دراسة: 5 تداعيات خطيرة لتعويم الجنيه

- ‎فيتقارير

استعرضت ورقة بحثية تداعيات التعويم الجزئي الذي نفذه البنك المركزي الذي تشرف عليه حكومة عبدالفتاح السيسي في 5 أمور خطيرة للغاية وتمثلت، وفقا للدراسة التي جاءت بعنوان "التداعيات الاقتصادية المحتملة للتعويم الجزئي ، مصر نموذجا" نشرها موقع الشارع السياسي، في:

الغلاء المسعور

قالت الورقة إن "كافة السلع الغذائية بداية من اللحوم ومرورا بالدجاج وكيلو البانيه وزجاجة زيت القلي والطهي والسمن الصناعي والبيضة الواحدة والسكر وسعر الأرز وصولا للقمح والدقيق وصلت لأسعار غير مسبوقة، قد تعود بشكل عام إلى أزمة في سلاسل التوريد والإنتاج، وارتفاع أسعار التجزئة، وتكلفة الشحن والتخزين وغيرها".
وأضافت أن أسعار جميع الأجهزة المنزلية والإلكترونية والسيارات والدراجات البخارية والملابس المستوردة وقطاع الدواء  ، ارتفعت جراء خفض قيمة العملة المحلية ورفع سعر الفائدة ، متوقعة ارتفاع أسعار الأدوية خلال الأشهر القادمة.

وأوضحت أن الارتفاع غير المسبوق في أسعار السلع مرشح للزيادة من جديد في أعقاب تقدم الحكومة بطلب إلى صندوق النقد الدولي من أجل قرض جديد هو الرابع خلال السنوات الست الماضية منذ الاتفاق الأول في نوفمبر 2016م.
وأضافت لمسببات الارتفاع زيادة أسعار الوقود المرتقبة، معتبرة أن افتعال الأزمات مع عدد من التجار وتحميلهم المسئولية عن ارتفاع الأسعار ومصادرة بعض المخازن وعرضها بأسعار مخفضة أمام الجمهور هو سلوك غير قانوني من جانب حكومة السيسي وبلطجة، تهربا من المسئولية والفشل في إدارة موارد البلاد.

 

التضخم والركود

ورجحت الورقة أن زيادة معدلات التضخم، بسبب تراجع القوة الشرائية للمستهلكين لتراجع قيمة العملة المحلية “الجنيه” سوف تؤدي إلى ركود حاد بالأسواق بدت مؤشراته سريعا في جميع القطاعات.
وبناء على استشهادات قالت إن "انخفاض قيمة الجنيه سيؤدي إلى كارثة للسوق، مفسرا ذلك بأن ارتفاع سعر الدولار دفع ببعض المصانع لوقف توريداتها للموزعين والتجار، وهو ما أدى إلى خلق اختناقات في بعض السلع بالأسواق المحلية، ما انتهى برفع أسعار تلك السلع، قابلها عزوف المواطنين عن الشراء".
وأشارت إلى أن "الأوضاع المضطربة تتسبب في مشاكل كبرى للمستهلكين والتجار على حد سواء؛ فالمستهلك غير قادر على الشراء لقلة النقود التي بحوزته من جهة وتراجع قيمتها الشرائية من جهة ثانية، والمصنعون و التجار يتعرضون لخسائر يومية في ظل ركود الأسواق وتراجع معدلات الشراء اليومية في ظل فاتورة التكاليف الملزمين بها فيما يتعلق بأجور ومرتبات العاملين والموظفين لديهم أو ارتفاع فاتورة الاستيراد والخامات الوسيطة التي تدخل في الصناعة".
واعتبرت الورقة أن تقدم رجال أعمال بحزمة مطالب للحكومة من أجل إنقاد المصانع والأسواق المصرية من تداعيات هذا الانخفاض المفاجئ في قيمة الجنيه؛ وتزايد الآثار السلبية للحرب الروسية في أوكرانيا، على حركة السياحة والواردات والصادرات المحلية، دليل على أن حالة الركود أصابت السوق بعدوى قاتلة".
وأضافت أن مذكرة تقدم بها رجال أعمال أشارت إلى تراجع في قدرة الشركات على توفير مستلزمات الإنتاج، مع صعوبة استيرادها من الخارج، مؤكدة ضرورة تعطيل قرار البنك المركزي الذي صدر في فبراير الماضي 2022، الخاص بفتح الاعتمادات المالية، وعودة العمل بنظام المستندات القديم، لمدة 6 أشهر على الأقل.

 

تراجع قيمة الجنيه 

ولفتت الورقة إلى أن "تراجع قيمة الجنيه وانخفاضه خلال السنوات الماضية من 8 جنيهات إلى نحو 18.5 حاليا أفقد المواطنين الثقة في العملة المحلية، لأن التعويم الأول في 2016 أدى إلى تآكل قيمة المدخرات بذات القيمة التي تراجع بها الجنيه، نحو 60%، هذه الخسارة الضخمة في المدخرات بالجنيه دفعت المصريين إلى الحذر والتحوط فراحوا يدخرون أموالهم في الذهب أو الأراضي والعقارات أو الدولار، وهو ما أدى إلى انتشار ظاهرة “الدولرة” وتعني الادخار بالدولار بدلا من الجنيه".
وحملت الورقة الانقلاب نفسه مسؤولية تعزيز الدولرة  بعد أن شن حربا على العقارات والمباني وشرع في أكبر حملة هدم بدعوى أن هذه المنازل بنيت بالمخالفة للقانون وبدون ترخيص رغم وصول جميع الخدمات الحكومية إليها من مياه وكهرباء وغيرها، ومع تجريم البناء على الأراضي الزراعية وتحريم البناء بشكل كامل منذ سنوات، أدى ذلك إلى لجوء المصريين إلى اكتناز الدولار وظهور "الدولرة"، وهي ظاهرة تفاقم من أزمة الدولار وتجعله شحيحا بصورة أكبر.

