“ميدل إيست مونيتور”: انتهاكات غير مسبوقة لحقوق العمال في مصر

- ‎فيأخبار

رصدت المنظمة المصرية لنقابات العمال والخدمات العمالية في تقريرها السنوي 8041 انتهاكا لحقوق العمال في جميع أنحاء البلاد خلال عام 2021، بما في ذلك الفصل التعسفي والاستقالة القسرية وتأخير دفع الرواتب وغياب دور الحضانة، بحسب موقع "ميدل إيست مونيتور".

وقد كشفت المنظمة، التي فازت بجائزة الجمهورية الفرنسية لحقوق الإنسان في عام 1999، عن أن العديد من هذه الانتهاكات وقعت بعلم الحكومة، وعلاوة على ذلك، كانت الحكومة طرفا في العديد منها، حيث ارتكبت وكالات حكومية 1 629 من هذه الانتهاكات.

 

أبرز أحداث 2021 على الساحة العمالية

في مطلع العام 2021، قرر وزير قطاع الأعمال العام ورئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية تصفية الشركة المصرية للحديد والصلب، إحدى حصون الصناعة المصرية الثقيلة، متذرعين بخسائرها الواسعة وغير القابلة للتعويض.

ثم أعقب ذلك رفض واسع النطاق لتصفية الشركة، واعتصام عمال الشركة لمدة 12 يوما مستمرا، ودعاوى قضائية رفعها العمال وحاملو الأسهم، وعروض من عدة أطراف للاستثمار في عملية إصلاح الشركة، ولكن كل ذلك اصطدم بإصرار غير مبرر على تصفية الشركة، كما لو كانت قد أصبحت هي نفسها هدفا.

وفي حين تعرض بعض العمال لتهديدات أمنية لثنيهم عن رفض قرار التصفية، اتخذ قرار في 30 مايو 2021 بإغلاق الشركة المصرية للحديد والصلب والتوقف عن العمل معها ومنع العمال من الحضور، مما أدى إلى فقدان أكثر من 7000 عامل لوظائفهم.

وفي محاولة لاستيعاب الآثار الخطيرة للتصفية، تم التوقيع في سبتمبر 2021 على اتفاقية بين الشركة المصرية للحديد والصلب قيد التصفية، والنقابة العامة للصناعات الهندسية والمعادن والكهربائية، يستفيد بموجبها موظفو الشركة من النظام التكميلي لمكافأة نهاية الخدمة للخدمة الطوعية قبل بلوغ سن التقاعد القانوني.

ورغم حصول العمال على تعويض مقبول، إلا أن ذلك لا يقلل من خطر تسريح هذا العدد من العمال، لا سيما وأن أكثر من 70 في المائة منهم لن يتمكنوا من الحصول على معاش شهري بموجب قانون التأمين الاجتماعي والمعاشات رقم 148 لعام 2019، الذي يمنح العمال معاشا أكبر. واستثنى من الاتفاق العمال ال 731 الذين تزيد أعمارهم عن 58 عاما، وحرموا من التعويض.

شهدت سنة 2021 صدور القانون رقم 135 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1972 الفصل بغير الطرق التاديبية، وقد مثلت هذه التعديلات توسعا حادا في نطاق تطبيق القانون، وأضافت العاملات في وحدات الإدارة المحلية، والهيئات ذات الميزانيات الخاصة، والعمال الذين تنظم شؤونهم المتعلقة بالعمالة بموجب قوانين أو لوائح خاصة، وموظفي شركات القطاع العام وقطاع الأعمال.

ولم يوسع مشروع القانون نطاق تطبيقه فحسب، بل منح أيضا سلطة إصدار قرارات الفصل غير الأسلوب التأديبي ، الذي اقتصر القانون على رئيس الجمهورية، باعتباره استثنائيا ، لمن ينتدبه الرئيس بحجة تخفيف العبء الإداري في ضوء العدد الكبير من الهيئات التي يتناولها القانون، ولكن يبدو أن هذا السبب نفسه يثير القلق، لأنه يشير إلى اعتزام توسيع نطاق اتخاذ القرارات المتعلقة بالفصل من الخدمة دون إتباع نهج تأديبي.

هذا القانون يفتح الباب على مصراعيه أمام التعسف من قبل رؤساء المرؤوسين، ويهدد باستخدامه في تسوية الحسابات والتشهير ببعض العمال، على أساس اتهامهم بالانتماء إلى "الإخوان المسلمين".

