتاج.