ترحيب السيسي وحفتر مؤشر الفتنة.. جدل ليبي بين حكومتي “الدبيبة” و”باشاغا” من يحسمه؟

- ‎فيعربي ودولي

لبى عشرات الليبيين الجمعة 11 فبراير، نداء الهيئة الطرابلسية للخروج للمطالبة بإسقاط البرلمان (مجلس نوب طبرق) وإلغاء مجلس الدولة وإعلان الاعتصام العام.

وشارك رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة في مظاهرة بمصراتة ضد من أسماه "رئيس الحكومة الموازية" فتحي باشاغا، وأصدرت مكونات قبلية وسياسية بمدينة مصراتة الرسمية والاجتماعية والعسكرية ومؤسسات المجتمع المدني، بيانا أعلنوا فيه رفض قرارات مجلس النواب الأخيرة بشأن تشكيل حكومة جديدة.

وطرابلس العاصمة ومصراتة هما من أكبر مدن الغرب الليبي كثافة وأكثرها منعة عسكرية وقوة عسكرية بانتشار السلاح وسيطرة قوات الحكومة الشرعية التي شاركت في عملية "بركان الغضب" ضد معسكر اثورة المضادة الذي يقوده في الداخل (حفتر-عقيلة) ويتعاطف معهما البعض من أعضاء المجلس الرئاسي السابق مثل أحمد المعيتيق.

وأعلنت السفارة الأمريكية في ليبيا تأييدها لبيان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الأخير الصادر عصر الجمعة الذي شكك في شفافية قرارات مجلس النواب الأخيرة بشأن تشكيل حكومة جديدة.

وقال البيان إنه في إطار متابعة الأمين العام عن كثب الوضع في ليبيا، داعيا "جميع الأطراف والمؤسسات إلى مواصلة ضمان أن يتم اتخاذ مثل هذه القرارات الحاسمة بطريقة شفافة وتوافقية".

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة جميع الأطراف إلى الاستمرار في المحافظة على الاستقرار في ليبيا كأولوية أولى. ويذكّر جميع المؤسسات بالهدف الأساسي المتمثل في إجراء الانتخابات الوطنية في أسرع وقت ممكن من أجل ضمان احترام الإرادة السياسية لـ 2.8 مليون مواطن ليبي سجلوا للتصويت.

واعتبر مراقبون أن الأمم المتحدة تعلن استمرار دعمها للدبيبة رئيسا للوزراء، وأن تصويت الخميس، 10 فبراير، في "مجلس النواب" الذي يرأسه عقيلة صالح، بالتشاور مع "المجلس الأعلى للدولة" لاعتماد التعديل الدستوري الذي يرسم مسارا لعملية مراجعة مشروع الدستور لعام 2017 وللعملية الانتخابية، ينقصه الشفافية والتوافق كذلك "تصويت مجلس النواب لتعيين رئيس وزراء جديد".

 

السيسي-حفتر

غير أن الموقف الذي اتخذه السيسي من حكومة باشاغا الجديدة التي وافق عليها مجلس النواب، كانت سببا في رفض غالبية سكان الغرب الليبي لها، أو ربما كانت الترحيب من خارجية السيسي بتكليف مجلس النواب لفتحي باشاغا -الذي زار القاهرة وبنغازي عدة مرات خلال الشهرين الماضيين- برئاسة الحكومة الجديدة بالونة اختبار للغرب، بحسب ناشطين.

وأعرب السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية بحكومة الانقلاب في مصر، عن ثقة بلاده "في قدرة الحكومة الليبية الجديدة على تحقيق وحدة ليبيا وسيادتها إلى جانب ضبط الأوضاع الداخلية، وتهيئة المناخ لإجراء الانتخابات، وتنفيذ كافة استحقاقات خارطة الطريق التي أقرها الأشقاء الليبيون".

وادعى حافظ أن "مجلس النواب الليبي هو الجهة التشريعية المنتخبة، والمعبرة عن الشعب الليبي الشقيق، والمنوط به سن القوانين، ومنح الشرعية للسلطة التنفيذية، وممارسة دوره الرقابي عليها"!

كما كان ترحيب مليشيات حفتر المساة بـ"الجيش الليبي"، بقيادة المشير خليفة حفتر، الخميس، بقرار البرلمان تسمية فتحي باشاغا رئيسا للوزراء، خلفا لعبد الحميد الدبيبة الذي اعلن عن محاولة لاغتياله فجر الخميس، سببا آخر للرفض لدى مواطني مصراتة وطرابلس.