وفي عام 2021، صدر قرار برفع الحد الأدنى للأجور إلى 400 2 جنيه (153 دولارا) إلا أن هذا القرار قوبل بالرفض من آلاف الشركات في القطاع الخاص، حيث تقدمت أكثر من 3000 شركة بطلب لاستبعادها من تطبيقه.

وعلى الرغم من أن قرار رفع الحد الأدنى للأجور يبدو معقولا، فقد ترافق مع قرار آخر قلل من أهميته، حيث وافقت الحكومة مع أصحاب الأعمال التجارية على تخفيض العلاوة الدورية إلى 3 في المائة من أجر التأمين، بدلا من 7 في المائة من المرتب الأساسي، مما يحرم العمال من جزء من زياداتهم السنوية، التي يحددها القانون.

 

تفاصيل المخالفة

وخلال العام الماضي، رصد مجلس النقابات العمالية والخدمات العمالية 8 041 انتهاكا لحقوق العمال في جمهورية مصر العربية، وسجلت منطقة الدلتا 3038 مخالفة، تلتها منطقة القاهرة الكبرى، حيث سجلت 2670 مخالفة (59 مخالفة في القاهرة، و 93 مخالفة في القليوبية، و 2518 مخالفة في الجيزة) ، ثم مدن القناة، حيث رصد 1116 مخالفة، تلتها مدينة الإسكندرية التي سجلت 1079 مخالفة، وفي المقابل سجلت منطقة الصعيد 130 انتهاكا، بينما سجلت المحافظات الحدودية ثمانية انتهاكات فقط (قد يرجع ذلك إلى ضعف آليات الرصد في هذه المناطق).

وسجل الربع الثالث من عام 2021 أعلى مستوى من الانتهاكات، حيث سجل 4202 مخالفة، تلاها الربع الأول من العام الذي سجل 2258 مخالفة، الربع الرابع الذي سجل 925 مخالفة، وأخيرا الربع الثاني من العام الذي سجل 656 مخالفة فقط.

وقد تُعزى الزيادة في معدل الانتهاكات في الربع الثالث، إلى دخول الحد الأدنى للأجور بالنسبة للعاملين في الحكومة حيز النفاذ، ولكن باستثناء العاملين في القطاع الخاص، مما أدى إلى زيادة معدل التحركات الاحتجاجية، وبالتالي إلى زيادة عدد التدابير الاستثنائية المتخذة ضد العمال؛ الزيادة في معدلها في الربع الأول من العام بالنسبة للنزاعات العمالية المتعلقة بحصة العمال في الأرباح أو العلاوات في نهاية العام، وبالتالي زيادة عدد التحركات والمخالفات العمالية. في المقابل، قد يكون الانخفاض في نسبة الخروقات في الربع الثاني من السنة على اعتبار أن الربع يشمل شهر رمضان والأعياد.

وسجل انتهاك تأخر صرف المرتبات أعلى المعدلات، حيث بلغت نسبة الانتهاكات 35.9 في المائة من مجموع المخالفات، وبلغ عدد الانتهاكات 2 891 انتهاكا، تلاها عدم وجود دار حضانة تمثل 27.2 في المائة من مجموع الانتهاكات، وبلغ عدد الانتهاكات 2 190 انتهاكا. وشهد العام الماضي أيضا 254 حالة فصل غير عادل، منها 253 حالة في القطاع الخاص وحالة واحدة في قطاع الأعمال العام؛ 214 حالة إكراه على تقديم استقالات و 90 حالة توقيع استقالة مسبقة.

وقد رصد كل من دار خدمات العمل والنقابات 11 حالة اعتقال تعسفي للعمال، و 5 حالات احتجاز في مكان مجهول، و 18 حالة احتجاز قبل المحاكمة، وأسباب هذه الانتهاكات كانت الإضراب، وهو حق يكفله الدستور والقانون  أو بسبب الآراء بشأن حقوق العمال.

وتؤكد جميع هذه الانتهاكات، أن أوضاع العمال في مصر ليست جيدة، وأن نظام عبد الفتاح السيسي لا يكترث بالفقراء، وفي كثير من الأحيان يكون مسؤولا عن انتهاك حقوقهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال التواطؤ في الانتهاكات التي يرتكبها أصحاب العمل.

رجال الأعمال الآن يعرفون طريقهم للتقرب من النظام، يتبرعون مباشرة إلى صندوق تحيا مصر التابع للرئاسة المصرية، ويدعي النظام بعد ذلك أنه أول حامي للعمال وراعيهم.

 

Egypt faces unprecedented labour rights violations