يقول مراقبون إن "المنقلب عبدالفتاح السيسي اجتمع بالمعنيين بالقمح المصري، يبحث عمن بقي من الفلاحين المصريين زراع القمح الذي افتخر ووزيره خالد حنفي في 2017 بانتهاء حلم الاكتفاء الذاتي ونقص المساحات المزروعة يقبل أيديهم، بعد أن منعت روسيا شحنات السفن الأوكرانية إلى مصر ورفعت سع التوريد العالمي 10% عن العام المنصرم وفرضت الدفع بالروبل بداية من 6 إبريل.
وأوضح المراقبون أن أغلب الفلاحين يدركون أن السعر الجديد للتوريد الذي ارتفع من 880 إلى 1100 جنيه في غضون شهور قليلة، هو نفسه السعر المناسب الذي طالب به الفلاحون خلال 2021 تعليقا على سعر الحكومة في مارس وإبريل خلال العام الفائت.
أزمة مقبلة
وأشار المراقبون إلى أن سعر طن القمح كان قبل الحرب الأوكرانية الروسية يصل إلى 500 دولار ووصل الآن إلى 1100 دولار للطن وأن دول الاستيراد روسيا وأوكرانيا ، تسورد مصر منهما 90% من واردات القمح، في حين أن مخزون مصر من القمح بحسب تصريحات حكومة السيسي في الاثنين 4 أبريل 2022، يكفي الاستهلاك المحلي لمدة 2.6 شهر، ومخزون السكر يكفي 5.6 شهر، ومخزون الزيت والأرز يكفي الاستهلاك المحلي 5.9 شهر.
وقال البنك الدولي إن "المخزونات العالمية من الأرز والقمح والذرة لا تزال مرتفعة على نحو غير مسبوق، وتظل مخزونات القمح، وهو السلعة الأولية الأكثر تضررا من الحرب، أعلى بكثير من مستوياتها إبان أزمة أسعار المواد الغذائية في 2007-2008".
الزراعة الأمريكية
وقال تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية إن "واردات مصر من القمح تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ 9 سنوات، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا".
وأشار التقرير إلى أن حكومة الانقلاب تحاول تعويض ذلك من دول أخرى.
ومن جانبها، قالت حكومة الانقلاب إنها تعوّل على فرنسا في سد ثغرة توريد القمح التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية، مضيفة أنها ألغت اتفاقيتين لتوريد القمح بسبب غلاء أسعار التوريد منذ أسابيع.
وتستهلك مصر سنويا 18 مليون طن من القمح، حيث ينتج السوق المحلي 10 ملايين طن فقط، وبلغت قيمة المستورد من القمح الروسي 1.2 مليار دولار، ومن أوكرانيا 649.4 مليون دولار خلال أول 11 شهرا في 2021.
وأفادت وكالة "بلومبيرج" أن تداعيات الحرب الروسية على الأوكرانية تدفع مصر لخفض وارداتتها من القمح إلى أدنى مستوى لها في غضون 9 سنوات.
وذكرت الوكالة أن مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، بينما روسيا وأوكرانيا هما الموردان للقمح إلى الدول العربية.
وأشارت الوكالة إلي أن مصر سوف تقلص وارداتها من القمح؛ بسبب ارتفاع أسعاره لمستويات قياسية جراء الحرب التي ينخرط فيها أكبر موريده منذ 24 فبراير.
وفقا لتقرير صادر عن الخدمة الزراعية الخارجية التابعة لوزارة الزراعة الأمريكية، فإن واردات مصر من القمح قد تنخفض إلى 11 مليون طن في الموسم الذي يبدأ في يوليو.
صوامع ومياه النيل
وأجمل ناشطون على مواقع التواصل الأسباب التي تبنتها عصابة الانقلاب بقيادة السفيه السيسي وأوصلت مصر إلى هذه الأزمة الخانقة حيث لن يصل إلى مخازن التموين -التي باعت وزارة السيسي بعضها أو أجزاء منها وأجرت أخرى لشركات أدوية- سوى 4 ملايين طن من إجمال 18 طن تحتاجهم مصر.
وقال حساب أول الغيث (@education2010) "تفريط السيسي وعصابته في مياه النيل التي كانت كفيلة بزراعة ملايين الأفدنة من القمح ، تسبب في احتياج مصر لاستيراد القمح بأي سعر وبمواصفات متدنية وخصوصا مع غزو روسيا لأوكرانيا".
وأوضح الخبير الاقتصادي د.محمود وهبة أن "القمح المحلي لا توجد صوامع لتخزينه، وبدون صوامع التخزين لا يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي ، نقص في صوامع التخزين للقمح المحلي بمصر بما يخلق فجوه قدرها 2.5 مليون طن ، الحكومة تحدد سعر للأردب بمبلغ 820 جنيها بينما السعر العالمي يزيد عن 1000 جنيه".
وأضاف أن "الفلاحين يرفضون ويقاومون للحصول على السعر العالمي ، استهلاك القمح بمصر 18 مليون طن ، تكفي لخبيز 250 إلى 270 مليون رغيف عيش يوميا ، والانتاج المحلي 10 مليون طن وتستورد 8 مليون طن".
وأضاف أن "الاكتفاء الذاتي غير ممكن بدون صوامع التخزين علي مدار العام وبعض الصوامع الحالية تمتلكها الإمارات العربية، هل تذكر أحد أن الصوامع للتخزين وغيرها من مخازن لسلع زراعية وصناعية جزء من البنية التحتية ولها أهمية مثل الطرق والكباري والقصور والمدن الجديدة؟
حاجة ضرورية
تعتبر مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وقامت باستيراد نحو 12.9 مليون طن في 2020 للحكومة، والقطاع الخاص بقيمة 3.2 مليار دولار.
وزرعت مصر 3.62 مليون فدان من القمح للموسم الحالي 2022، بما يمثل المساحة الأكبر على الإطلاق في تاريخها.
وتتجاوز واردات مصر من القمح الروسي 8 ملايين طن سنويا، بينما تتجاوز 4 ملايين طن من أوكرانيا؛ ما يعني أن مصر بحاجة للبحث مبكرا عن مصادر أخرى تكون قادرة على توفير 13 مليون طن سنويا بحد أقصى.
ومن جانبه، قال وزير المالية بحكومة الانقلاب في مارس الماضي إن "ارتفاع أسعار القمح في الأسواق العالمية، سيؤدي إلى زيادة تكلفة واردات البلاد من هذه السلعة بقيمة تتراوح ما بين 12 إلى 15 مليار جنيه في ميزانية العام المالي الحالي 2021-2022".