وقال الناطق باسم مليشيات حفتر، اللواء أحمد المسماري، إن "القيادة" ترحب وتؤيد قرار البرلمان الليبي الصادر بتكليف فتحي باشاغا تشكيل حكومة جديدة تتولى قيادة البلاد".

وأشار المسماري، إلى أن الحكومة الجديدة يجب أن تعمل مع الجهات النظامية العسكرية والأمنية، من أجل فرض هيبة الدولة وحماية مؤسسات الدولة السيادية من ابتزاز وهيمنة الخارجين على القانون، وأن تدعم مجهودات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وتمهد لإجراء الانتخابات، وتدعم الحرب على الإرهاب.

وأشار إلى أن القيادة تتابع كافة المسارات العسكرية والسياسية والاقتصادية بهدف الدفع بالوطن نحو الأمام، والوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وإقرار دستور للبلاد، وبدء عجلة التنمية في أجواء يسودها الأمن والاستقرار.

حوار الدبيبة

وفي حوار مع قناة "ليبيا الأحرار"، قال رئيس "حكومة الوحدة الوطنية" عبدالحميد الدبيبة الخميس 10 فبراير، إن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح طلب منه التراجع عن الترشح للانتخابات الرئاسية مقابل استمراره رئيسا للحكومة فكان رده "اشترطت مقابل تراجعي خروجه وكل من كان في المشهد السياسي منذ 2011 من الانتخابات".

وأضاف "الدبيبة": "موجود في رئاسة الحكومة منذ 8 أشهر فقط، في حين أن أعضاء مجلس النواب موجودون منذ 8 سنوات أو أكثر، ويجب أن توصلنا خارطة الطريق إلى الانتخابات".

وأشار إلى أن "مجلس النواب" خلق القوة القاهرة لتأجيل الانتخابات في سبيل التمديد له، واليوم بتعديل الإعلان الدستوري مدد أعضاء البرلمان لأنفسم سنتين.

وقال رئيس الحكومة المنتخب من المجلس الوطني في جنيف "عندما اقتربنا من الناس انزعج أعضاء مجلسي النواب والدولة، ورئيس مجلس النواب هو قائد الحملة عليّ لأننا نلتقى بأعضاء المجلسين وبيننا تواصل".

وطالب بأنه "إذا كان تقييم الحكومة سلبيًا لدى مجلسي النواب والدولة يشكلوا لجنة تحقيقات" موضحا أن لديه مشكلة "مع رئيس مجلس النواب وكان منافسًا لي هو وباشاغا، وخسروا في جنيف .. أعتقد أن هذه الخسارة أثرت فيهم، ويحاولون الثأر لخسارتهم".

وكانت حكومة الوحدة الليبية أكدت، الأسبوع الماضي، أنّها لن تتنحّى عن السلطة، وستواصل أداء مهامها حتى إجراء انتخابات في ليبيا.

 

فتحي باشاغا

من جانبه، اختار باشاغا أن تكون العاصمة طرابلس أولى محطاته بعد اختياره رئيسا للحكومة الجديدة، وألقى أول كلمة له وسط أنصاره حملت العديد من الرسائل الموجهة للدبيبة، كان أبرزها مطالبته له بـ"التسليم السلمي للسلطة"، فيما أعقب ذلك رد الدبيبة الذي عبر عن خشيته من انجراف الأوضاع إلى أتون صدام مسلح.

وقال باشاغا: "لا يمكن للحكومة أن تنجح بدون التعاون مع السلطة التشريعية، مجلسي النواب والدولة"، وهو حديث أيضا يحمل في طياته أن الدبيبة بات في مواجهة الأجسام السياسية كلها، التي سبق أن أكد الدبيبة أن حكومته لن تسمح لها بـ"الاستمرار والتمديد لنفسها".

ووصل التوتر والترقب إلى ذروته بطرابلس في الساعات الأولى من صباح الخميس، عندما تعرض موكب الدبيبة لإطلاق النار، وقال الدبيبة إن من نفذه "شخصان مأجوران" حاولا اغتياله، مشيرا إلى أن المعلومات الأولية للتحقيقات في الحادث أوضحت أن المسلحين طُلب منهما تنفيذ العملية والمغادرة سريعا.

