تسود أروقة النظام العسكري الحاكم حالة من الفوضى والارتباك لأسباب تتعلق بعدم قدرة النظام وحكومته وأجهزته على مواجهة موجات الغلاء الفاحش التي لا تتوقف منذ قرار التعويم في نوفمبر 2016م، وبحسب تقارير إعلامية نقلا عن مصادر مطلعة فإن جهاز “الأمن الوطني” يخشى من عواقب الفشل الحكومي في مواجهة الغلاء والحد من ارتفاع الأسعار الذي أصاب كل شيء وجعل حياة عشرات الملايين من المصريين جحيما لا يطاق في ظل عدم القدرة على توفير السلع الأساسية في ظل هذه المعدلات المخيفة للأسعار.
وتنقل صحيفة “العربي الجديد” اللندنية عن مصادر خاصة أن وزير الداخلية بحكومة الانقلاب اللواء محمود توفيق، تلقى خطة أعدها جهاز الأمن الوطني للتعامل مع أي اضطرابات قد تحدث نتيجة حالة الغلاء التي تعيشها مصر حاليا في أعقاب خفض الجنيه بنسبة نحو 17% قبل أسبوع، وهو القرار الذي أثار عاصفة من الغضب الشعبي لا سيما وأنه يأتي في ظل أوضاع بالغة الصعوبة تتعلق بتداعيات تفشي جائحة كورونا من جهة وتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا من جهة ثانية. وتقوم خطة الأمن الوطني على ضرورة تهدئة الشارع، خوفاً من غضب شعبي قد يتطور ويؤدي إلى اهتزاز النظام الحاكم”.
تدهور الأوضاع المعيشة دفع الأمن الوطني إلى بث رسائل تخويف، والتنسيق مع إعلاميين تابعين له بأن الدولة بدأت العمل أخيراً على اتخاذ مجموعة من الإجراءات في محاولة للسيطرة على الوضع، وذلك بحسب مصادر قانونية وسياسية خاصة. في ذات الوقت تعمد مسئولون كبار بالجهاز تسريب معلومات بأنهم وجهوا تحذيرات لقادة جماعة الإخوان في السجون، وأن النظام قد يصعد من مستويات الانتقام ضد الجماعة، وتنفيذ أحكام إعدام بحق بعض القيادات إذا تم تم توظيف هذه الظروف من أجل التحرك وإطلاق دعوات للتظاهر ضد النظام، في ظل حالة الضعف والهشاشة التي يمر بها النظام.
حالة الضعف والخوف التي يمر بها النظام دفعت الجهاز نحو استدعاء شخصيات سياسية ابتعدت عن المشهد خلال الفترة الماضية، من بينهم رئيس حزب له هيئة برلمانية، ورجال أعمال، ونواب سابقين، بعدما رصد الجهاز عدة تجمّعات ولقاءات ضمت مجموعات منهم، وتم التشديد عليهم بأن أي إشارات أو كتابات على مواقع التواصل الاجتماعي ستواجه برد عنيف من القيادة السياسية، التي لا تتفهم مثل تلك الأعمال في الوقت الراهن، لأنها تأتي في سياق هدم الدولة المصرية. وبحسب التقرير فإن بعض السياسيين الذين تم استدعاؤهم أخيراً أكدوا أن اللقاءات التي جرت خلال الفترة الماضية جميعها لا تعدو كونها لقاءات اجتماعية لم تتطرق إلى أي شؤون سياسية، مؤكدين أنها “جلسات أصدقاء”.
كما جرى التحذير من الإشارة مجدداً إلى قضية رجل الأعمال صفوان ثابت، مؤسس شركة جهينة للصناعات الغذائية ومنتجات الألبان، في أعقاب دعوات عدد منهم لإطلاق سراح رجل الأعمال ونجله، المحبوسين (ظلما وطغيانا) على ذمة اتهامات متعلقة بالانضمام لجماعة الإخوان وتمويلها، وذلك في أعقاب وفاة زوجته بهيرة الشاوي ومنع إقامة مراسم العزاء”.
معنى ذلك أن النظام مرعوب بشدة، ويخشى من فوضى عارمة، لكن قادة الجهاز وضباطه يعلمون أن أي حراك قادم سيكون حراكا شعبيا بامتياز ولن تقوده أي حركة سياسية على الإطلاق؛ ذلك أن حجم الغضب يزداد، ومداه يتسع، وحجمه يتضخم، وأبعاده غير معروفة، ولا يمكن قياسها، فالانفجار قد يأتي بغتة على الأرجح، وقد لا يتمكن النظام من احتوائه في ظل هذه الأوضاع المتدهورة، وانعدام وجود أي تأييد شعبي للنظام؛ حتى أولئك الذين كانوا يؤيدون النظام من قبل باتوا أشد الناس كفرا به، ويلعنون اليوم الذي أيدوه فيه. فلم ير المصريون أياما أشد ظلما وظلاما كهذه الأيام، ولم يروا هذا الغلاء الفاحش على هذا النحو من قبل، ولم يروا نظاما فاشلا في كل شيء مثل نظام السيسي الذي فرط في تراب مصر الوطني (تيران وصنافير)، وشرعن سد إثيوبيا باتفاق المبادئ بالخرطوم في مارس 2015، وأغرق مصر في الديون الباهظة؛ حيث استدان وحدة في 8 سنوات أضعاف أضعاف ما اقترضه جميع حكام مصر السابقون على مدار مائة سنة. ورمى بأموال مصر في عدة مدن من الخراسانة دون أي جدوى اقتصادية؛ فأفقر الشعب ودمر حاضر مصر ومستقبلها، ورغم أن جهاز الأمن الوطني يعلم ذلك علم اليقين إلا أنهم سيبقون خدما للنظام يدافعون عنه ضد الشعب حتى لو كان هذا النظام الذي هم جزء منه سبب الخراب كله، فالجهاز وضباطه تربوا على ذلك وترعروا على خدمة النظام لا الوطن. وهذا مربط الفرس فليتهم يفيقون قبل أن تغرق السفينة بكل من فيها. [فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين}.