مع ارتفاع معدلات التضخم خلال شهر فبراير 2022 إلى أعلى مستوى لها منذ نحو عامين ونصف تزايدت المخاوف من الدخول في ركود تضخمي قد يتسبب في حالة من الانهيار الاقتصادي، خاصة في ظل استمرار ارتفاع أسعار السلع وعزوف المستهلكين عن الشراء بشكل غير معهود نتيجة قرارات حكومة الانقلاب التي تقوم على فرض الجباية والاستنزاف بهدف تجويع المصريين.
يشار إلى أن معدل التضخم كان قد ارتفع إلى 8.8% في فبراير الماضي على أساس سنوي، وأرجع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أسباب ارتفاع التضخم إلى ارتفاع أسعار قسم الطعام والمشروبات بنسبة 20.1% نتيجة ارتفاع أسعار مجموعة الخضروات بنسبة 43.5%، وارتفاع أسعار مجموعة الزيوت والدهون بنسبة 34.4%، وارتفاع أسعار مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 19.3%، وارتفاع أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 18.1%، وارتفاع أسعار مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 16%، وارتفاع أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 12.8%، وارتفاع أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة 12.4%، وارتفاع أسعار مجموعة منتجات غذائية أخرى بنسبة 8.7%، وارتفاع أسعار مجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 7.3%، وارتفاع أسعار مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 6.4%، وارتفاع أسعار مجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة 4.8%.
موجة غلاء
وأرجع خبراء ارتفاع معدل التضخم إلى زيادة أسعار مجموعة الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة (11.2%)، يليها مجموعة خدمات الفنادق بنسبة (2.7%)، ومجموعة خدمات مرضى العيادات الخارجية بنسبة (1.5%)، بالإضافة إلى مجموعة الوجبات الجاهزة بنسبة (1.2%) ومجموعة العناية الشخصية بنسبة (1.1%) مجموعة خدمة المستشفيات بنسبة (0.8%) كما ارتفع قسم المشروبات الكحولية والدخان بنسبة قدرها (0.5%) بسبب ارتفاع أسعار مجموعة الدخان بنسبة (0.5%).
من جانبها حذرت منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" من موجة غلاء فاحشة تجتاح العالم في الفترة الحالية، مشيرة إلى أن أسعار السلع على الصعيد العالمي قفزت بواقع %43.5 منذ بداية العام الجاري، وهو أعلى معدل زيادة منذ ما يقرب من 13 عاما .
وأشارت المنظمة إلى أن الزيادة الأكبر كانت خلال عام 2008 بنسبة بلغت حينها %33.4، موضحة أنه ضمن الموجة الحالية فإن أسعار الوقود هي الأكثر ارتفاعا بنسبة %54.8 تليها أسعار المعادن والخامات بواقع %34.6.
جائحة كورونا
تعليقا على ارتفاع معدلات التضخم الخبير الاقتصادي أكد هشام بدوي أن التضخم الذي تعاني منه مصر والعالم في العام 2022 سببه استمرار تداعيات جائحة كورونا، مشيرا إلى أن رفع أسعار الفائدة مسار يسير عليه العالم خلال الفترة المقبلة ، خاصة وأن كارثة العالم هذا العام تتمثل في ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ولذلك تلجأ بعض الحكومات إلى رفع الأجور لمواجهة ارتفاع الأسعار.
وتوقع بدوي في تصريحات صحفية أن يصل التضخم وأسعار السلع لأقصى درجة في أبريل المقبل ، مشيرا إلى أن الأسعار عالميا سترتفع بشكل كبير ثم تبدأ بعد ذلك في الانخفاض.
وأشار إلى وجود أزمة حقيقية عالميا في الإنتاج والشحن تؤثر على الاقتصاد، كما أن ضخ أموال ضخمة في الاقتصاد العالمي بسبب كورونا تسبب في التضخم .
سعر الفائدة
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده إن "التضخم يقيس مستوى الأسعار في السوق، مشيرا إلى أن أي متغير يحدث في سعر السلعة يزيد من نسبة التضخم".
وأضاف عبده في تصريحات صحفية أن التضخم يتأثر كثيرا بحالات الطقس، فعند وجود موجة حارة أو باردة ترتفع أسعار السلع في الأسواق كالفواكه والخضروات وغيرها، مما ينعكس تدريجيا على التضخم.
وأوضح أن التضخم يتأثر أيضا بسعر الفائدة فعندما يزداد سعر الفائدة التي تطرحها المؤسسات المالية، يتوجه الأفراد مباشرة إلى تلك المؤسسات، وهذا بدوره يقلل من نسبة التضخم، لافتا إلى أن انخفاض معدل البطالة أيضا يسهم في انخفاض معدل الفقر عن طريق توافر فرص عمل للمواطنين.
أكاذيب الانقلاب
وقالت الدكتورة عالية المهدي الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة إن "ارتفاع نسبة التضخم يرجع إلى أوضاع مصر والاقتصاد المصري والتحديات التي يعاني منها اليوم".
وأوضحت، في تصريحات صحفية، أن السبب في ارتفاع التضخم يرجع إلى زيادة الطلب على السلع وهذا مؤشر على وجود ارتفاع في أسعار السلع المحلية.
وأشارت إلى أن ارتفاع معدل التضخم يكشف أكاذيب حكومة الانقلاب التي تزعم أن معدل الفقر في مصر تراجع إلى 29.7% من 32.5% وأن متوسط الدخل السنوي الصافي للأسرة شهد ارتفاعا.
التأجير التمويلي
وتوقع الخبير المصرفي محمد نادر أن تكون هناك تأثيرات سلبية بمجال التأجير التمويلي جراء موجة التضخم.
وقال نادر في تصريحات صحفية إن "التأثيرات السلبية ستتمثل في ضعف العقود الجديدة، وإمكانية تأخر التحصيلات من جانب العملاء، بما يمكن أن يكون هناك تعثر في معدلات السداد".
وأشار إلى أن التغيرات المفاجئة في السوق، غالبا ما ينتج عنها نوع من التحفظ من جانب عملاء نشاط التأجيرالتمويلي، موضحا أن النشاط عادة ما ينمو في مناخ مستقر.
وأضاف نادر أن التضخم سيؤدي إلى زيادة أسعار معدات الإنتاج والتي تُمثل جانبا كبيرا في تمويلات التأجير التمويلي، وبالتالي تلجأ الشركات إلى التريث في إجراء أي من التوسعات، إلى جانب زيادة عامل تكلفة الفائدة.