وعلى الرغم من تأكيد الدبيبة، خلال لقاء أجرته معه قناة "ليبيا الأحرار" موقفه الرافض لـ"محاولات جر الليبيين نحو حرب جديدة"، إلا أنه عبر عن خشيته من عودة الحرب.

 

مجلس الدولة

وحتى حينه، يضع جانب من اللييبين الرافضين لمعسكر (حفتر-عقيلة)، المجلس الأعلى للدولة (المنتخب) ورئيس الحكومة المرشح من مجلس نواب عقيلة حفتر بطبرق فتحي باشاغا وزير داخلية حكومة فايز السراج التي قدمت اسقالتها في وقت مبرك من 2021، في صف واحد.

إلا أن قناة "218" الليبية، نشرت صورة من الكتاب الذي وجهه رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري إلى مجلس النواب مطالباً بتأجيل جلسة اختيار الحكومة.

ولفت عضو المجلس الأعلى للدولة بلقاسم دبرز لقناة "فبراير" إن المجلس الأعلى للدولة سيناقش في جلسة الغد تعديلات الإعلان الدستوري التي اعتمدها البرلمان.

وأكد "دبرز" أن أولويات "الأعلى للدولة" هي المسار الدستوري الذي يقود بقية المسارات لحل الأزمة والوصول للانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية.

ونبه إلى أنه "حسب تعديلات الإعلان الدستوري المعتمد من البرلمان يجب تأجيل النظر في تغيير الحكومة إلى ثلاثة أشهر أخرى حتى تنتهي لجنة ال24 من عملها وإجراء الاستفتاء على الدستور إذا تم التوافق داخل اللجنة واعتمد مجلس النواب ما توصلت إليه".

وأكد أنه "لا معنى لقرارات مجلس النواب في اعتماد التعديل الدستوري وتغيير الحكومة ولا أثر قانوني لها دون موافقة المجلس الأعلى للدولة".

وأشار إلى أن "هناك وجهات نظر متعددة بين أعضاء مجلس الدولة وإن لم يحدث توافق في اتخاذ القرار بالموافقة على التعديلات وموضوع تغيير الحكومة سنذهب للتصويت للحسم في الأمر".

مفتي ليبيا

وقال المفتي العام بليبيا الشيخ الصادق الغرياني إن كل شخص يتتبع ما يجري هذه الأيام في مجلسي الدولة والبرلمان لا يصل إلا لنتيجة واحدة لا التباس فيها، وهذه النتيجة أن هذين المجلسين ليس لهما عمل إطلاقًا إلا التحايل على بقائهما في مكانهما والتمديد لأعمارهما، في كل ما يحدث لليبيا، لا يراجعون ويراعون أنفسهم ولا يذكرون المسؤولية الشرعية التي على أعناقهم.

وأشار الغرياني عبر برنامج “الاسلام والحياة” الذي يذاع على قناة “التناصح” الأربعاء أن كل ما ينتهي فصل من فصول بقائهما المؤلم الذي تئن منه البلد ويشعر آلامه وظلمه وضيره يبدؤون بفصل هزلي آخر أشنع وأفضح من الأول.

وأوضح أن المجتمع الدولي متواطئ معهم؛ لأن وجودهم يخرب البلاد وهذا ما يسعى له فهو لا يسعى لإصلاح ولا استقرار وتجد دولة سواء عربية أو اجنبية أو المجتمع الدولي، مضيفًا: “نسمع تصريحات أننا نريد الشعب الليبي أن يتصالح ونريد الاستقرار والخير لليبيا وكله كذب، ما وجدنا دولة تعمل على هذا بصدق. صحيح أن تركيا ناصرتنا في وقت من الأوقات وفرجت كربنا وبها انهزم المجرمون والفجرة والمعتدين والشكر والشعب الليبي ممتن، ولكن الآن في كل يوم تسمع تصريحات لا يريدون الاستقرار لليبيا وهذا غير صحيح".

وأكد على أنه على الليبيين صغارًا وكبارًا أن ينتصروا لأنفسهم وألا يسمحوا بالمزيد من التلاعب ويخرجوا للشوارع عصيان مدني مستمر حتى يسقطوا المجلسين؛ لأنه لا يمكن أن تجرى انتخابات في ليبيا والعبور لاستقرار مع وجود المجلسين اللذان لا يمكن أن يسمحا بإجراء انتخابات.