انتابت مرضى الفشل الكلوي حالة من الرعب خشية توقف وحدات ومراكز الغسيل الكلوي ، فيما عجزت بعض المراكز المتخصصة عن استقبال المرضى لعدم قدرتها على تحمل التكلفة الباهظة ، نتيجة النقص الكبير في المحاليل الدوائية وفلاتر تنقية الدم المستوردة ، بعد الارتفاع الجنوني لأسعار هذه المستلزمات واختفائها من الأسواق ، واضطر بعض المرضى لشراء المحاليل من السوق السوداء بأكثر من 200 جنيه للزجاجة الواحدة.
كانت وزارة الصحة بحكومة الانقلاب ، قد قامت مؤخرا بتوزيع منشور على المترددين على وحدات الغسيل الكلوي ، تبلغهم فيه عن نيتها في إغلاق وحدات غسيل الكلى لعدم وجود إمكانات لشراء محاليل وفلاتر جديدة لأجهزة الغسيل ، وتبع ذلك قرارانقلابي برفع سعر جلسة الغسيل الكلوي من 140 إلى 250 جنيها ، وهو ما أجبر المراكز الخاصة على إغلاق أبوابها في وجه المرضى نتيجة استفحال أزمة نقص المحاليل وعدم قدرتها على تحمل ارتفاع التكلفة .
السوق السوداء
حول هذه الأزمة قال عبد الحليم الإمام 57 عاما مريض بفشل كلوي ويتردد على أحد مراكز الغسيل الكلوي بدمنهور "نعاني من ندرة المحاليل الطبية ، حيث أقوم بالغسيل 3 جلسات أسبوعيا واستهلك في الجلسة الواحدة ثلاث عبوات".
وأكد أن المراكز تطلب من المرضى شراء المحاليل على نفقتهم الخاصة ، ونعاني صعوبة بالغة في الحصول على عبوة واحدة بأسعار مناسبة في ظل نقص المعروض ، مما يجبرنا على شرائها من السوق السوداء بأسعار وصلت لأكثر من 65 جنيها.
مخالفات جسيمة
وقالت "حميدة" 53 عاما: "أُعالج باستخدام الغسيل الكلوي منذ 9 سنوات ، مؤكدة أن حياتها تحولت إلى جحيم من شدة الرعب بعد تواتر أنباء عن نفاد المحاليل الطبية وفلاتر الغسيل الكلوي".
وأشارت إلى تضاعف أسعار المحاليل والتي نقصت من المعهد الطبي القومي بدمنهور ، مما جعلها تتجه إلى مركز آخر ، ورغم ذلك لجأت إلى شراء المحاليل من الصيدليات الخارجية ، موضحة أنه بعد أن كان ثمن زجاجة المحلول 7 جنيهات أصبح 35 و45 وأحيانا 70 جنيها.
وأضافت أن ارتفاع أسعار محاليل الجلوكوز والملح ، دفع وحدات ومراكز الغسيل إلى تخفيض الكمية المستخدمة للمريض من عبوتين إلى عبوة واحدة في الجلسة الواحدة.
وكشفت عن ارتكاب بعض المراكز المتخصصة مخالفات جسيمة ، حيث تقوم بإعادة تدوير المستلزمات الطبية مثل الفلاتر والمحاقن والوصلات التي ينبغي أن تستخدم مرة واحدة لمريض واحد ، محذرة من أن هذا السلوك سيؤدي إلى نقل العدوى لمن يخضعون لجلسات الغسيل الكلوي.
وقال أحمد الصعيدي 39 عاما إننا "مطالبون بإحضار المحاليل الخاصة بجلسة الغسيل بسبب نقص المحاليل في الوحدة ".
وأكد أن المحاليل غير متوفرة بالصيدليات أيضا ، مما يتسبب في الكثير من المعاناة للمرضى.
