من «لازم أُغني الناس» إلى «لما ربنا يفرجها».. السفاح السيسي يواصل النصب على المصريين

- ‎فيتقارير

في عام 2014 أي بعد عام من الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب، الشهيد محمد مرسي، ظهر السفاح السيسي في لقاء تليفزيوني مع الإعلاميين إبراهيم عيسى ولميس الحديدي قائلا "لوجيت النهارده تكلمت في كهرباء بدون دعم مطلق وغاز بدون دعم مطلق، الناس مش هتستحمل، ويجب أن أُغني الناس أولا، بدل ما يأخدوا ألف يبقى ألف ونص أو ألفين، أنا بتكلم عن كل مواطن، لما المصانع والمزارع تشتغل وتتحرك والناس تأكل عيش، يبقى ممكن أوي الدعم ده نتحرك معاه".

وفي عام 2022 أي بعد الانقلاب بثماني سنوات ظهر نفس السفاح السيسي خلال برنامج من مصر، المذاع على قناة سي بي سي، بعدما لحس وعوده ممارسا طقس الاستعباط قائلا "ربنا وحده اللي يعلم إحنا بنعمل ده مع الناس كلها، ما نسيبش حد محتاج أو محووج ، بس إحنا ظروفنا صعبة أوي، خلوا الناس الطيبة تدعو ربنا يفرجها علينا ، ولما يفرجها علينا هنفرجها على الناس كلها مش هنسيب حد".

 

في الخفاء

وتؤكد مصادر مطلعة أن الدعم الخليجي للانقلاب العسكري بمصر بلغ أكثر من 60 مليار دولار، مستندة لأرقام معلنة من حكومات السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان، وهي الدول الأربع التي قدمت مساعدات سخية للعسكر، في حين أعلن البنك المركزي أن حجم المساعدات التي حصلت عليها عصابة الانقلاب خلال الفترة من يناير 2011 وحتى أغسطس 2016 أي قبل ست سنوات بلغ نحو 30 مليار دولار منوعة بين منح لا ترد وودائع.

وعلى الطريقة الديكتاتورية القديمة وفي الخفاء، بينما كان الشهيد محمد مرسي يسابق الزمن لأجل تحقيق بعض من وعوده، بعد عام من الحكم، آمنا جانبه من العسكر الذين كانوا يدبرون الطبخة العسكرية بتوابل مالية خليجية تُطهى في الخفاء، لتقدم في طبق تم التخطيط له كما تقدم الأفلام السينمائية عادة وجها مغايرا للواقع من خلال صورة مقدم البيان العسكري القاضي بتنحية الشهيد مرسي من على رأس السلطة، أمام أنظار وأسماع شيخ الأزهر وبابا الإسكندرية وعدد من مشاهير مصر في جميع المجالات.

مما يؤكد أن التحضير لهذه الصورة لا يمكن أن تكون وليدة الثلاثين من شهر يونيو، وإنما قد يكون ممتدا لأسابيع عديدة، وإذا كان الاسم المسيطر على الحدث إعلاميا هو للسفاح السيسي الذي ذكر مرة أنه يفتخر بتاريخ ميلاده الذي فيه نوفمبر و1954، إلا أن وجوده في الصورة الأولى لا يعني أنه المخطط الرئيسي لهذا الانقلاب الذي هز مصر، والذي انتقل من الإمارات العربية تحت قيادة محمد بن زايد إلى غاية سبعة ألوية كان ينسق بينهم السفاح السيسي.

وتكمن صعوبة مواجهة هؤلاء أن لكل منهم حكاية وعالم قائم بذاته، وصعوبة معرفة من هو القائد الحقيقي في الداخل للانقلاب ولما بعد الانقلاب، فالمعروف أن رئيس أركان القوات المسلحة السابق صدقي صبحي هو الجسر الرابط بين عسكر مصر والإمارات العربية، وهو الذي قال إنه "سيسحق أي ثورة شعبية تحاول إجهاض ما سماها بالثورة الحقيقية في الثلاثين من يونيو".

وساهم قائد القوات الجوية حامد المصري في سرية المهمة، حيث راح يؤمن الاتصالات بعيدا عن أسماع بقية قادة الجيش حتى يضعهم أمام الأمر الواقع، وابتلع أسامة أحمد الجندي خطة السفاح السيسي في الانقلاب بأقل الأضرار، وراح يشرحها للانقلابيين، أما وزير مالية الانقلاب أو قائد قوات الدفاع الجوي عبد المنعم إبراهيم بيومي كانت مهمته نقل أموال طائلة إلى القاهرة.

ووزع "بيومي" بعضها على ضباط مختلف المناطق لأجل إنجاح خطة الانقلاب، مع حمله لوعود كثيرة بأن يحققوا مزيدا من الامتياز في حالة نجاح الخطة، وهو ما نسف أي رفض داخل الجيش للانقلاب ، وجعل العسكر الذين رفضوا رئيسهم المدني الشهيد محمد مرسي يعتبرون ما تحقق إضافة لهم، خاصة أن قائد المنطقة العسكرية توحيد توفيق ضمن السيطرة على القضاء وعلى التلفزيونات العمومية والخاصة.

 

رشاوى الانقلاب

وتأكد "توفيق" أن غالبية الإعلاميين وخاصة القنوات الخاصة تلقت أموالا ووعودا جعلتها تحول الإمارات العربية إلى البلد الثاني بالنسبة لكل المصريين فجاء الانقلاب الإعلامي أقوى من الانقلاب العسكري، مما حيد الإخوان وعزلهم إعلاميا، وهو ما سهر عليه أيضا مدير المخابرات محمود حجازي ومدير إدارة الشؤون المعنوية أحمد أبو الذهب الذي تولى إسكات أي عسكري بمبلغ مالي متخم أسكتهم جميعا.

ورفقة السباعي ساهم وزير الداخلية في منع القنوات الدينية التي تبدو في صف الإخوان المسلمين وحتى التي أرادت الحياد، كما رسم الديكور العام لحفلة الانقلاب التي ظهر فيها مختلف الأطياف من البابا إلى شيخ الأزهر، وكان واضحا أن لا أحد من الحضور تفاجأ بإعلان الانقلاب، مما يعني أن الطبخة كان زمنها أبعد من زمن ما يُسمى بالثورة الشعبية في 30 يونيو بأسابيع عديدة.

واندس الكثير من الضباط وسط الشباب في ميدان التحرير يبشرونهم بطوفان من المال القادم من الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية ،لأجل أن تعود مصر إلى عالم السياحة والتجارة.

أما السفاح السيسي فهو الرجل الظاهر الذي حاز الشهرة، وهو العسكري الذي تخرج عام 1977 عندما كان أحد الصامتين إزاء سفر الرئيس الأسبق أنور السادات إلى تل أبيب، والمباركين لمعاهدة السلام التي وضع فيها الجيش المصري سلاحه للأبد وحوّله الآن الانقلابات.

وحسب محللين اقتصاديين، لم يشعر المواطن المصري بأي انعكاسات إيجابية لمليارات الخليج التي تم ضخها من أجل دعم انقلاب السفاح السيسي بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 يوليو 2013.

ورغم حجم المساعدات الخليجية شهد الشارع المصري العديد من الأزمات المعيشية، حيث تفاقمت البطالة واشتعلت الأسعار في ظل تقليص الدعم والأزمة المالية التي تعاني منها البلاد والتي دفعت حكومة الانقلاب إلى اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي بشروط مجحفة أدت إلى إلى مزيد من الضغوط المعيشية للمواطنين.