لماذا فشلت الوساطة الإماراتية في تغيير خطط إثيوبيا في سد النهضة؟

- ‎فيتقارير

تناول موقع "الشارع السياسي" في قراءة تقدير موقف للزيارة التي أجراها زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي للإمارات في 26 يناير 2022، والتي كان معروضا فيها تدخل الوساطة الإماراتية في حل مشكلة سد النهضة، ووقف الإجراءات الأحادية من قبل الجانب الإثيوبي ، استغلالا لصداقة وشراكة قادة أبوظبي مع آبي أحمد ومساندتهم له في ملف بناء السد الإثيوبي الكبير وحرب التيجراي.
وقال في قراءته إن "هذه الوساطة الإماراتية يبدو أنها ستكون كغيرها من الوساطات لن تكون قادرة، أو حتى راغبة، على إرغام الطرف الأثيوبي على الاستجابة للمطالب المصرية فيما يتعلق بمشروع السد".
رغم إشارته إلى أن الوساطة الإماراتية في موضوع سد النهضة لم تتأخر كثيرا، فقد قام رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد بزيارة إلى الإمارات بعد يومين فقط من زيارة السيسي لأبو ظبي، أي في 28 يناير 2022، علما أنها الزيارة الأولى لآبي أحمد إلى الخارج منذ فترة طويلة، جراء تداعيات الحرب في إقليم تيجراي".
وأوضح تقدير الموقف إلى أن أثيوبيا نجحت في استدراج مصر نحو المفاوضات حتى تنتهي من تنفيذ الملء الثالث للسد، حينئذ ستكون مصر مضطرة إلى التعامل مع السد باعتباره أمرا واقعا، حيث إن صلاحية الورقة الأخيرة التي كان على القاهرة استخدمها منذ فترة ستكون منتهية، فالتدخل العسكري وضرب السد في هذه الحالة سيؤثر وبشكل كارثي على السودان وسيعرض حياة الملايين منهم هناك للخطر، وهو ما يجعل مصر أكثر حرصا على سلامة السد من الإثيوبيين".

لماذا الوساطة؟
واعتبرت الورقة أن "ما قد يدفع الإمارات نحو لعب دور ما للوساطة بين مصر وأثيوبيا في هذا التوقيت، هو تخوفها من نشوب صراع حول المياه بين البلدين الحليفتين لها ، ما قد يؤثر بالسلب على الدعم العسكري من جانبهما للإمارات في صراعها مع الحوثيين، خاصة وأن أمن البحر الأحمر ومنطقة القرن الأفريقي مرتبط ارتباطا وثيقا، وهو ما يستدعي موقفا إقليميا موحدا قد تستغله الجماعات الإرهابية لإثارة المزيد من الفوضى في المنطقة والسيطرة على مناطق حيوية ، قد تؤثر على حركة التجارة الدولية وعلى أمن واستقرار منطقة الخليج العربي".
وعن استجابة الإثيوبيين للوساطة لفتت إلى أن آبي أحمد سعى من خلف الاستجابة لهذه الوساطة الإماراتية إلى تخفيف حدة الضغوط الدولية على نظامه سواء المتعلقة بملف سد النهضة أو بملف الصراع الأهلي في بلاده، حيث يبحث آبي أحمد عن غسل سمعته ولفت الأنظار عن الدماء التي تسبب فيها والجرائم التي ارتكبها في حق أبناء شعبه من قومية التيجراي خلال العام الماضي، وقد يكون سعيه إلى إعادة طرح ملف التفاوض حول سد النهضة جزءا من خطة لتعويمه إقليميا ودوليا بعد أن تحول إلى حاكم منبوذ ترفض العديد من الدول استقباله والتعامل معه باعتباره متهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

إثيوبيا تربح

وفي إشارة عكسية لفشل الوساطة الإماراتية المرجح قالت القراءة إن "الظروف الحالية تلعب لصالح أثيوبيا وضد مصر، في ظل خروج الخرطوم من المشهد حاليا نتيجة للأوضاع السياسية المتوترة هناك، منذ الانقلاب العسكري الذي قاده الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي يرأس المرحلة الانتقالية، في 25 أكتوبر الماضي، عندما أعلن عن حل مجلس السيادة والحكومة برئاسة عبد الله حمدوك، واعتقاله مع عدد من الوزراء والسياسيين.
وأضافت على جانب القلق من الجانب المصري أن "الأخطر من ذلك، فإن الدوائر السياسية المصرية تشعر بالقلق من زيارة الفريق أول ونائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو قائد الحشد الشعبي السوداني لأثيوبيا، في 22 يناير، والتي يمكن أن تتمخض عن اتفاق سري بين الجانبين لتزويد السودان بالكهرباء الإثيوبية وتسوية النزاع الحدودي معها حول أراضي الفشقة بعيدا عن الموقف المصري ".

وأكدت أن الدوائر المصرية تشعر بالقلق في ظل تباطؤ الاتحاد الأفريقي في اتخاذ خطوات حاسمة في ملف السد، واستبعاد احتمالية العودة القريبة إلى مجلس الأمن؛ نتيجة انشغال القوى الدولية بأزمات أكثر أهمية كالأزمة الأوكرانية الراهنة وما نتج عنها من صراع بين أمريكا وأوروبا من جانب وروسيا من جانب أخر، وهو ما تدركه أثيوبيا جيدا، ويجعلها أكثر تمسكا بموقفها المتعنت ضد مصر في قضية سد النهضة.

مهمة بمقابل
وعن البعد الرئيسي من زيارة السيسي للإمارات في يناير كشفت "تقدير الموقف" أن السيسي أرسل بالفعل خبراء عسكريين مصريين إلى اليمن، وتحديدا الجنوب، في أعقاب الهجمات الحوثية، بهدف مراجعة خطط القوات التابعة لتحالف دعم الشرعية. وتتكون المجموعة من سبعة خبراء عسكريين مصريين رفيعي المستوى، يوجدون في غرفة العمليات الميدانية، لألوية العمالقة، التي خاضت معارك ضارية أخيرا ضد المقاتلين الحوثيين أدت لإخراجهم من محافظة شبوة، ومن بين المهام الموكلة للخبراء العسكريين المصريين تجهيز خطط لتطوير الهجوم البري من جانب قوات التحالف، ضد مناطق سيطرة الحوثيين، مع إعداد خطط محكمة لتأمين المناطق الحيوية، بالتنسيق مع قيادة التحالف الداعم للشرعية في الرياض.
أما المقابل، فتحدثت الورقة غن تقديم الإمارات دعما ماليا عبر وديعة دولارية في البنك المركزي المصري، ضمن حزمة من المساعدات الاقتصادية، بعد ما رفض الجانب الإماراتي في أوقات متفرقة، خلال عام 2021، تلبية مطالب مصرية متكررة بتقديم وديعة دولارية جديدة لإنعاش الاقتصاد المصري.
وأضفت أن تحالف بنوك خليجية، بينها بنكان إماراتيان، تستعد لتقديم قرض للحكومة المصرية بقيمة 2.5 مليار دولار، وفي ذات السياق، فقد سبق أن أودعت الرياض 3 مليارات دولار كوديعة في البنك المركزي المصري قبل نهاية عام 2021 ، لمساعدة النظام على الوفاء بتعهداته، ودعمه في مواجهة الأزمة الاقتصادية.

https://politicalstreet.org/?p=4970