موت محقق
وقال الدكتور ناجي داود أمين عام نقابة الصيادلة بالبحيرة إنه "في الوقت الذي تزعم فيه وزارة صحة الانقلاب توفير المحاليل الطبية والخامات الأخرى لإجراء عمليات الغسيل الكلوي ، نرى بعض المرضى الذين يجلسون أربع ساعات متواصلة تخترق أجسادهم أجهزة تنقية الدم ، يضطرون يوميا للرجوع إلى منازلهم دون إجراء عمليات الغسيل الكلوي ، مؤكدا اختفاء محلول الملح وجميع المعدات من المستشفيات الحكومية والخاصة منذ أكثر من ستة أشهر ، خاصة أن مرضى الفشل الكلوي جميعهم يتم علاجهم على نفقة الدولة".
وأكد داود في تصريحات صحفية أن هناك حالة من الارتباك تسود وحدات الغسيل الكلوي ، بعد أن دفع عدد من المرضى حياتهم ثمنا لهذا العجز الصارخ في الكميات المتوافرة من هذه المستلزمات.
وحذر من أن مريض الفشل الكلوي المثقل بأوجاع المرض في حاجة ماسة لهذا المحلول ، وإذا لم يتواجد المحلول فسيكون مصيره الموت المحقق.
وأضاف داود أن محلول الملح ارتفع سعره ليتراوح من 65 إلى 90 جنيها ، ووصل في السوق السوداء لنحو 140 جنيها، ويتراوح سعر الكرتونة من 500 إلى 700 جنيه و850 جنيها ، وذلك في حال إذا توفرت ، لافتا إلى أن المتضرر الوحيد هو المريض ، لأن نقص المحاليل يجعل مراكز الغسيل الكلوي غير قادرة على تقديم العلاج للمريض وتحمله مسئولية إحضار المحاليل لنفسه.
تدهور المخزون
وكشف الدكتور محمد الشنديدي صيدلي ، أن المخزون الإستراتيجي بمستشفيات محافظة البحيرة يشهد تدهورا شديدا بسبب نقص محلول الملح والجلوكوز والأملاح والرينجر والمنيتول ،مؤكدا أن نسبة عجز الكميات المقررة حاليا وصلت لأكثر من 60 %.
وقال الشنديدي في تصريحات صحفية إن "المستشفيات والتأمين الصحي في حاجة ماسة لإجراء عمليات غسيل كلوي ، وتضطر المستشفيات والصيدليات لشراء المحاليل من السوق السوداء بسعر يزيد عن 15 ضعف السعر الرسمي ، لأن المرضى في حاجة ماسة لتلك المحاليل والمحاليل غير موجودة إلا في السوق السوداء .
واعتبر أن هذا مؤشر خطير يهدد صحة وحياة الكثيرين من الذين تظل أرواحهم مرهونة بعبوة محلول ، موضحا أن بعض الشركات تقوم بتخزين المحاليل لتعطيش السوق ، وافتعال أزمة لتقوم برفع الأسعار وبيع المنتج في السوق السوداء بأسعار مرتفعة للحصول على مزيد من الأرباح.
وأشار الشنديدي إلى أن سعر فلتر الغسيل الكلوي يتراوح الآن بين 105 و130 جنيها ، ويكون من أردأ أنواع الفلاتر رغم أن الفلتر هو أساس جلسة الغسل.
شركات الأدوية
وطالب الدكتور محمد منيسي نقيب أطباء البحيرة وزارة صحة الانقلاب بضخ كميات إضافية من المستلزمات الطبية خاصة المحاليل ومرشحات الغسيل الكلوي لتعويض النقص الشديد في تلك المستلزمات التي وصلت إلى مرحلة حرجة.
وقال منيسي في تصريحات صحفية ، يجب على هيئة المستشفيات التعليمية الإبلاغ عن نقص المخزون من المرشحات قبل انتهائها بوقت كاف ، حتى لا تتفاقم المشكلة بشكل كبير.
وأرجع ظهور مشكلة نقص المحاليل إلى تقاعس شركات الأدوية عن الوفاء بتوريد الكميات المطلوبة وفق الجدول الزمني المحدد لكل جهة ، مطالبا بفرض رقابة صارمة على مخازن الأدوية والصيدليات الكبرى ، لمنع التلاعب في السوق السوداء ، باعتبار أن المحاليل الطبية تمثل قضية أمن قومي.