أكثر من 11 مرة زيادة في معاشات ورواتب العسكريين منذ استيلاء السفاح المنقلب السيسي على الحكم، لا يقابلها إلا زيادة طفيفة على معاشات المدنيين، والتي تقل كثيرا عن معاشات العسكريين، رغم قرار إغراق الجنيه المصري ودفنه تحت أقدام الدولار.
ويقول متابعون للشأن المصري إن "السفاح السيسي زاد رواتب العسكريين بنسبة تتخطى 150% من رواتبهم منذ استيلائه على الحكم، في حين لا يعطي الفئات الأخرى استحقاقهم".
سعر الوهم..!
يزعم إعلام الانقلاب، أن سعر الصرف زاد منذ بضعة أشهر بالسوق السوداء، والذي قام المستوردون بتدبير قيمة صفقاتهم منه، بما يعني أنه تم الاستيراد بالقيمة المرتفعة لسعر الصرف، وأنه إذا كان البنك المركزي قد خفض الجنيه المصري إلى ما يُقارب مستواه بالسوق السوداء، فهذا يعني أن فرص ارتفاع أسعار السلع ليست كبيرة.
يتناسى إعلام الانقلاب أن ما يذكرونه خاص بسلع أخرى، غير السلع التي ظلت تعليمات البنك المركزي بتوفير التمويل لها بالسعر الرسمي حتى الثالث عشر من مارس الحالي، وهي اللحوم والدواجن بجميع أنواعها، والمواد الغذائية (قمح – زيوت – حبوب) والأعلاف (الذرة والصويا وباقي المستلزمات) والسكر بجميع أنواعه والأسمدة والمبيدات والأدوية والأمصال والمواد الكيماوية الخاصة بها، وألبان الأطفال.
وهكذا ستتضرر كل تلك السلع السابقة من الزيادة التي ستدفعها للحصول على الدولار بالسعر الرسمي الجديد، وهو ما سيدفعه المستهلك في النهاية.
وربما يرى البعض أن لدى الجيش قدرا من الإنتاج الغذائي الذي يمكن أن يقلل من الاستيراد، لكن بعض الأرقام الرسمية المنشورة لمجمل إنتاج الجيش لبعض السلع، تشير إلى بلوغها بالنسبة لبيض المائدة 30 مليون بيضة سنويا، و156 ألف طن من زيت الزيتون سنويا، ومائة طن من صلصة الطماطم سنويا، وفي القمح يتم إنتاج 78 ألف طن، و110 أطنان من الجبن المطبوخ.
وهكذا، يتبين أن الإنتاج المحلي لشركات الجيش من بعض السلع لا يكفي بالمرة لاستهلاك بلد يسكنه أكثر من 100 مليون نسمة، ليظل الاستيراد هو الملاذ، ومع زيادة التكلفة للاستيراد قد يتم اللجوء لوزارة المالية لزيادة مخصص الدعم الغذائي، لكن الموازنة محملة بقدر كبير من العجز.
وفي حالة إجبار وزارة المالية على زيادة مخصصات الدعم السلعي، فسيكون قاصرا على عدد قليل من السلع التموينية، مع الأخذ في الاعتبار الضغوط من المؤسسات الدولية لخفض الدعم، كشرط للحصول على قرض البنك الدولي أو التأهل للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.
وقد يتم تدبير مبلغ لامتصاص الفرق بين سعر التكلفة الذي ارتفع بعد انخفاض سعر صرف الجنيه وسعر البيع، إلا أن ذلك لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة.
وهناك أيضا قدر محدود من الإنتاج الغذائي لوزارة الزراعة يتم بيعه من خلال منافذ خاصة بها، إلا أن عدد تلك المنافذ البالغ 110 منافذ على مستوى الجمهورية، وعشر سيارات متنقلة، يشير إلى محدودية تلك السلع.
هل كل المصريين موظفون؟
إذا كانت وزارة التموين في حكومة الانقلاب لديها عدد من الشركات الغذائية في مجال الزيوت والمطاحن والسكر والأرز والأغذية المحفوظة، فإن إنتاجها لا يكفي السوق المحلية من تلك السلع، ففي مجال الزيوت، على سبيل المثال، يتم استيراد 85% من الكميات المستهلكة، ولهذا تقوم بالاستيراد للسلع التي تبيعها للجمهور.
ورغم وجود 2165 جمعية استهلاكية تابعة لقطاع التعاون الاستهلاكي، إلا أنه ليس لديها نشاط إنتاجي، وبالتالي تشكل السلع المستوردة من خلال جهات أخرى المكون الرئيسي فيما تبيعه.
وهكذا، يؤكد مراقبون أن يلحق تصريح الوعد بثبات أسعار السلع الغذائية، رغم ارتفاع الدولار، بوعد سابق بخفض أسعار السلع وهو ما لم يحدث بالمرة، بل زادت أسعار السلع .
وتشير الإحصائيات إلى تضاعف الرواتب العسكرية لجميع الرتب، منذ ثورة 25 يناير2011، وحتى الآن، والتي شهدت عدة زيادات متواصلة خاصة بعد الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في 3 يوليو2013، بقيادة السفاح السيسي الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في ذلك الوقت.
ووسط حالة التعتيم، التي تفرضها المؤسسة العسكرية حول رواتب ضباط وقيادات الجيش المصري، كشفت مصادر لموقع "ميدل إيست مونيتور" في عام 2016، أن رواتب قيادات الجيش المصري، وأعضاء المجلس العسكري ، تتراوح بين 100.000 و 500.000 جنيه شهريا، في حين تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من المواقع الإخبارية جدولا بمفردات مرتبات الرتب العسكرية الأخرى، يوضح أن اللواء يتقاضى راتبا شهريا قدره 10600 جنيها، والعميد 9400 جنيها، والعقيد 8250 جنيها، والمقدم 7100 جنيها، والرائد 6500 جنيها، والنقيب 5900 جنيها، والملازم أول 5200 جنيها، ومرتب الصول 3500 جنيها.
وأشار الجدول المتداول إلى أن إجمالي الرواتب الشهرية لضباط الجيش، يقدر بنحو مليار و513 مليون جنيها، بمتوسط 200 ألف ضابط ، بينما تقدر مرتبات رتبة "الصول" بنحو 350 مليون جنيه شهريا، بمتوسط 100 ألف صول، ليقترب متوسط إجمالي الرواتب العسكرية من حاجز الـ 2 مليار في الشهر، وفقا للجدول المتداول.
ووفقا لدراسة أعدها الباحث بمركز كارنيجي للشرق الأوسط يزيد صايغ، يوجد في وزارة المالية مكتب خاص للتدقيق في حسابات القوات المسلحة والهيئات التابعة لها، ولا تخضع بياناته لأي سلطة ولا حتى البرلمان المصري، وينفق جزءا كبيرا من العوائد على بدلات الضباط ومساكنهم أويتم صرفه لتحسين مستويات المعيشة لديهم.
ويوجد 150 شركة مملوكة للدولة في مصر يديرها ويستفيد من إيراداتها دولة الضباط، ويبلغ رواتب الضباط المتقاعدين العاملين في إدارات تلك الشركات مابين 100 ألف إلى 500 ألف جنيه شهريا إلى جانب بدلات شهرية لا تقل عن 10 آلاف جنيه.