 

السوق السوداء

وفي ارتباط مباشر للتداعايات قالت الورقة إن "انتشار ظاهرة الدولرة (اكتناز الدولار) بين المصريين، أدى تلقائيا إلى زيادة الطلب على الدولار، وبالتالي عودة السوق السوداء مرة أخرى؛  ورغم وجود طفرة في دخل البلاد من العملة الصعبة، من تحويلات المصريين العاملين في الخارج، إذ زادت عن 31 مليار دولار العام الماضي، وارتفاع معدل الصادرات المصرية للسلع غير النفطية، وعوائد قناة السويس، وتراجع الواردات".
وأوضحت أن البنوك المحلية تسيطر ، عبر أذرعها المصرفية التي أقامتها، على مدار السنوات الخمس الماضية، على سوق تجارة العملات الأجنبية، إلا أنها تكتفي بشراء العملة، ولا توفرها لمن يرغب في الشراء، هذه الضغوط المالية المتسارعة التي تشهدها البلاد، بفعل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ومخلفات جائحة كورونا على مدار العامين الماضيين، وسياسة الإنفاق الضخمة على مشروعات إنشائية كبرى  بلا جدوى اقتصادية، تعيد أزمة التمويل إلى الواجهة من جديد، لتواجه قطاعات واسعة من المستثمرين صعوبات في الحصول على النقد الأجنبي لإتمام صفقات الاستيراد، وبالتالي يزداد الطلب على الدولار دون قدرة البنوك على توفيره، هو ما يؤدي حتما إلى عودة السوق السوداء.

ولفتت الورقة إلى حملة شنتها حكومة السيسي في 2017 على شركات الصرافة أفضت إلى غلق نحو 53 شركة من بين 110 شركات بعد محاكمتهم بالطوارئ واتهامهم بالإرهاب ودعم جماعة إرهابية.
وأشارت إلى أن تعديل قانون البنك المركزي، رفع قيمة رأسمال شركة الصرافة من 5 ملايين إلى 25 مليون جنيه، على أن توضع كوديعة في البنك المركزي، بما أدى إلى تخارج عشرات الشركات الأخرى، مع إنشاء بنكي مصر والأهلي، أكبر بنكين حكوميين، شركتي صرافة سيطرت، مع فروع البنوك الأخرى، على علميات الشراء والبيع للعملات الصعبة.

 

زيادة حجم الديون

ورجحت الورقة أن خفض قيمة الجنيه ثبت أنه أحد شروط صندوق النقد من أجل حصول النظام على قرض جديد هو الرابع من نوعه منذ 2016،  وسط تقديرات بأن يتراوح القرض الجديد ما بين 8  إلى 10 مليارات دولار، وبالتالي فإن حجم الدين العام مرشح للزيادة في ظل توسع نظام السيسي في الاقتراض الخارجي والمحلي، والدين العام المصري هو ثاني أكبر دين عام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي في الدول الناشئة، مع وجود أعلى سعر فائدة حقيقي في العالم،  وتبلغ نسبة الدين العام من الناتج المحلي إلى أكثر من 96% وفقا لتقديرات البنك الدولي لعام 2021، وذلك بزيادة قدرها 87% عما كانت عليه قبل أحداث يوليو/ تموز 2013. وارتفع الدين الخارجي لكي يتجاوز حاليا نحو 140 مليار دولار، بينما كان يصل إلى نحو 43 مليار دولار فقط، بعد أحداث 3 يوليو 2013 وتوابعها.

 

حلول وقتية
واعتبرت الورقة أن الحلول التي اتخذتها حكومة السيسي ستظل وقتية تؤخر من أجل الأزمة قليلا وقالت "دون إصلاح العيوب الهيكلية في الاقتصاد المصري والتركيز فقط على المعالجات المالية فإن الوضع سيبقى كما هو وستبقى مصر تعاني وعملتها ستزداد ضعفا وهشاشة بما يندر بارتفاع معدلات التضخم والفقر وهي عوامل قوية لتفكك المجتمع وانهياره ما لم يتم تدارك الأمر".
ومن الحلول التي أشارت إليها؛ إقرار حزمة تحفيز مالي طفيفة مقارنة بحجم التضخم وارتفاع الأسعار، ولجوء الانقلاب إلى  دول الخليج من أجل الحصول على مزيد من الدعم والمساندة؛ فوضعت المملكة العربية السعودية 5 مليارات دولار كوديعة في البنك المركزي المصري، وضخت قطر استثمارات نحو 5 مليارات أخرى ووضعت الإمارات يدها على عدد من الحصص الحكومية في عدد من المشروعات الناجحة مقابل ملياري دولار ولجأ الانقلاب لقرض جديد رابع من صندوق النقد الدولي بعدما حصل على أكثر من 20 مليارا خلال السنوات الست الماضية"

https://politicalstreet.org/5096/?fbclid=IwAR12c-uPSXNjZ6MOo7YdLFYXebYKXMUaP8GbZjawWwojWzbIUXMRmWXovqw